جاء الاتفاق السعودى ــ الإيرانى أكبر مفاجأة فى العلاقات الدولية فى عام ٢٠٢٣، خاصة لأمريكا وإسرائيل، فى وقت كان العالم يتحدث فيه عن ضربة عسكرية توجهها إسرائيل لإيران بدعم أمريكى، وكان هناك اعتقاد بأن دول الخليج قد تكون طرفا فى ذلك.. وجاء دور الصين فى هذا الاتفاق لكى يؤكد أن الدور الأمريكى لم يعد كما كان وأن الصين لن تكتفى بدورها الاقتصادى فى منطقة الخليج ولكنه تحول إلى نفوذ سياسى على حساب الدور الأمريكي.. كانت الصين قد مهدت لهذا الدور فى زيارات متبادلة بين كبار المسئولين فى الرياض وبكين، خاصة أمام احتياجات الصين للبترول السعودي.. هناك أطراف لن يسعدها هذا الاتفاق، فى مقدمتها أمريكا التى تركت الصين تخترق أهم مناطق نفوذها ومصالحها فى دول الخليج.. ولا شك أن إسرائيل لا تستطيع أن تواجه الصين على أى مستوى والشيء المؤكد أن إيران أكبر المستفيدين من هذا الاتفاق، فسوف يؤجل الملف النووى إلى حين وسوف يسهم فى تهدئة الوضع الداخلى والقوى الثائرة فى الشارع الإيراني.. وعلى مستوى العالم الإسلامى سوف يهدأ الصراع التاريخى بين السنة والشيعة، وسوف يضع الاتفاق السعودى ــ الإيرانى نهاية لهذه الصراعات القديمة.. سوف تهدأ مناطق كثيرة الآن فى لبنان واليمن والعراق وسوريا..لا أحد الآن يدرى ردود الأفعال فى إسرائيل وأمريكا، خاصة أن هناك دولة عظمى اسمها الصين كانت وراء هذا التحول الكبير، حتى لو كان ذلك على حساب مصالح ومستقبل أمريكا فى دول الخليج.. تبقى بعد ذلك أسئلة تصعب الإجابة عنها، أهمها عن مستقبل حزب الله فى لبنان والحوثيين فى اليمن والموقف فى سوريا والعراق، وقبل ذلك كله موقف المشروع النووى الإيرانى وهل تشارك الصين فى إتمامه؟ وما موقف روسيا النجم الساطع فى سماء السياسة الدولية فيما يجرى فى دول الخليج؟.لا شك أن الاتفاق السعودى ــ الإيرانى إنجاز سياسى كبير لكل من شارك فيه: السعودية وإيران والصين وسوف يعيد حسابات كثيرة ليس فقط فى السعودية وإيران والخليج ولكن فى العالم كله.
صحيفة الأهرام