تتابع الولايات المتحدة الأمريكية طبيعة الأحداث المتنامية مع الصين وروسيا والنظام الإيراني والتعاون القائم في كافة المجالات ومنها ما يتعلق بالمواد الداخلة في توسيع نشاطات البرنامج النووي الإيراني، ونتيجة هذه المتابعة الميدانية فقد فرضت الإدارة الأمريكية يوم السادس من حزيران 2023 عقوبات على عشر أشخاص وكيانات في دول الصين وإيران وهونغ كونغ منهم الملحق العسكري الإيراني في بكين (داود دمغاني) بتهمة إدارة شبكة مشتريات لصالح برنامج إيران الصاروخي وبيع أجهزة طرد مركزي ومعدات وخدمات أخرى بمئات آلاف من الدولارات لشركة ايرانية ، وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن الشبكة أجرت تحويلات واتاحت شراء أجزاء تكنلوجية حساسة وحيوية لصالح جهات رئيسية تعمل في تطوير صاروخ بالستي ايراني .
تشكل هذه العقوبات تعامل من الازدواجية الأمريكية تخدم مصالحها فالعقوبات وان كانت تتعلق بالبرنامج النووي الصاروخي الإيراني إلا أنها تستهدف الصين ودورها السياسي والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي بعد الانفاق السعودي الايراني، فالادارة الأمريكية تنوي الاتفاق مع إيران لإطلاق سراح مواطنين امريكين محتجزين لديها مقابل تحرير مبلغ (10) مليار دولار من الأموال المجمدة في مخالفة واضحة للتطورات التي يشهدها البرنامج النووي ، وهي سياسة ترى في فيها مصالح إدراتها وموقف الرئيس جو بايدن والحزب الديمقراطي في السعي لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة ورفع أسهم مقبولتهم في الأوساط السياسية والاجتماعية الأمريكية، وهذا يشكل مسعى أمريكي لإنهاء الملف النووي وعدم الرغبة في أي مواجهة عسكرية قادمة واعتبار سياسة الحوار والدبلوماسية هي الإجراء الأمثل مع النظام الإيراني وهو ما يعني تثبيت ركائز المشروع الإيراني ودعم سياسة النفوذ والتمدد والهيمنة في المنطقة العربية في وقت يواجه فيه النظام الإيراني احتجاجات داخلية وضغوط دولية وإقليمية وهذا يعني استمرار النهج والسلوك الإيراني في التعامل مع الأحداث والوقائع الميدانية القادمة .
وتدعم رؤيتنا هذه مااعلنته قيادة الحرس الثوري الإيراني عن إنتاج صاروخ بالستي فرط صوت بمدى 1400 كم يتميز بدقة متزايدة وسرعة عالية جدا وإمكانية على المناورة والتخلي واجتياز أنظمة الرادار وخطاب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية (رافائيل غروسي) أمام مجلس محافظي الوكالة في السادس من حزيران 2023 بأن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 % بلغ 500 كغم ومخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60% بلغ أكثر من 100 كغم .
وهذا يعيد للميدان سياسة النظام الإيراني في اتباع سياسة التهديد والمواجهة واستخدام الوسائل التي تمكنه من ابقاء حالة التحدي أمام مطالبته برفع العقوبات الاقتصادية وكتابة بنود جديدة في أي اتفاق قادم للبرنامج النووي تحقق له مكاسب داخلية وتزيح عنه العديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتحسين الأوضاع المعيشية التي تعصف بالمجتمع الإيراني والابتعاد عن العزلة الإقليمية والدولية واستثمار التوافق الذي جرى في اتفاقية بكين واتباع سياسة دبلوماسية الحوار في العلاقات مع دول الخليج العربي وإعادة العلاقات مع بعض الاقطار العربية الأخرى ، وهذا ما يحاول النظام الإيراني القيام به والذي أكده تصريح قائد البحرية الإيرانية الادميرال شهرام ايراني عن تشكيل تحالفات إقليمية ودولية جديدة منها تحالف عربي يصم إيران والسعودية والإمارات وقطر والبحرين والعراق والذي يأتي بعد التحالف الثلاثي بين روسيا والصين وايران، وقوله أن شعوب المنطقة هي المسيطرة في مجالها الأمني باستخدام جنودها وستخلو من أي من قوة غير مبررة لتواجدها، وهي رسالة واضحة للتواجد الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي رغم استمرار واشنطن في سياستها الازدواجية والتخادم السياسي مع النظام الإيراني.
وحدة الدراسات الايرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية