الكويت تتحاشى زلزالا سياسيا لتقع في آخر مالي

الكويت تتحاشى زلزالا سياسيا لتقع في آخر مالي

الكويت- تقف الكويت على أعتاب زلزال مالي يهدد بتكرار أزمة “سوق المناخ” التي انفجرت في صيف 1982 وأدت إلى انهيار بورصة الكويت ومعها بورصات الخليج، بسبب تأخر المستثمرين عن سداد ديونهم التي بلغت في ذلك الوقت 94 مليار دولار، وقادت إلى إفلاس العديد من الشركات والأفراد.

الرقم نفسه تقريبا يتكرر في الوقت الراهن. وفي حال نجحت الانتخابات البرلمانية المقررة يوم الثلاثاء في تحاشي زلزال سياسي يعيد أطراف المعارضة إلى احتلال أغلبية المقاعد، ستكون البلاد على أعتاب زلزال مالي يمكن أن يهدد استقرارها، وقد يجبرها على تسييل عشرات المليارات من الدولارات المتأتية من الاستثمارات الخارجية لسداد ديون الشركات، والحد من انهيار الشركات الكبرى على الأقل، وتقليص الأضرار التي من المتوقع أن تلحق ببورصات المنطقة والشركات التي تعمل فيها.

◙ اقتصاد الكويت الذي ظل يسجل تعثرا متزايدا خلال سنوات الزلازل السياسية الماضية، لن يتحمل زلزالا ماليا من دون أن تكون له عواقب خطيرة على اقتصاد دول الخليج الأخرى

ويقول مراقبون إنه في حال لم يتم تدارك هذا التهديد، أو تمت الاستهانة به، فإن الزلازل السياسية التي عرفتها الكويت، وتسببت في حل البرلمان ثلاث مرات خلال فترة السنتين ونصف السنة الماضية، ستكون بمثابة “مزحة خفيفة الظل” أمام زلزال مالي يهدد الجميع.

وبالفعل بدأت أسهم بعض الشركات الكبرى تتراجع قبل أن يتم الكشف عن السبب، نتيجة خوف المستثمرين على أموالهم.

وتشير الأرقام الرسمية، التي كشفت عنها سلطات الرقابة على سوق الأسهم، إلى أن صافي مطلوبات الشركات المدرجة في البورصة ارتفع بنسبة 8 في المئة ليتجاوز 30 مليار دينار (نحو 98 مليار دولار) بنهاية 2022 مقارنة مع 27.8 مليار دينار في 2021.

وشملت أبرز المطلوبات ثمانية قطاعات رئيسية، هي بالترتيب حسب مستويات الخطورة:

• قطاع الخدمات المالية: حيث ارتفعت مطلوبات القطاع بنسبة 10 في المئة بما قيمته 1.27 مليار دينار خلال 2022 لتبلغ ما قيمته 13.76 مليار دينار لنحو 21 شركة، أو ما يعادل 46 في المئة من إجمالي المطلوبات.

• قطاع النفط والغاز: حيث ارتفعت المطلوبات لدى 6 شركات عاملة في القطاع بما نسبته 4 في المئة وقيمته 18.78 مليون دينار، لتبلغ 525.17 مليون دينار في نهاية 2022، أو ما يعادل 25 في المئة من إجمالي المطلوبات في الشركات المدرجة خلال نهاية 2022.

• الشركات الصناعية: حيث ارتفعت مطلوبات القطاع بنسبة 18 في المئة، أي بما قيمته 603 ملايين دينار، لتبلغ 3.88 مليار دينار في نهاية 2022 لنحو 24 شركة، أو ما يعادل 13 في المئة من إجمالي المطلوبات.

• قطاع الاتصالات: حيث ارتفع إجمالي المطلوبات لـ5 شركات مدرجة في القطاع بنسبة 35 في المئة، أي بما قيمته 114.67 مليون دينار، لتبلغ 3.8 مليار دينار في نهاية 2022، أو ما يعادل 13 في المئة من إجمالي المطلوبات.

• قطاع العقارات: حيث ارتفعت مطلوبات القطاع بنحو 2 في المئة، أي بما قيمته 72.36 مليون دينار، لتبلغ 3.12 مليار دينار في نهاية 2022 لنحو 34 شركة، أو ما يعادل 10 في المئة من إجمالي المطلوبات.

• قطاع الخدمات المالية المتعلقة بشركات تمويل خاصة: حيث ارتفعت المطلوبات لـ23 شركة خلال 2022 بنسبة 47 في المئة، أي بما قيمته 382.37 مليون دينار، لتصل إلى 1.19 مليار دينار أو ما يعادل 4 في المئة من أجمالي المطلوبات.

• قطاع الخدمات الاستهلاكية: حيث ارتفعت قيمة المطلوبات لهذا القطاع بما نسبته 145 في المئة، أي بما قيمته 120.9 مليون دينار في 2022 لتبلغ نحو 970.4 مليون دينار لـ13 شركة، أو ما يعادل 3 في المئة من إجمالي المطلوبات.

• قطاع السلع الاستهلاكية: حيث ارتفعت قيمة المطلوبات في هذا القطاع المكون من شركتين بنسبة 294 في المئة، أي بما قيمته 42 مليون دينار من إجمالي المطلوبات لتصل إلى 189.24 مليون دينار في نهاية 2022، أو ما يعادل 1 في المئة من إجمالي المطلوبات.

ويقول مراقبون إن أكبر الديون تعود إلى شركات كبرى، وما لم تتقدم الحكومة بخطة لإنقاذها فإنها قد تعجز عن سداد تكاليف الديون، ما قد يدفع إلى إفلاسها، وإفلاس الشركات والأفراد المعنيين بأسهمها.

◙ الأرقام الرسمية تشير إلى أن صافي مطلوبات الشركات المدرجة في البورصة ارتفع بنسبة 8 في المئة ليتجاوز 30 مليار دينار

وكانت الكويت قد عرفت أزمة ديون مماثلة في عام 1982 نجمت عن تضخم أسعار أسهم بعض الشركات مقارنة بقيمتها الدفترية، بسبب أعمال المضاربة والتسهيلات المالية التي أتاحت للمستثمرين شراء الأسهم بديون مؤجلة الدفع، بانتظار تحقيق أرباح طائلة قبل موعد السداد، فلما انهارت الأسعار وتأخر المستثمرون عن سداد الديون انهارت سوق البورصة التي كانت تسمى آنذاك “سوق المناخ”. وبلغ عدد الشيكات والمعاملات مؤجلة الدفع 28815 شيكا، قيمتها حوالي 26.7 مليار دينار كويتي (94 مليار دولار أميركي)، وتخص 6031 متعاملاً. واضطرت الحكومة، آنذاك، إلى إنشاء صندوق برأسمال قيمته خمس مئة مليون دينار لضمان حقوق الدائنين، وتأسيس شركة مقاصة قامت بحصر وتسجيل المعاملات المتعلقة بأسهم الشركات التي تمت بديون مؤجلة. وذلك قبل أن يتم إغلاق سوق المناخ رسميا في الأول من نوفمبر عام 1984.

ويقول مراقبون إن اقتصاد الكويت الذي ظل يسجل تعثرا متزايدا خلال سنوات الزلازل السياسية الماضية، لن يتحمل زلزالا ماليا من دون أن تكون له عواقب خطيرة على اقتصاد دول الخليج الأخرى، هذا إذا أمكن تحاشي أن يجتمع الزلزالان: المالي والسياسي.

وتملك هيئة الاستثمار العامة، أو الصندوق السيادي الكويتي، أصولا تبلغ قيمتها نحو 770 مليار دولار. وتستطيع الحكومة -لتحاشي الأزمة- تسييل جزء من هذه الاستثمارات. إلا أن السؤال الذي سيواجهها هو: هل أصبحت “سوق الداخل” تحرق “أصول الخارج”؟

العرب