تشير العديد من استطلاعات الرأي إلى أن تحالف المعارضة التركية، الذي رشح كمال كليتشدار أوغلو لمواجهة الرئيس رجب طيب أردوغان، في الانتخابات المقبلة، يمتلك حظوظاً غير مسبوقة للفوز بالانتخابات، في حال حافظ على تماسكه طوال الأسابيع المقبلة، التي تسبق الانتخابات المقررة في 14 مايو/أيار المقبل، وهي مهمة صعبة يشكك بها كثيرون.
لكن التحالف المكون من 6 أحزاب بتوجهات سياسية وأيديولوجية مختلفة أمام تحد كبير جداً للحفاظ على تماسكه وعدم الدخول في أي خلافات أو صدامات، بالإضافة إلى الشكوك، التي تتزايد حول آلية الحكم التي سيتمتع بها كليتشدار أوغلو في حال فوزه بالانتخابات، وهي تساؤلات تثير مخاوف شريحة من الناخبين، ويمكن أن تقلص فرصه بالفوز إذا ظهرت بالفعل خلافات حقيقية خلال الفترة المقبلة.
وبحسب الاتفاق الذي وقعه ما بات يعرف باسم “تحالف الطاولة السداسية”، فإن كليتشدار أوغلو وفي حال فوزه بالانتخابات سوف يعين قادة الأحزاب الخمسة الأخرى في منصب نائب الرئيس، إلى جانب إمكانية تعيين رئيسي بلديتي أنقرة وإسطنبول أيضاً نواباً للرئيس، وهو ما يعني أن الرئيس سيكون له 7 نواب على الأقل معظمهم من توجهات سياسية وأيديولوجية مختلفة وهو ما يصفه محللون بأنه “نموذج مشوه ومعقد للحكم”.
لكن الأهم ليس ما يتعلق بالتزام كليتشدار أوغلو بتعيين هذا العدد من النواب، وإنما الاتفاق الداخلي للتحالف الذي ينص على أن الرئيس سيكون ملزماً بالعودة لاستشارة رؤساء الأحزاب الخمسة الأخرى لاستصدار أي قرار هام سواء ما يتعلق بالسياسات الداخلية والخارجية وحتى ما يتعلق بحالة الحرب أو أي تعديلات جوهرية، وهو ما يعني أن إمكانية التوافق على قرارات هامة للدولة ستكون شبه مستحيلة، ما يشير إلى نظام حكم سيكون معقدا وبطيئا من حيث الإجراءات التنفيذية وسرعة اتخاذ القرار.
ويقول أنصار العدالة والتنمية إن اجبار الرئيس على العودة لجميع الأحزاب من أجل اتخاذ القرارات التي تتعلق بالعلاقات الخارجية والأمور المتعلقة بالأمن القومي سوف يتحول إلى تهديد على الأمن القومي التركي ويجعل من رئيس الجمهورية شخصية شكلية لا تتمتع بالقوة والقدرة على اتخاذ القرار بالوقت والسرعة والحرية المطلوبة وسيجعل من الرئيس أسيراً لتوجهات أحزاب بينها خلافات فكرية وسياسية وأيديولوجية مختلفة.
ويحذر أنصار الحزب الحاكم من أن فوز كليتشدار أوغلو سيدخل البلاد في أزمة، ويتوقع أن ترتكز الحملة الانتخابية للعدالة والتنمية والرئيس أردوغان على الدعاية المتعلقة بالتشكيك باستقلالية قرارات الرئيس المقبل، وهو ما قد يحد من حظوظ كليتشدار أوغلو التي تبدو قوية جداً حتى الآن.
وقبيل شهرين على موعد الانتخابات، يقف تحالف المعارضة أمام تحديات كبيرة، ولكن أهمها على الإطلاق سيكون الحفاظ على تماسكه لموعد الانتخابات وتجنب الوقوع في صدامات وخلافات علنية سوف يستغلها الحزب الحاكم وأردوغان.
ومع اقتراب موعد الانتخابات وتزايد اللقاءات التلفزيونية لقادة أحزاب تحالف المعارضة والخطابات الجماهرية سيكون قادة هذه الأحزاب أمام أسئلة مفصلية يمكن أن تكشف عن خلافات وتباين في وجهات النظر، وهو ما قد يظهر للعلن الخلافات ويجعل منها مادة مهمة لحملة أردوغان وتحالفه.
في المقابل، يسعى تحالف المعارضة للحفاظ على تماسكه والتأكيد على وحدته في تحقيق البرنامج السياسي، الذي جرى الاتفاق عليه، إذ يؤكد التحالف أنه قادر على الفوز والتوافق على الحكم بطريقة ديمقراطية وصولاً إلى إلغاء النظام الرئاسي والعودة إلى النظام البرلماني المعزز الذي بني عليه التحالف بدرجة أساسية.
القدس العربي