مارين لوبن تستفيد من أعمال الشغب في فرنسا لزيادة شعبيتها

مارين لوبن تستفيد من أعمال الشغب في فرنسا لزيادة شعبيتها

باريس- في أول خطاب لها في البرلمان مع انحسار أعمال الشغب في فرنسا هذا الأسبوع، اتهمت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن الحكومة بتحويل البلاد إلى “جحيم” كانت قد توقعته.

وقالت لوبن البالغة 54 عاما “الحقيقة أنكم لم ترغبوا في سماع أي من التحذيرات”. ويشكل نواب حزبها وعددهم 89، أكبر حزب معارض في البرلمان منذ انتخابات العام الماضي.

وأضافت “توقعنا ما يحدث رغم الصعوبات الشديدة. للأسف كنا على حق”.

وكثيرا ما تحدثت لوبن ووالدها جان ماري عن زوال فرنسا بل عن حرب أهلية، منذ أن ركزت خطاباتهما المتشائمة في سبعينات القرن الفائت على وجود أجانب في فرنسا.

وتابعت “أولا وقبل كل شيء، نحتاج إلى وقف الهجرة الفوضوية”.

ولا تزال تداعيات أعمال العنف الأسوأ في المدن الفرنسية منذ 2005 غير مؤكدة، ما يثير تكهنات بشأن الجهة المستفيدة من انهيار القانون والنظام الذي هز الملايين من الفرنسيين.

وسعت لوبن وسواها من اليمين لإلقاء اللوم في أعمال النهب الواسعة والاشتباكات على مجتمعات من أصول مهاجرة، معظمها من مستعمرات فرنسية سابقة في أفريقيا، استقرت في ضواحي بلدات ومدن منذ الستينات.

ورغم اشتعال أعمال الشغب على خلفية اتهامات بممارسة الشرطة القسوة والعنصرية إثر مقتل الشاب نائل (17 عاما) وهو من أصول جزائرية في باريس، يشعر العديد من المحللين بأن وعد اليمين المتطرف بقمع حازم للجريمة والهجرة يمكن أن يجذب مزيدا من الأشخاص.

وقال أوليفييه بابو المؤسس المشارك لمعهد سابينز للدراسات الذي يميل إلى اليمين لفرانس برس “أعتقد أننا سنرى زيادة بعدة نقاط لحزب التجمع الوطني في امتداد للمكاسب اللافتة التي حققها في السنوات القليلة الماضية”.

وأضاف “من دون أن يفعلوا أو يقولوا أي شيء، تساعدهم الأحداث في إقناع جزء من الشعب”.

وسجلت لوبن أفضل نتيجة لها في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، ونالت 41.5 في المئة من الأصوات في الدورة الثانية، ثم احتفلت بنتائج انتخابات برلمانية قياسية بعد شهرين.

ويوافق جان إيف كامو الباحث في شؤون اليمين المتطرف لدى صندوق جان جور، على أن لوبن بل حتى السياسي الأكثر تطرفا والمعادي للإسلام إريك زمور يبدوان الأكثر احتمالا لتحقيق مكاسب من أعمال الشغب.

وقال “هناك خطر أن يستفيد إريك زمور ومارين لوبن من الوضع، وخصوصا خلال الانتخابات الأوروبية المرتقبة العام المقبل”.

وسعت الحكومة للرد على الخطاب الذي يدفع به اليمين المتطرف وحزب الجمهوريين والقائل إن المهاجرين هم المسؤولون عن الاضطرابات التي تضرر فيها 273 مبنى تعود إلى قوات الأمن و168 مدرسة.

وصرح وزير الداخلية جيرالد دارمانان أن 90 في المئة من قرابة 3000 شخص أوقفوا في خمس ليال من أعمال الشغب الأعنف، هم فرنسيون.

وقال دارمانان ذو الجذور الفرنسية “نعم، هناك البعض الذين قد يكونون من خلفيات مهاجرة”، في إشارة إلى سجلات أسماء الموقوفين التي اطلع عليها خلال جولته على مراكز الشرطة.

◙ هناك خطر أن يستفيد إريك زمور ومارين لوبن من الوضع، وخصوصا خلال الانتخابات الأوروبية المرتقبة العام المقبل

“لكن هناك أيضا العديد من (أسماء) كيفن وماتيو أيضا”، على ما قال أمام مجلس الشيوخ الأربعاء.

وأضاف “هذا التحليل القائم على الهوية يبدو خاطئا بالنسبة إلي”، معترفا في الوقت نفسه بأن المسألة المتعلقة بأفضل طريقة لدمج المهاجرين “مثيرة للاهتمام”.

ويرى كامو أن بعض الناخبين يمكن أن يعطوا الفضل للحكومة لسيطرتها على الاضطرابات في أقل من أسبوع، مع نشر ما يصل إلى 45 ألف عنصر من قوات الأمن.

وأعمال الشغب التي اندلعت على مستوى البلاد في 2005، استمرت نحو ثلاثة أسابيع لجأت خلالها الحكومة إلى فرض حالة طوارئ.

وقال كامو “من دون الاضطرار للجوء إلى حالة طوارئ ومع إستراتيجية الرد التدريجي، أظهرت الحكومة أنها قادرة على احتواء التحرك”.

واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن مقتل الشاب “لا يمكن تفسيره (…) وغير مبرر” إثر اندلاع أعمال الشغب عقب إطلاق شرطي النار من مسافة قريبة على الشاب نائل الذي كان يقود سيارة مرسيدس من دون رخصة في حي بغرب باريس.

ووعد رئيس الدولة الوسطي برد، لكن إصلاحا كبيرا للشرطة دعا إليه اليسار لا يزال خارج النقاش.

وركز ماكرون حتى الآن على كيفية محاسبة الأهالي الذين يرتكب أبناؤهم جرائم، على وقع الصدمة من أعمار العديد من مثيري الشغب الفتيان.

والتحالف اليساري على خلاف أيضا مع زعيم حزب “فرنسا الأبية” المتطرف جان لوك ميلانشون، ما تسبب أيضا بانقسامات مع حلفائه الاشتراكيين والشيوعيين لعدم دعوته بشكل قاطع إلى الهدوء.

وكان قد اعتبر أن أعمال الشغب تعكس “فقراء يتمرّدون”.

وانتقدته صحيفة “لوموند” التي تميل إلى اليسار في مقالة قالت فيها إنه “على خلاف مع مطلب قوي جدا بإرساء النظام تزداد شعبيته في الرأي العام”.

وكتبت الخميس “في بلد هزته خمسة أيام من أعمال العنف في مدن، اليسار لا يطمئن”.

وحظرت شرطة باريس السبت تنظيم احتجاج على عنف الشرطة خلال الاحتجاجات.

وقال متحدث باسم شرطة باريس إن المظاهرة التي كانت مزمعة في ساحة الجمهورية تم حظرها بسبب مخاطر على النظام العام، مشيرا إلى “حالة التوترات” بعد الاضطرابات الأخيرة في الشوارع الفرنسية.

وتنفي السلطات وسياسيون، ومن بينهم الرئيس ماكرون، وجود عنصرية ممنهجة داخل أجهزة إنفاذ القانون في البلاد.

وتخضع الشرطة الفرنسية للتدقيق بعد مقتل نائل م في 27 يونيو بالرصاص عندما أوقفت سيارته. وكان الشاب يقود السيارة بدون رخصة.

ودعت أسرة أداما تراوري إلى احتجاج السبت، وهو فرنسي من السود توفي خلال احتجاز الشرطة له في ظروف مشابهة لمقتل جورج فلويد في الولايات المتحدة.

وتم التخطيط للمظاهرة المناهضة لعنف الشرطة والتمييز العنصري في البداية لتكون مسيرة في ضاحية بومون سور واز في باريس حيث توفي تراوري عام 2016.

لكن السلطات المحلية حظرت ذلك بالفعل مشيرة إلى تزايد المخاطر على النظام العام والأمن.

وأيدت إحدى المحاكم الحظر الجمعة مما أطلق الدعوات إلى التجمع في وسط باريس بدلا من ذلك. وقال زعماء من اليسار إنهم سينضمون إلى الاحتجاج.

العرب