أثار إقرار “الكوتا المسيحية” في قانون الانتخابات المحلية العراقية التي من المقرر تنظيمها في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حفيظة ممثلي المسيحيين في البرلمان العراقي وإعلانهم الطعن بها لكونها بحسب تعبيرهم، تحد من إرادة المكون المسيحي في اختياره ممثليه.
واتفقت الكتل السياسية الكبيرة في مجلس النواب على جعل “الكوتا المسيحية” تتكون من منطقتين، الأولى في إقليم كردستان، والثانية في باقي أنحاء العراق، بعد أن كانت “الكوتا المسيحية” دائرة واحدة تشمل العراق بكامله، حيث يمكن التصويت للمرشحين المسيحيين من أي محافظة عراقية.
اتهامات للمالكي وبارزاني
واعتبر نواب المكون المسيحي في البرلمان العراقي، أن قانون الانتخابات الجديد يمهد الطريق للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني للاستحواذ على مقعدين من مقاعد المكون المسيحي. وذكر بيان للنواب المسيحيين في البرلمان العراقي أن رئيس “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي “مارس الغدر السياسي بحق المسيحيين”، متوعدين بمقاضاة بارزاني والمالكي لاسترجاع حقوق أبناء مكونهم. وأضاف البيان أن “قيادات ضمن الإطار التنسيقي رفضت قانون الانتخابات، الذي يخالف إرادة المرجعية… وسنجعل من القانون حكماً بيننا وبين المالكي والبارزاني”، محذرين من التلاعب بوجود المكون المسيحي .
ويتبع النواب المسيحيون لحركة “بابليون” التي يتزعمها ريان الكلداني الذي لديه فصيل مسلح وهو من الشخصيات المقربة من “الإطار التنسيقي”.
“توافق الكبار”
واعتبرت “الحركة الديمقراطية الآشورية” وهي إحدى الحركات السياسية المسيحية في العراق أن “تعديل القانون تم تشريعه بمنهجية تتفق مع مصلحة بعض الكتل السياسية المهيمنة”، معتبرة أن “بعض قيادات الإطار بالاتفاق مع كتل من إقليم كردستان أصرت على عدم احترام إرادة المكون المسيحي”. وذكر بيان للحركة أن “هذه الكتل تجاهلت المنهجية التي تحقق العدل والشفافية والإنصاف واحترام إرادة الناخب، من خلال تبني القانون وفق نظام سانت ليغو لضمان إقصاء الكيانات السياسية الناشئة والمرشحين المستقلين ممن يرغبون بالترشح منفردين”، مبيناً أن “القانون ضد توجيهات المرجعية ومطالب الجماهير المنتفضة في احتجاجات تشرين”.
ضياع حقوق المسيحيين
ورأى بيان “الحركة الديمقراطية الآشورية” أن “القانون ألغى الحق الدستوري للمواطن العراقي في المهجر أو الاغتراب، وصادر حق المهجرين قسراً قبل عام 2013 في الداخل ومنعهم من التصويت في مناطق استقرارهم الجديدة”، عاداً القانون “مصادرة لإرادة المكون المسيحي في انتخاب ممثليه الشرعيين لمقاعد الكوتا سواء في مجلس النواب أو مجالس المحافظات والأقضية وألغى مقعد مجلس محافظة كركوك أيضاً”.
وغادرت أعداد كبيرة من المسيحيين بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 وهُجِّرت أعداد كبيرة منهم بعد احتلال تنظيم “داعش” لمحافظة نينوى، حيث يتركز الوجود المسيحي، وانتقل قسم كبير منهم إلى خارج العراق فيما استقر قسم آخر في مدن إقليم كردستان وخصوصاً أربيل.
وتعد منطقة سهل نينوى شمال العراق، الموطن الأكبر لوجود المسيحيين في ذلك البلد، إذ تضم أقدم الكنائس والأديرة في منطقة الشرق الأوسط.
وتابعت الحركة أن “هذه المنهجية تؤشر على عدم احترام إرادة ممثلي المكون من المرجعيات الدينية والسياسية، لكون أغلب رؤساء الطوائف المسيحية ورؤساء الأبرشيات من البطاركة والمطارنة ومعظم الأحزاب السياسية الكلدانية السريانية الآشورية طالبوا بحصر التصويت لمقاعد الكوتا بناخبي المكون من خلال سجل خاص بهم، التزاماً بالمعايير الدولية كما يجري في دول الجوار ودول أوروبية”.
ويقدر عدد المسيحيين في العراق حالياً بنحو 300 ألف شخص، من مجموع مليون ونصف مليون مسيحي كانوا يعيشون فيه قبل الغزو الأميركي في عام 2003.
من جهته، دعا النائب العراقي المسيحي السابق، يونادم كنا، إلى “تنظيم سجل خاص للمسيحيين لانتخاب ممثليهم كما هي الحال في بعض الدول”، محذراً من الطعن بالقانون. وأضاف أن “مطلب المرجعيات الدينية والسياسية المسيحية هو أن يتم التصويت وفق المعايير الدولية كما في رومانيا وكرواتيا والأردن من خلال انتخاب أصحاب المكون ممثليهم”، مبيناً أن “الإخوان الذين حصلوا على مقاعد في البرلمان وفق أصوات النجف وكربلاء وبابل والبصرة لا يريدون أن يكون هناك سجل للمسيحيين”. واعتبر أن “معايير الإطار هي سرقة مقاعد المسيحيين بأصوات آخرين من خارج المكون وسنطعن أمام المحكمة الاتحادية لتعديل المسار وسنتبع كل أساليب الضغط الممكنة من أجل احترام إرادة المكون”.
الوضع أفضل
في المقابل، رأى النائب الكردي عن الحزب “الديمقراطي الكردستاني” ماجد شنكالي أن “القانون الحالي أفضل من سابقه كونه قسم العراق إلى دائرتين، دائرة تضم الإقليم والأخرى بقية أنحاء العراق”.
وقال شنكالي، إنه “من الضروري أن يكون هناك دائرة في كل محافظة وأن يكون هناك سجل الناخبين للمسيحيين”، مبيناً أن “ما يحدث حالياً هو أن المسيحيين في جنوب العراق أو أربيل أو دهوك لديهم أصوات ناخبين أعلى من المحافظات الممثلة للمسيحيين، وهذا لا يعد ممثلاً حقيقياً عن المحافظة التي فاز عنها”.
الطعن بالقانون
من ناحية ثانية، اعتبر الخبير القانون علي التميمي أن “القانون غير محصن من الطعن، ومن الممكن الطعن به إذا ما تم تقديم الأسانيد والأدلة الكافية”. وقال التميمي إن “قانون الانتخابات التشريعية ومجالس المحافظات سيكون نافذاً بعد 15 يوماً، عند نشره بجريدة الوقائع العراقية”، مبيناً أن “الطعن به ممكن خصوصاً في بعض الجوانب اذا ما اعتمدت أسانيد وأدلة”. وأضاف التميمي أن “طريقة سانت ليغو ربما تخالف المواد 14 و15 و21 من الدستور العراقي”، مشيراً إلى أن “المحكمة تستقبل كل الطعون المقدمة وتبحث في الأسباب وننتظر هذه الطعون ونتائجها”.
وأقر مجلس النواب العراقي تعديل قانون الانتخابات في 27 مارس (آذار) الحالي بحضور 189 نائباً، وتم التصويت على اعتماد القاسم الانتخابي (1.7) من نظام “سانت ليغو” المعدل، وسط اعتراضات النواب المستقلين، في ما هددت “حركة امتداد” (التابعة لحراك تشرين) بتقديم دعوى إلى المحكمة الاتحادية للطعن بالقرارات.
اندبندت عربي