حسب موقع «إيران برس» فإن ثلاثا من دول الخليج العربي، وهي السعودية والإمارات وعُمان، تتباحث مع إيران «لتشكيل قوة بحرية مشتركة هدفها العمل لضمان أمن الخليج» وحسب الموقع الإيراني فإن تلك المشاورات بدأت بالتنسيق مع الصين.
يأتي ذلك بعد إعلان لافت من أبو ظبي، عن انسحابها، من «القوة البحرية الموحدة» وهي تجمع مقرّه في البحرين ويضم فرقا من 34 دولة، تقع في رأسها الولايات المتحدة يعمل على «ضمان الأمن ومكافحة الإرهاب والقرصنة في البحر الأحمر والخليج العربي».
حسب صحيفة «وول ستريت جورنال» فإن قرار الإمارات الآنف كان نتيجة شعور قادتها «بالإحباط من عدم وجود رد أمريكي على استيلاء إيران لناقلات نفط في 27 نيسان/ ابريل و3 أيار/ مايو الماضيين».
يجيء الخبر أيضا بعد الحدث الذي فاجأ العالم أيضا، عبر إعلان السعودية وإيران في آذار/ مارس الماضي عن اتفاق مصالحة بينهما، كان أيضا «برعاية صينية» وهي واقعة اعتبرت رافعة محتملة لتغييرات سياسية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط.
اتخذت السعودية، منذ أن أصبح ولي العهد محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للبلاد، نموذجا اقتصاديا ـ سياسيا مشابها للإمارات، يتم التركيز فيه على المشاريع الكبرى والقضايا الاقتصادية والتنموية، وهو خيار تبدى شديد الصعوبة في وجود ظرف مثل حرب اليمن، التي شكّلت تهديدا كبيرا للاستقرار العسكري والاقتصادي في السعودية، كما أنها هدّدت، في بعض الأحيان الإمارات نفسها.
يتعارض ذلك أيضا مع حالة التصعيد المستمرة مع إيران، التي استمرت، رغم وقوعها تحت عقوبات دولية وعزلة دبلوماسية، في كشف قدرتها على تهديد خطوط الملاحة الخليجية، عبر استهداف الناقلات، ومواجهة السفن الحربية الأمريكية والغربية، إضافة إلى تأثيرها عبر الحوثيين في اليمن، ووجودها الكبير في العراق، بما في ذلك دعمها لميليشيات جاهزة عند الطلب لتهديد خطوط السياسة والاقتصاد في المنطقة، من دون تجاهل نفوذها الكبير الذي ساهم في بقاء بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا، وسيطرتها على مقدرات لبنان عبر «حزب الله» بمعنى أن أغلب معادلات المنطقة لا يمكن حلّها إلا عبر التفاوض مع طهران.
تراكب ذلك مع أشكال من إظهار الفشل الأمريكي في إمكانية الحد من نفوذ إيران في المنطقة، أو حتى في إمكانية تحجيم سيطرتها على خطوط الملاحة البحرية في الخليج، وهو ما فاقم شعورا خليجيا متعاظما بعدم إمكان الاعتماد على واشنطن، وانضاف على ذلك الود المفقود بين إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن وكل من الرياض وأبو ظبي، وانفجار حرب أوكرانيا، التي أعطت تلك الدول الخليجية الفرصة لإبعاد نفسها عن الأولويات الأمريكية، وللتموقع ضمن معادلات جديدة تستفيد من ارتفاع أسعار النفط، ومن الاستقطاب العالمي الكبير بين كل من أمريكا وحلفائها، من جهة، وروسيا والصين وإيران، من جهة ثانية.
يقوم التقارب إذن على قناعة خليجية أن الأمريكيين غير قادرين على صدّ التهديدات الإيرانية (أو غير راغبين في ذلك) وقد تُرجم هذا الإحباط، ضمن الظروف السياسية العالمية الراهنة، إلى أخذ المبادرة للتصالح مع إيران بدل المواجهة معها، وهو أمر لقي رغبة ورضا شديدين لدى الإيرانيين الراغبين في تغيير المعادلة المناهضة لهم، وإذا كان الكثيرون قد استبعدوا المصالحة بين الرياض وطهران، على خلفية الصراعات التاريخية المشتعلة بين الطرفين على مدى عقود، فإن مجريات الأحداث في الشهور الأخيرة تفتح باب السؤال إن كان خيار التغيير قد انفتح وأن المفاجآت قد تتواتر أكثر من التوقعات؟
القدس العربي