تمكن رجب طيب أردوغان من حسم منصب الرئاسة لصالحه بعد منافسة شديدة ضد خصمه كمال كليجدار أوغلو الذي مثّل الطاولة السداسية في الانتخابات الرئاسية.
في هذا المقال لن نتطرق إلى تأثير تلك الانتخابات على تماسك الأحزاب المعارضة، كما لن نتطرق إلى تأثيرها على الاقتصاد التركي، والتحديات المقبلة لتركيا، ولا على علاقة تركيا في بيئتها الإقليمية والدولية. وإنما سنتطرق إلى استقامة رجب طيب اردوغان في الحكم وهي مسألة في غاية الأهمية تمكن من خلالها يحكم تركيا منذ عام 2003م ولغاية يومنا هذا، سواء كان رئيسًا للوزراء ورئيسًا الجمهورية.
حققت تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية العديد من الانجازات الداخلية والخارجية، وهذه الانجازات ذات صلة مباشرة بشخص رجب طيب أردوغان الذي تمتع بالأمانة ونظافة اليد طيلة سنوات حكمه وما أدل على ذلك، فقد كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن ذمته المالية وما يمتلكه من أموال وأرصدة وعقارات استباقا لشروط أدائه القسم القانونية بعد فوزه بالانتخابات.
ونشرت الجريدة الرسمية، اليوم الخميس الفائت، إلى جانب النتيجة الرسمية للانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة، ممتلكات وأرصدة أردوغان.
وبحسب موقع “ترك برس” ذكرت الجريدة أن أردوغان يمتلك 6 ملايين و347 ألف ليرة تركية (تعادل مليون و300 ألف دولار)، موزعة في 3 بنوك.
ووفق ما نشر في الجريدة الرسمية، يمتلك الرئيس أردوغان، دونمَي أرض في ولايته ريزة، وذلك بقيمة 10 آلاف ليرة تركية (تعادل 2600 دولار تقريبا)، وبيت في حي “أوسكودار” بإسطنبول بقيمة 4 ملايين ليرة (تعادل مليون و200 ألف دولار تقريبا).
وأضافت الجريدة أن لدى أردوغان سيارة من طراز أودي “Audi A8″، وذلك بقيمة 234 ألف ليرة تركية (تعادل 50 ألف دولار تقريبا). ولفتت إلى أن الرئيس التركي يوجد عليه دين بقيمة 2 مليون ليرة (تعادل 420 ألف دولار تقريبا) إلى رجل الأعمال محمد غور.
هذه الثروة المتواضعة لرجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا دليل قاطع على أن أردوغان من خلال فتره حكمه لم يستغل سلطاته الدستورية الواسعة في تحقيق الكسب غير مشروع في اقتصاد دولة يقارب على تريليون دولار أمريكي.
وإنما منذ بداية عهده حارب بقوة الفساد المالي والإداري الذي يعد الآفة لأي اقتصاد وطني ولم يتهاون مع أي موظف أو مسؤول في الدولة التركية فمن خلال خمس سنوات الأولى من حكمه، استطاع أن يسترد لخزينة الدولة ما يقارب 50 مليار دولار، والحكم بالسجن على رؤساء وزراء سابقين اتهموا بقضايا فساد. كما تمكنت تركيا في تسديد لصندوق النقد الدولي، وهي سابقة تاريخية لم تحدث مع أي دولة في الجماعة الدولية.
يدرك رجب طيب أردوغان بناء على تربيته الدينية أن الاستقامة الاخلاقية هي رأس المال الحقيقي للإنسان، وان هذه الاستقامة وجدت كي ينفع بها الشعب التركي من خلال سلطاته الدستورية وليس من أجل نهب ثرواته. فليس من فراغ ترديده في الكثير من المناسبات الوطنية الآية الكريمة من سورة هود١١٢ ” فاستقم كما أمرت”.
فالاستقامة الأخلاقية التي يتسم بها، ولا سيما في الجانب المالي جعلت أردوغان يدخل التاريخ التركي من أوسع أبوابه، حيث مكنته استقامته أن يحكم تركيا فترة زمنية تفوق فترة حكم مؤسسها كمال مصطفى أتاتورك.
وحدة الدراسات التركية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية