تركيا تستبق خسارة موسكو حرب أوكرانيا وتستعد لإحراق ورقة العلاقة مع روسيا

تركيا تستبق خسارة موسكو حرب أوكرانيا وتستعد لإحراق ورقة العلاقة مع روسيا

إسطنبول- قالت شركة صناعة الإلكترونيات العسكرية التركية العملاقة أسلسان في بيان إن “تركيا ربما لا تحتاج إلى صواريخ أس 400 من منظومة الدفاع الجوي الروسي لتدافع عن نفسها، فمعداتها المحلية تنمو بشكل متزايد لأداء هذا الدور”، في رسالة موجهة إلى ترضية الأميركيين الغاضبين من صفقة منظومة الصواريخ الروسية.

ويحمل هذا البيان مؤشرا على استدارة واضحة في مواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تجاه روسيا والرئيس فلاديمير بوتين الذي كان الرئيس التركي يصفه بالصديق والحليف. لكن يبدو أن أنقرة تتحرك نحو إذابة الجليد بينها وبين واشنطن تحسبا لخسارة موسكو حرب أوكرانيا وحتى لا تجد نفسها في وضع حرج.

وليس مفاجئا أن يلجأ أردوغان إلى حرق ورقة العلاقة مع روسيا وينقلب موقفه بشكل تام كما حصل في السابق مع عدة دول ناصبها العداء ثم تراجع وكال لقادتها المديح والشكر مثلما حصل مع الإمارات والسعودية، أو قلل من مبررات العداء السابق وأعطى الأولوية للمصالح التركية مثل ما هو الحال مع مصر.

◙ إدارة بايدن لا تتقبل مواقف أردوغان المتقلبة، ما يجعل العلاقة بين واشنطن وأنقرة محاطة بالشكوك حتى بعد التخلي عن أس 400

لكن نجاح الاستدارة تجاه الدول التي استهدفها أردوغان بحملاته وتصريحاته قد لا يتحقق مع الولايات المتحدة التي لم تعد تأمن جانب تركيا تحت حكمه، خاصة أن لجوءه إلى منظومة الصواريخ الروسية أس 400 كان يمثل خطرا على أمن حلف شمال الأطلسي (الناتو).

ويترتب على بيع صفقة الصواريخ الروسية وجود خبراء روس في تركيا وضباط أتراك يتدربون في روسيا، الأمر الذي يسهل انكشاف معطيات عسكرية متعلقة بحلف الناتو الذي تعد تركيا عضوا فاعلا فيه.

ويمكن أن يجد الرئيس التركي نفسه كذلك في مواجهة غضب موسكو في حال تخلى عن صفقة أس 400 وبحث عن استرضاء واشنطن. ولدى الروس أوراق ضغط كثيرة على أنقرة، من بينها أن بوتين حث على إنشاء مركز إقليمي للغاز يمر عبر الأراضي التركية، وهو الهدف الذي بحث عنه أردوغان طويلا ليجعل من بلاده حلقة وسطى في موضوع الغاز.

ويرى مراقبون أن صعوبة الاستدارة التركية باتجاه الولايات المتحدة لا تكمن فقط في أن واشنطن لم تتقبل الاستنجاد بسلاح من خارج الحلف وما يحمله من خطر الاختراق، وإنما تعود أيضا إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن لم تتقبل مواقف الرئيس التركي المتقلبة وأسلوب التحدي الذي لا يقرأ حسابا للعواقب، ما يجعل العلاقة المستقبلية بين واشنطن وأنقرة مبنية على الشكوك.

وغامر الرئيس التركي في 2019 بطلب الحصول على منظومة الصواريخ الروسية ضمن سياق سياسي كان يحرص فيه على استرضاء بوتين، في علاقة بالتطورات الميدانية في سوريا. وبدورها ردت الولايات المتحدة -بشكل حازم- بأن تركيا لا يمكنها امتلاك منظومة أس 400 وطائرات مقاتلة أميركية من طراز أف 35 في الوقت نفسه، لتخسر أنقرة فرصة الحصول على الطائرة الأكثر تطورا في العالم.

وردّاً على تسليم أوّل بطّارية روسية لأنقرة، علّقت الولايات المتحدة مشاركة تركيا في برنامج تصنيع طائرات أف 35، معتبرة أنّ منظومة أس 400 يمكن أن تتسبّب في كشف أسرارها التكنولوجية. وكان الجيش التركي طلب شراء أكثر من 100 طائرة أف 35.

وقابل أردوغان الموقف الأميركي الرافض للجمع بين الصواريخ الروسية والمقاتلات الأميركية بالمكابرة، حيث قال في أحد تصريحاته إنه أبلغ بايدن بثبات موقف تركيا من قضيتي طائرات أف 35 ومنظومة أس 400.

وأضاف “فيما يخص منظومة أس 400، طلبنا منكم منظومات باتريوت ورفضتم بيعها لنا، بل قمتم بسحب المنظومات المنتشرة في قواعدنا العسكرية، وبالتالي لم يكن لدينا خيار سوى البحث عن حلول بأنفسنا”.

وتحاول تركيا أن تغلف انسحابها المتوقع من صفقة الصواريخ الروسية بالحديث عن الاعتماد على الذات.

ونقلت وكالة بلومبيرغ عن هالوك جورجون، رئيس شركة أسلسان، قوله إن تركيا تعمل على تطوير مشاريعها الخاصة بنظام الدفاع الصاروخي سايبر الذي أصاب أهدافا على مدى 100 كيلومتر في الاختبارات.

وقال جورجون في تعليقات نشرتها صحيفة ميليت الثلاثاء “نقوم بتصنيع أنظمة دفاع جوي، ولسنا في حاجة إلى صواريخ أس 300 أو أس 400… سنلغي الاحتياج إليها وهذا هو واجبنا”.

يشار إلى أن شركة أسلسان تشارك في معظم المشاريع الخاصة بتطوير أنظمة الدفاع التركية الطموحة، من الطائرات دون طيار إلى المقاتلات والسفن الحربية.

العرب