الدرّة: حقل جديد للنزاع في الخليج العربي؟

الدرّة: حقل جديد للنزاع في الخليج العربي؟

أضاف وائل عبد اللطيف، وهو قاض ونائب سابق في البرلمان العراقي، دليلا جديدا على ارتفاع احتمالات النزاع بين دول منطقة الخليج العربي على ملكية حقل الدرة للغاز، وهو موضوع خلاف منذ ستينيات القرن الماضي، حيث كان محل تنازع بين إيران والكويت حول استغلال ثرواته من النفط والغاز. أكد عبد اللطيف، في مقابلة حديثة مع قناة عراقية أن الحقل «يعود بأكمله للعراق» وليس للكويت والسعودية، مطالبا سلطات بلاده بالاستعانة بالقانون البحرية واتفاقية قانون البحار.
يجيء هذا التصريح المفاجئ بعد إصدار السعودية بيانا يؤكد أن «ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة» وتزامن معه تعليق أيضا لوزارة الخارجية الكويتية يؤكد «الحقوق الخالصة» للسعودية والكويت في الحقل.
البيانان الأخيران كانا ردا مباشرا على تصريح لمدير شركة النفط الوطنية الإيرانية محسن خجسته مهر قال فيه إن بلاده جاهزة تماما لبدء عمليات الحفر «في حقل آرش» (التسمية الفارسية للموقع) مؤكدا أن الشركة «ستبدأ العمل في أقرب وقت».
اللافت في هذا الموضوع حصوله خلال حقبة التقارب السعودي ـ الإيراني، وهو ما قد يفسّر معاودة بياني الكويت والرياض مطالبة طهران بالبدء في مفاوضات لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين السعودية والكويت، واعتبارهما طرفا تفاوضيا واحدا مقابل الجانب الإيراني.
تأتي هذه التطوّرات الأخيرة في ظل حركة إيرانية دائبة على رقع جغرافية متعددة، ففي الخليج العربي نفسه شهدت الأوضاع توترا، حيث احتجزت طهران، أول أمس الخميس، سفينة تجارية، وبعد إعلان القوات الأمريكية في الخليج العربي إحباط محاولتين إيرانيتين لاحتجاز ناقلتي نفط تجاريتين قبالة سواحل عمان، تمكن الحرس الثوري الإيراني من احتجاز ناقلة أمس الجمعة.
كان لافتا أيضا، إظهار طهران موقفها المميز في موضوع الاحتجاج على حرق المصحف في السويد، حيث أعلنت أنها لن ترسل سفيرا جديدا إلى ستوكهولم، وكذلك التأكيد المستمر على تواصل تعاونها العسكري مع موسكو في مجال تزويد الأخيرة بالمسيّرات خلال الحرب الأوكرانية، وكذلك التأكيد على علاقاتها الاقتصادية الكبيرة مع الصين، وانضمامها الرسمي، الشهر الماضي، لمنظمة «شنغهاي للتعاون» وهو تجمع يضم نصف البشرية ويبلغ حجم اقتصاد دوله نحو 20 تريليون دولار، الذي يضم روسيا وإيران، وهما من أكبر منتجي النفط في العالم، والصين والهند، وهما من أكبر المستهلكين له.
ارتفاع وتيرة التصريحات حول حقل الدرة تعود إلى أن السعودية والكويت وقعتا في آذار/مارس 2022 وثيقة لتطوير الحقل، وحينها صرح مساعد سابق لوزير النفط الإيراني بـ«نموذج استثمار للحقل بشكل مشترك» مهددا بأن إيران قادرة على بدء عمليات الحفر في حال لم تتعاون الدولتان الخليجيتان «في رسم الخط الحدودي».
تشير تصريحات الكويت والسعودية إلى أحقيتهما الكاملة في الحقل ومطالبتهما إيران بالتفاوض لرسم الحدود (وليس للتفاوض على الحقل نفسه) فيما تظهر التصريحات الإيرانية إعلانا عن قدرتها على وقف عمليات التنقيب (مما يوقف استثمارا هائلا ممكنا تصل بعض التقديرات لحجمه إلى 60 تريليون قدم مكعبة من الغاز) كما تظهر مطلبا بالحصول على حصة من تلك الثروات.
بين هذين التصوّرين، ومع احتمال دخول العراق أيضا على الخط، توجد احتمالات عديدة للنزاع وكذلك احتمالات أخرى للاتفاق.

القدس العربي