ما الذي قد يؤثر سلباً في مسار الاتفاق السعودي – الإيراني؟

ما الذي قد يؤثر سلباً في مسار الاتفاق السعودي – الإيراني؟

بعد توقيع الاتفاق السعودي – الإيراني الشهر الماضي، تمضي الرياض وطهران في طريق تنفيذ خطواته، إذ تعمل كل منهما على إعادة فتح سفارتيهما بعد عقد اجتماع لوزيري خارجية البلدين.

وتبدو أهمية الاتفاق لأن العلاقات بين الجانبين ستنعكس على الاستقرار الإقليمي، وشكل التفاعلات بين دول الإقليم وبعضها بعضاً، وبينها  والقوى الدولية، وحتى على علاقات القوى الدولية بمساحات تأثيرهم في الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة. ومن ثم تتعدد الفواعل الإقليمية والدولية المرتبطة بمسار الاتفاق، كما هناك بعض العوامل التي تؤثر في بيئة عمل الاتفاق.

من جهة، صعدت الولايات المتحدة وإيران ضد بعضهما في سوريا عبر استهداف مواقع إيرانية وأخرى أميركية، ومنذ أيام أرسلت البحرية الأميركية غواصة صاروخية موجهة إلى الشرق الأوسط وسط التوترات الإيرانية التي اندلعت بين طهران وواشنطن وتل أبيب.

وجاء استعراض القوة الأميركي مع تمديد “البنتاغون” نشر حاملات الطائرات في أعقاب الهجوم الذي شنته ميليشيات مدعومة من إيران الشهر الماضي على أميركيين في سوريا، ونشرت البحرية الأميركية غواصة تعمل بالطاقة النووية قادرة على حمل 154 صاروخاً من طراز “توماهوك كروز” إلى مياه الشرق الأوسط عبر قناة السويس.

وقال المتحدث باسم الأسطول الخامس للبحرية الأميركية تيم هوكينز إن حاملة الطائرات تصل إلى الشرق الأوسط للمساعدة في ضمان الأمن والاستقرار البحري الإقليمي.

ربما جاء نشر حاملة الطائرات تحسباً لهجوم بحري محتمل على سفن تجارية مرتبطة بإسرائيل رداً على الضربات الجوية الإسرائيلية في سوريا الشهر الماضي التي أسفرت عن مقتل ضابطين إيرانيين في الحرس الثوري.

يمكن أن يفهم استعراض القوة الأميركي في إطارين، الأول مرتبط بالتوترات بين واشنطن وطهران واستهداف الطرفين في سوريا، والآخر استعراض للوجود الأميركي في الشرق الأوسط وأن واشنطن ما زال لها دور في أمن المنطقة حتى لو دخلت أطراف أخرى كالصين في مساحات النفوذ الأميركي.

ومن العوامل الإقليمية التي ربما تلعب دوراً سلبياً في بيئة عمل الاتفاق السعودي- الإيراني إسرائيل في ظل حكومة بنيامين نتنياهو، إذ تحطم حلم نتنياهو بتحالف إقليمي بقيادة تل أبيب مع الدول العربية ضد طهران.

وعقد نتنياهو مؤتمراً منذ أيام قليلة بعد الاشتباكات الداخلية التي شهدتها إسرائيل نتيجة اقتحام الشرطة المسجد الأقصى، قال خلاله إن الحلم الذي لطالما راود أعداء إسرائيل بتشكيل جبهة موحدة ضد الدولة الواقعة في الشرق الأوسط يتحقق مع قيام مسلحين في قطاع غزة ولبنان وسوريا بإطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية في الأيام الأخيرة.

تصريح نتنياهو يشير ليس إلى اصطفاف الفاعلين المرتبطين بإيران، لكنه يعكس تقديرات إسرائيلية عن عزلة دبلوماسية لتل أبيب بفعل سياسات حكومته اليمينية، ربما يدفعه ذلك من أجل توحيد الجبهة الداخلية إلى مزيد من التصعيد مع الميليشيات في العراق وسوريا ولبنان، وما لم تعمل إيران على ضبط النفس ستنزلق المنطقة مرة أخرى إلى توترات أمنية.

ليست العوامل الإقليمية فقط هي التي ربما تؤثر سلباً في الاتفاق الإيراني – السعودي، هناك أيضاً عوامل داخلية مرتبطة بإيران، حيث يمثل أهم هذه التحديات الوضع الاقتصادي، وذلك من جهتين، الأولى ترتبط بالعقوبات الأميركية على الشركات التي لها علاقات مع البنوك الأميركية، ومن جهة أخرى، هل يمكن للقوى الداخلية في إيران فتح المجال أمام هذه الاستثمارات، لا سيما أن هناك شبكات مصالح تجذرت علاقاتها ومصالحها بما يتماشى مع غياب الانفتاح الاقتصادي والاستثمارات الأجنبية، ومن ثم هذا تحد يطرح نفسه للمراقبة الفترة المقبلة.

أما الملف النووي الإيراني، فربما يلعب هو الآخر دوراً سلبياً في حال استمر تعثر المفاوضات حول القدرات النووية لإيران مع القوى الغربية واستمرت طهران في سياستها المتأرجحة ما بين التعتيم والتفتيش في ما يخص الوكالة الدولية للطاقة الذرية. التخوف يأتي من انطلاق سباق التسلح في الإقليم على خلفية حال عدم اليقين والتطمينات في ما يخص البرنامج النووي الإيراني. ومن ثم فربما يكون خلق قناة دبلوماسية جديدة في شأن برنامج إيران النووي برعاية بكين معنية بمعالجة المخاوف الإقليمية حياله من بين النجاحات التي تحسب للاتفاق السعودي – الإيراني.

اندبندت عربي