واشنطن- فور الإعلان عن نجاح وحدة من القوات الخاصة في إجلاء موظفي السفارة الأميركية بالخرطوم مساء أمس الأول إلى خارج السودان، وإغلاق واشنطن لمقر بعثتها الدبلوماسية في السودان إلى أجل غير مسمى، صدرت تباعا 3 بيانات منفصلة عن هذا الحدث؛ من البيت الأبيض أولا، تبعه بيان من وزارة الخارجية ثم بيان من وزارة الدفاع.
يستدعى صدور 3 بيانات مستقلة طرح سؤال عمن يُدير سياسة واشنطن تجاه الأزمة السودانية الجارية حاليا، والتي دخلت أسبوعها الثاني من القتال المستمر بين قوات الجيش السوداني بزعامة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان “حميدتي”.
بعد بدء القتال، تحدث وزير الخارجية توني بلينكن مع طرفي النزاع في السودان، البرهان وحميدتي، وأعقب ذلك محادثة مماثلة أجراها رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي، في حين لم يتواصل البيت الأبيض مع طرفي النزاع حتى الآن بصورة علنية.
وتلعب وزارتا الخارجية والدفاع دورا رئيسا دبلوماسيا وعسكريا في سياسة واشنطن ومواقفها تجاه القضايا المهمة التي تواجه الولايات المتحدة، إلا أن القول الفصل يبقى بيد رئيس الجمهورية جو بايدن وكبار مساعديه بمجلس الأمن القومي.
ويلعب مجلس الأمن القومي دورا رائدا في تحديد معايير السياسة الخارجية للرئيس، كما أن وزارة الخارجية مسؤولة عن ضمان تنفيذها اليومي، إلا أن طبيعة الأزمات الخارجية تدفع بدور أكبر لوزارة على حساب وزارة أخرى، وتعد أوكرانيا نموذجا لبروز دور وزارة الدفاع على حساب وزارة الخارجية.
ومن جانبها، أنشأت وزارة الخارجية فرقة عمل خاصة للتعامل مع الأزمة في السودان، حسب ما أكد المتحدث باسمها يوم الأربعاء الماضي. وقال المتحدث إن وزارة الخارجية أنشأت فرقة عمل للصراع العسكري السوداني للإشراف على تخطيط الوزارة وإدارتها ولوجستياتها المتعلقة بالأحداث في السودان.
وبعد إتمام عملية الإجلاء، جاء في بيان البيت الأبيض الصادر باسم الرئيس جو بايدن “نفذ الجيش الأميركي اليوم، بناء على أوامر مني، عملية لإخراج العاملين بالحكومة الأميركية من الخرطوم. أنا فخور بالالتزام الاستثنائي لموظفي سفارتنا الذين أدوا واجباتهم بشجاعة واحتراف وجسدوا صداقة أميركا وتواصلها مع شعب السودان”.
“أنا ممتن للمهارة الفريدة التي أظهرها أفراد الجيش الذين نجحوا في نقل الموظفين الحكوميين وعائلاتهم إلى بر الأمان. وأشكر جيبوتي وإثيوبيا والسعودية، فقد كانت مساعدتها حاسمة لنجاح عمليتنا”.
أما وزارة الخارجية الأميركية فقد تضمن بيانها الصادر باسم الوزير بلينكن ما يلي:
“أوقفت وزارة الخارجية مؤقتا العمليات في سفارتنا في الخرطوم بالسودان، بينما أجلت بأمان جميع الأفراد الأميركيين وعائلاتهم ممن تحت مسؤوليتنا الأمنية”.
“إن قرار تعليق العمليات في أي سفارة هو دائما قرار صعب، غير أن سلامة موظفينا هي من أولى مسؤولياتي، وعليه فقد وجهت باتخاذ هذا الإجراء المؤقت بسبب المخاطر الأمنية الجسيمة والمتنامية التي نجمت عن الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع”.
“تسبب القتال الواسع في وقوع أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من المدنيين، وألحق أضرارا بالبنية التحتية الأساسية، وشكل خطرا غير مقبول على موظفي سفارتنا. إنني أحيي مهارة ومهنية فريقنا على الأرض والقوات العسكرية والجهات الحكومية الأميركية الأخرى التي سهّلت تنفيذ مهمة الإجلاء هذه”.
أما بيان وزارة الدفاع الذي صدر باسم وزير الدفاع الجنرال لويد أوستن فركز على الجانب العملياتي المتعلق بإجلاء العاملين الأميركيين من سفارتها بالخرطوم، وجاء فيه “قام الجيش الأميركي بنجاح اليوم وبناء على توجيهات الرئيس بإجراء عملية إجلاء آمن لكل الموظفين الحكوميين الأميركيين من السودان”.
“تولت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) قيادة هذه العملية وإجراءها بالتنسيق الوثيق مع وزارة الخارجية الأميركية، وذلك يبين دعم وزارة الدفاع لموظفي دولتنا الدبلوماسيين”.
“أنا فخور بأفراد خدمتنا المميزين الذين نفذوا هذه العملية ودعموها بدقة وحرفية فائقة، كما نشكر الحلفاء والشركاء الذين كانوا حاسمين لنجاح هذه العملية، بما فيهم جيبوتي وإثيوبيا والمملكة العربية السعودية”.
5 شخصيات رئيسة
يقع الملف السوداني ضمن نطاق الإدارة الأفريقية سواء في وزارة الخارجية أو في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض أو في وزارة الدفاع، إذ إنها تخضع للقيادة الأفريقية وليس للقيادة الوسطى المعنية بالشرق الأوسط.
وفي هذه المؤسسات الثلاث، يبرز دور 5 شخصيات تشرف على القطاعات الأفريقية بإدارة الرئيس بايدن على النحو الآتي:
جود دبفيرمونت، مدير الشؤون الأفريقية بمجلس الأمن القومي المساعد للرئيس بايدن، (مستشار بايدن للشؤون الأفريقية)، الذي سبق له العمل على مدى سنوات طويلة محللا استخباراتيا للشؤون الأفريقية بوكالة الاستخبارات المركزية (CIA).
السفيرة مولي في، مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، وهي دبلوماسية محترفة، وشغلت منصب سفيرة الولايات المتحدة في جنوب السودان من 2015 حتى2017، كما شغلت سابقا منصب نائبة السفير في أديس أبابا بإثيوبيا ومنصب كبيرة موظفي مكتب المبعوث الخاص للسودان وجنوب السودان، وعملت في سفارات بلادها في مصر والكويت.
جون جودفري السفير الأميركي لدى الخرطوم، وهو دبلوماسي محترف، شغل من قبل منصب القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب والمبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة داعش، وقبل ذلك شغل منصب النائب الرئيسي للمنسق، وقبل ذلك نائب منسق الشؤون الإقليمية والمتعددة الأطراف في مكتب مكافحة الإرهاب.
الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) التابعة لوزارة الدفاع البنتاغون، وهي القيادة المسؤولة عن جميع العمليات والأنشطة العسكرية الأميركية لحماية المصالح الوطنية في أفريقيا وتعزيزها، وسبق للجنرال العمل في قواعد أميركية عسكرية في اليابان وأفغانستان.
شيدي بلايدن، نائبة مساعد وزير الدفاع للشؤون الأفريقية، وهي خبيرة ومستشارة اجتماعية وثقافية في قضايا الصراع والأمن والتنمية في أفريقيا، وسبق أن عملت بلادين في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما مساعدة خاصة لنائب مساعد وزير الدفاع للشؤون الأفريقية من 2013 إلى 2017.
إلى جانب ما سبق، تضطلع وكالة الاستخبارات المركزية بدور غير علني في ما يجري بالسودان سواء في القيام بأعمال الاستخبارات التقليدية، أو متابعة ما يقال عن نفوذ شركة فاغنر شبه العسكرية الروسية داخل السودان.
المصدر : الجزيرة