“علوي “هذا هو عنوان منشور لكلمة مصورة بثها على تويتر كليشتدار أوغلو زعيم المعارضة التركي، والمرشح لانتخابات الرئاسة أمام الطيب رجب أردوغان رئيس حزب العدالة ذي الجذور الإسلامية. ليس سراً إن كليشتدار أوغلو ينتمي لأتراك الأناضول العلويين، لكنه أراد بهذه الكلمة المصورة تحفيز قاعدة حزبه وتحالفه الجماهيرية، التي يمثل العلويون كتلة أساسية فيها، سواء كانوا من علويي الأناضول الأتراك البكتاشية، أو العلويين الأكراد، أو حتى العلويين ذوي الأصول العربية في لواء الإسكندرون، المتصلين بعلويي سوريا الذين يحكمون دمشق منذ عقود، رغم كونهم أقلية سكانية ويختلف مذهبهم في كثير من الجزئيات عن علويي الأتراك، ولكنهم يتفقون سياسيا حول مكانة أهل البيت المركزية ورمزية الإمام علي، والموقف السلبي من الدول الإسلامية السنية عبر التاريخ، خصوصا الأمويين.
إن فاز أردوغان بالرئاسة فإن هذا يعني دخول البلاد في أزمة بسبب وجود حكومة من المعارضة غير منسجمة مع رئيس البلاد في نظام رئاسي
يقول كليشتدار أوغلو في كلمته، إنه إذا تم انتخابه فلن نتحدث لاحقا عن التمييز والاختلاف، بل سنتحدث عن شراكاتنا وأحلامنا المشتركة، وقد حصد الفيديو مشاهدات ضخمة وصلت لنحو 60 مليونا على تويتر، ووسائل التواصل الأخرى. يهاجم أوغلو في كلمته أيضا منافسه الرئيس أردوغان ويقول، إن سلطته تعارض العلويين، من دون أن يأتي بدلائل واضحة على ذلك، وهو ما يلقي أجواء من التوتر المذهبي في تركيا، خصوصا أن العديد من المواجهات حصلت ضد العلويين في تركيا حديثا وقديما، ولعل موقفه الأكثر صراحة كان عندما هاجم الحكومة التركية عقب إطلاقها اسم السلطان سليم على جسر البوسفور الجديد، مذكرا بالصورة العدائية التي تحتفظ بها ذاكرة العلويين ضد السلطان سليم المتهم بقمع واضطهاد العلويين في حلب والإسكندرون.
يشير البروفيسور المساعد في جامعة بروكلين لوي فيشمان إلى ذلك في تعليق له على ردود الفعل المتشنجة من البعض، التي رافقت كلمة أوغلو التي تحدث فيها عن علويته، ويقول إن الكراهية للعلويين والطوائف الإسلامية غير التقليدية الأخرى، عميقة بين البعض، وينشر تعليقا كتبه أحد القراء على كلمة أوغلو يتحدث فيها عن ذكرى السلطان سليم، يقول فيشمان «هذه الكراهية أمر مروع»، واصفا إياه بأنه تصيد تاريخي للضحايا، «قبيح ومؤلم لأي شخص يدرس التاريخ». ولكن هل يصبح كليشتدار العلوي رئيس الجمهورية بعد الانتخابات التركية المقبلة؟ تشير الإحصاءات واستفتاءات الرأي إلى أن فرصته كبيرة، لكنها غير مرجحة، كما هي فرصة حزبه وتحالفه المعارض، الكبيرة جدا بالفوز بالانتخابات، بسبب التقارب الكبير بينه وبين أردوغان في استفتاءات الرأي، لكن في ما يتعلق بانتخابات البرلمان فإن تحالف المعارضة بقيادة الحزب الجمهوري الذي يتزعمه كليتشدار أوغلو يملك الفرصة الأكبر للفوز بأغلبية البرلمان والحصول على نسبة النصف زائد واحد اللازمة لتشكيل الحكومة التركية، وهذا يعود لدعم كتلتين صلبتين انتخابيتين للمعارضة وهما، العلويون والأكراد، فكما لعب الأكراد دور بيضة القبان في انتخابات إسطنبول ومنحوا الفوز للمعارضة، فإن المسار الحالي لمواقفهم وقياداتهم الحزبية يشير إلى أنهم سيرجحون كفة المعارضة في انتخابات البرلمان، ويعود ذلك تحديدا لانكفاء معظم الجزء الإسلامي المحافظ من كتلة الأكراد التي تبلغ من 10% إلى 13% من المصوتين، وتبديل وجهة أصواتهم من حزب العدالة بقيادة أردوغان الى المعارضة، خصوصا عندما ضمت المعارضة حزبا إسلاميا هو «حزب السعادة» المنبثق من حركة أبو الإسلام السياسي التركي نجم الدين أربكان، وهكذا فإن البرلمان سيكون غالبا للمعارضة، والرئاسة ما زالت متأرجحة، لكن إن فاز أردوغان بالرئاسة فإن هذا يعني دخول البلاد في أزمة بسبب وجود حكومة من المعارضة غير منسجمة مع رئيس البلاد في نظام رئاسي، أما فوز كليشتدار أوغلو فسيعني أن دولة شرق أوسطية سادسة بات رئيسها من الطوائف الشيعية وشقيقاتها العلوية، بعد إيران والعراق وسوريا ولبنان وكذلك اليمن.
القدس العربي