الدعم السريع تسيطر على حامية لواء شمال دارفور مع اشتداد الاشتباكات

الدعم السريع تسيطر على حامية لواء شمال دارفور مع اشتداد الاشتباكات

الخرطوم – تتواصل المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع لليوم الثالث على التوالي، بمدينة كتم شمال دارفور غرب السودان، وامتدت الاشتباكات لتصل إلى منطقة كفوت ثاني أكبر مدينة بالمنطقة، في ظل إصرار قائد الجيش الفريق الأول عبدالفتاح البرهان على الخيار العسكري في محاولة لتحقيق بعض المكاسب الميدانية قبل الالتزام بأي محادثات في مدينة جدة السعودية.

ونشرت قوات الدعم السريع، اليوم الاثنين، مقطعا مصورا أكدت فيه أنها سيطرت على حامية اللواء 22 في كتم، وأظهر المقطع أسر جنود من الجيش السوداني.

وكان الجيش قد صعّد الأحد هجماته على مدينة كتم، لينفي لاحقا سيطرة قوات الدعم السريع عليها، وذلك بعد يوم من انتهاء هدنة توسطت فيها السعودية والولايات المتحدة، وكان يفترض أن تستغرق 5 أيام.

ويأتي تصعيد الجيش غرب دارفور لتخفيف الضغوط على قواته في العاصمة دارفور وتعويض خسائره بعد أن تمكنت قوات الدعم السريع من تحقيق الكثير من الانجازات الميدانية ومحاصرة بعض مواقع الجيش.

كما يأتي هذا التصعيد الميداني في خضم جهود سعودية أميركية لحث الفرقاء السودانيين على استئناف الحوار بعد تجميد المفاوضات على إثر تعليق الجيش لمشاركته.

وتقول السعودية والولايات المتحدة إنهما تتواصلان يوميا مع وفدي الجيش وقوات الدعم السريع اللذين لا يزالان في جدة رغم تعليق محادثات تمديد وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي.

وقال البلدان في بيان إن المشاورات تتركز على سبل تسهيل المساعدات الإنسانية والتوصل إلى اتفاق بشأن الخطوات التي يتعين على الطرفين اتخاذها على المدى القريب قبل استئناف محادثات جدة.

وأكد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي” الأحد بالدعوة، في اتصال هاتفي أجراه مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود التزامه بمفاوضات جدة وترحيبه باستمرار المباحثات غير المباشرة مع الجيش السوداني، وفق ما نشر حميدتي عبر صفحاته الرسمية على فيسبوك وتويتر.

وقال دقلو “ناقشت خلال اتصال هاتفي (الأحد)، مع وزير الخارجية السعودي، سمو الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، مجمل الأوضاع بالسودان في ظل الجهود المبذولة من الوساطة السعودية الاميركية”.

وأضاف “أكدت لسمو الأمير دعمنا لمنبر جدة والتزامنا الكامل بإعلان حماية المدنيين ومواصلة العمل على تسهيل ايصال المساعدات الإنسانية لتخفيف المعاناة عن كاهل شعبنا، أيضا أعربت عن ترحيبنا بالبيان المشترك الذي أعلنت عنه الوساطة اليوم حول استمرار المباحثات غير المباشرة”.

وتابع “تبادلنا كذلك وجهات النظر حول آخر التطورات في البلاد، وأكدنا على أهمية التنسيق وتكثيف الجهود المشتركة من أجل تحقيق الاستقرار في بلادنا”.

واستطرد “نجدد شكرنا للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا على الدعم السخي لأشقائهم في السودان مما كان له أثر كبيرً في تخفيف المعاناة الانسانية التي يعيشونها جراء هذه الأزمة”.

ولم يصدر عن الجيش السوداني حتى صباح الاثنين أي تفاعل مع الدعوة السعودية الأميركية المشتركة، ما يشير إلى أنه لا يزال مصرا على التصعيد لتحقيق بعض المكاسب العسكرية قبل الالتزام بأي محادثات مستقبلية بهدف تحسين موقعه على طاولة المفاوضات.

ويرى متابعون أن الإشكال الأساسي يكمن في أن الجيش السوداني يعتقد أنه يملك القدرة على قلب الموازين على الأرض، وهو اعتقاد سيدفع ثمنه السودانيون باهظا.

وقال سكان بالعاصمة السودانية إن القتال اشتدت حدته في عدة مناطق بالخرطوم اليوم الأحد بعد انتهاء سريان وقف لإطلاق النار، فيما أشار نشطاء إلى اندلاع أعمال عنف جديدة في ولاية شمال دارفور أودت بحياة 40 شخصا على الأقل.

وبدأ وقف لإطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في 22 مايو وانتهى أجله ليلة السبت. وأدى وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه السعودية والولايات المتحدة إلى هدوء حدة القتال قليلا والسماح بوصول مساعدات إنسانية محدودة لكن شابته، شأنه شأن غيره من إعلانات وقف إطلاق النار السابقة، عدة انتهاكات. وانهارت الجمعة محادثات كانت تهدف إلى تمديده.

واندلع الصراع الدامي على السلطة في السودان في 15 أبريل وتسبب في أزمة إنسانية كبيرة نزح خلالها أكثر من 1.2 مليون شخص داخل البلاد وفر 400 ألف إلى دول الجوار. كما أنه يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها.

وأظهرت لقطات حية الأحد تصاعد أعمدة من الدخان الأسود في سماء العاصمة. وقالت سارة حسن (34 عاما) عبر الهاتف “في جنوب الخرطوم نعيش في رعب من القصف العنيف وأصوات المدافع المضادة للطائرات وانقطاع التيار الكهربائي. نحن في جحيم حقيقي”.

ووردت أنباء عن اندلاع قتال في عدة مناطق أخرى منها وسط الخرطوم وجنوبها وبحري.

وخارج العاصمة، اندلع قتال في إقليم دارفور في الغرب الذي يعاني بالفعل من ويلات صراع طال أمده وأزمات إنسانية طاحنة.

وأفاد شهود بأن القتال العنيف الذي اندلع الجمعة والسبت أدى إلى حالة من الفوضى في مدينة كتم، وهي مركز تجاري وإحدى البلدات الرئيسية في شمال دارفور.

وقالت هيئة محامي دارفور الحقوقية إن 40 شخصا على الأقل قُتلوا وأصيب العشرات بعضهم من سكان مخيم كساب الذي يؤوي نازحين من اضطرابات سابقة.

وأدان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي الانتهاكات التي يتعرض لها السكان في مدينة كتم ، مشيرا في تغريدة عبر حسابه على تويتر إلى أنه “في الوقت الذي نسعى بكل إمكانيات الإقليم الشحيحة لحماية المدنيين ومحاربة الجريمة ابت الأيدي الآثمة إلا وتواصل في ارتكاب الجرائم ضد المواطن في الإقليم”.

وأضاف “اليوم يتعرض الإنسان في مدينة كتم لانتهاكات فظيعة كما يحدث في الجنينة” معبرا عن إدانته بأشد العبارات لأعمال النهب والقتل التي طالت ومازالت تجري في المدينة المنكوبة كتم ومعسكر كساب ومدينة نيالا منذ الأحد”.

وأعلن أركو، دارفور منطقة منكوبة ، مطالبا العالم بارسال مواد إنسانية عبر كل الحدود وبكل الوسائل المتاحة لإنقاذ الإنسان في الإقليم المنكوب .

وشهدت الأيام الماضية أول هطول للأمطار لهذا العام مما يمثل بداية موسم سيستمر حتى أكتوبر تقريبا ويؤدي إلى حدوث فيضانات وزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه.

ويرتفع منسوب القلق من أن يقود هطول الأمطار هذا إلى تعقيد جهود الإغاثة التي تضررت بالفعل بسبب التأخيرات الناجمة عن الإجراءات البيروقراطية والتحديات اللوجستية، في ظل الوضع الأمني المشتعل في البلاد، لاسيما أن آلاف المدنيين في العاصمة أو إقليم دارفور وغيرها من المناطق يعانون شحاً في الكهرباء والمياه، وحتى الخبز أحياناً، وسط تعطل أغلب المستشفيات والمرافق الصحية.

ومنذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل، بين القوتين العسكريتين الكبيرتين في البلاد تطالب المنظمات الإنسانية بتوفير ظروف أمنية تتيح لها الوصول إلى الخرطوم ودارفور من أجل تزويد المخازن التي نهبت أو دمرت بسبب القتال.

لكنها لم تتمكن حتى الآن إلا من إيصال كميات صغيرة جدا من الأدوية والأغذية إذ إن العاملين فيها لا يستطيعون التحرك بسبب المعارك المتقطعة، في حين أن شحنات المساعدات التي وصلت جوا لا تزال عالقة لدى الجمارك.

وباتت بعض مناطق دارفور معزولة تماما عن العالم من دون كهرباء أو إنترنت أو هاتف، فيما يحذر نشطاء سودانيون من الأسوأ.

وكان السودان قبل الحرب، من أحد أفقر بلدان العالم إذ كان مواطن من كل ثلاثة يعاني من الجوع، وكانت الكهرباء تنقطع لفترات طويلة يوميا والنظام الصحي على وشك الانهيار.

أما اليوم، فبات 25 مليونا من أصل 45 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية للاستمرار، وفق الأمم المتحدة.

العرب