اتفق ضيوف حلقة برنامج “ما وراء الخبر” على أن التأثير المتوقع للمجتمع الدولي على الصراع الدائر في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع محدود، وأن الأوراق المتوفرة لممارسة أي ضغوط على طرفي الصراع قليلة وغير مؤثرة.
وفي حلقة البرنامج (2023/4/24)، قال الدكتور عبد الحميد صيام، وهو متحدث سابق باسم الأمم المتحدة وخبير في شؤونها، إن قدرة المجتمع الدولي على التأثير في الصراع ضئيلة، وإن أغلب الدول لا تأثير لها على طرفي الصراع في السودان، وإن أصدرت تصريحات تتعلق بالأحداث الجارية فيه.
يأتي ذلك على خلفية تصريح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بأن دول الاتحاد ستواصل الدفع من أجل تسوية سياسية للصراع الجاري في السودان، رغم إجلاء الدبلوماسيين والمواطنين الأوروبيين منه، وإشارته إلى أن الاتحاد يجري اتصالات بطرفي النزاع سعيا لإيقاف إطلاق النار.
وتابع صيام بأن “هناك دولا محددة لها دور في الوضع السوداني، خاصة دول الخليج، وحتى هذه الدول التي لها علاقات مميزة مع الطرفين أو أحدهما، إمكانياتها في هذه المرحلة للضغط على الطرفين تكاد تكون معدومة، لأن كل طرف قرر الانتصار عسكريا على الآخر”.
وأشار في هذا السياق إلى أن الحسم العسكري غير وارد في هذه المرحلة، كون القتال يجري داخل المدن والأحياء، وفي ظل وجود تدفقات للسلاح، مضيفا: “من يعتقد أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو يمكن هزيمته بسرعة مخطئ، خاصة بعد الكشف عما لديه من أسلحة، ويبدو أنه كان يستعد لهذه المواجهة”.
دليل شؤم
واعتبر صيام أن الجهود الحالية المنصبة على إجلاء المدنيين، وما تقوم به الدول في هذا السياق، دليل شؤم بأن المواجهات ستستمر، وأنه ربما يتكرر سيناريو جنوب السودان بين سلفاكير ومشار، حيث استمرت المواجهات سنتين أو أكثر، وهذا ما لا يمكن أن يتحمله السودان في ظل تدهور أوضاعه الإنسانية بشكل كبير.
ومع اتفاقه على محدودية التأثير الخارجي في الصراع الدائر، يرى الكاتب والباحث السياسي السوداني محمد تورشين، أن الاتحاد الأوروبي هو الأكثر حرصا على أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه من قبل، والوصول إلى استقرار نسبي يساعد على إحكام السيطرة خوفا من تدفقات اللاجئين، وأن يكون السودان معبرا للإرهابيين.
وبشأن موقف الولايات المتحدة، يرى تورشين أن تحركها له ارتباط وثيق بدور فاغنر الروسية في المشهد، مشيرا في هذا السياق إلى تصريح لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تحدث فيه عن قلق بلاده من وجود فاغنر في المعادلة.
ومع إشارته إلى وجود ضغوط على طرفي الصراع من قبل الطرف الأميركي لإيقاف القتال، إلا أن الكاتب السوداني يرجح أن واشنطن صاحبة الكعب العالي في المشهد، “تتريث قليلا” قبل أن تصدر موقفا نهائيا بشأن الوضع في السودان.
ويرى في حديثه لـ”ما وراء الخبر” أن موقف المجتمع الدولي مرتبط بما سيصدر عن مجلس الأمن الدولي في الجلسة المزمع انعقادها غدا الثلاثاء، مستبعدا إمكانية التعويل على “التقاطعات والتجاذبات الدولية في فرض واقع سلمي أو تسوية سياسية في السودان”.
اختلاف ومبادرة
لكن تورشين، في الوقت ذاته، رصد فيما يصدر مؤخرا عن الطرفين، اختلافا عما كان عليه من تصعيد واضح في بداية المواجهات، حيث يرى قدرا من المرونة وحضورا للحديث عن الحاجة لوجود تفاهمات توصل إلى إيقاف القتال.
وفي هذا السياق، أشار إلى وجود مبادرة لم تتأكد بعد، تتبنى ترتيب لقاء لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان مع حميدتي في الرياض، وأن هذه المبادرة مدعومة من قبل دول خليجية وأوروبية فضلا عن الأمم المتحدة، وذلك في محاولة للتوصل إلى تلك التفاهمات.
فيما يرى السفير جيمس موران، مستشار شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السابق في دائرة العمل الخارجي للاتحاد الأوروبي، أن الأولوية القصوى للجانب الأوروبي، كانت سلامة دبلوماسييه ومواطنيه، فيما يأتي لاحقا لذلك الضغط على طرفي النزاع من أجل الجلوس على طاولة المباحثات لإيقاف هذا النزاع المدمر.
واتفق السفير الأوروبي مع الضيفين الآخرين لبرنامج “ما وراء الخبر”، على محدودية التأثير على طرفي النزاع، لافتا إلى أن “الأوراق محدودة جدا” لدى الاتحاد الأوروبي، حيث سبق وأن فرضت عقوبات على السودان منذ أزمة دارفور، ولم تعد هناك عقوبات أخرى يمكن فرضها.
وفي سياق تبريره ضعف التأثير في السودان، قال موران، إن الحديث هنا يتعلق بفصيلين مدججين بالسلاح، ومن ثم لا بد في البداية من الحرص على عدم توفير أسلحة لأي منهما من أطراف خارجية، مشيرا في هذا السياق إلى التقارير التي تتحدث عن دعم من قِبَل “فاغنر” الروسية لقوات حميدتي.
المصدر : الجزيرة