تحكم الدنماركية مِيتا فريدركسن ضمن تحالف، أو بتأييد أحزاب برلمانية أخرى، لأن حزبها “الاجتماعي الديمقراطي” لا يحصل على أكثر من 30 في المائة في التصويت الشعبي. وذلك ينطبق على أغلبية نظم الحكم البرلماني والرئاسي في أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية.
وبعيداً عن تجارب ديمقراطية الغرب، التي عاشت ويلات الفاشية وحكم العسكريتاريا في إسبانيا منذ 1939 وحتى موت الديكتاتور (الكوديو) فرانسيسكو فرانكو في 1975، فثمة حاجات لمراجعة الاهتمام الشعبي العربي بتجربة تركية قريبة منه، ولو حتى من منظور “شعبوي”، كما أراد البعض قراءته.
فالعربي يئن تحت ويلات ما تجلبه الأنظمة على أوطانه، في جمهورياته بشكل خاص، التي تتحول عنوة إلى ملكيات وراثية استبدادية ضمن تحالف أوليغارشيا السلطة والدين والمال، قاطعة الطريق على كل ما يمت للدول الحديثة بصلة، إلا من قشور باتت محل سخرية وتندر في صحف العالم.
تزوير إرادة الملايين للظهور بمظهر “ديمقراطي”، وبما لا يقل عن سقف البصم بالدم، كما في نحو نصف قرن من الحكم السوري، وتوارث النسب المئوية نفسها (فوق الـ90 في المائة)، من شمال أفريقيا إلى المشرق العربي، يستمر لتكريس صورة أن الحاكم “القوي” يحظى بشعبية تفوق شعبية الرئيس الأميركي أو الفرنسي، المتغيرين كل دورتين، متفاخراً عندنا بأنه “باقٍ… باقٍ”.
والاهتمام الشعبي بما يجري في تركيا مؤشر إلى ذروة حالة البؤس العربي. فالوقائع في التجربة الليبية والمصرية والتونسية والسورية واللبنانية والعراقية واليمنية، مضافة إليها التجربة السودانية الدموية لتكريس السلطة العسكريتارية – المليشياوية، تكشف عن مصادر الكوارث.
البحث عميقاً بتوسع الاهتمام سابقاً بتجربة مهاتير محمد في ماليزيا، وبرجب طيب أردوغان في تركيا، ربما يقدم دروساً لمؤيدي الفوضى والاستبداد، عربياً وغربياً. وهي فرصة لتأمل ما يقود إليه وأد تجارب تداول السلطة.
فأغرب ما في تلك التجارب، التي أرادت أن يصير فيها الرئيس ونواب الشعب منتخبين كموظفين مؤقتين، اتهامها دائماً بأنها “مدعومة من الغرب” و”الرجعية”، فيما الواقع صار يفضح من يصمت ويلمع ويدعم المستبدين، على مستوى الغرب والعالم العربي نفسه، وإشاعة مفهوم “الدول الفاشلة” والمشرذمة، بما في ذلك لبنان، الذي كان نموذجاً في القرن الماضي، ماضياً في شرنقة “الديمقراطية الطائفية”.
العربي الجديد