عقبات سياسية تعرقل مساعي توحيد قوات البيشمركة في كردستان العراق

عقبات سياسية تعرقل مساعي توحيد قوات البيشمركة في كردستان العراق

لا تزال جهود توحيد قوات البيشمركة في إقليم كردستان العراق تواجه عقبات إدارية وسياسية رغم مساعي حل المعضلة التي تمثل أبرز العقبات أمام استقرار الإقليم الذي تتنازعه أجندا سياسية متضادة لشريكي الحكم (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني).

وتدعم الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، توحيد البيشمركة كجزء من إصلاح قطاع الأمن الأوسع، لكن على الرغم من الجهود المبذولة، يبدو توحيد قوات البيشمركة بعيد المنال حيث لا تزال هذه القوات خاضعة للنفوذ السياسي.

وأكد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، وقائد قوات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في العراق وسوريا الجنرال ماثيو ماركفارلين، الأربعاء، ضرورة توحيد قوات البيشمركة ومواصلة عملية الإصلاح الإداري.

وذكر بيان لرئاسة الإقليم أن بارزاني استقبل في أربيل عاصمة كردستان، الجنرال ماركفارلين والوفد المرافق له، وجرى خلال الاجتماع تباحث عملية الإصلاح في وزارة البيشمركة وتوحيد وتنظيم قوات البيشمركة والمشاكل والمعوقات التي تواجه هذه العملية وتبادل وجهات النظر حول كيفية حلها.واتفق الجانبان على أن عملية توحيد البيشمركة والإصلاح في وزارة البيشمركة وفق البرنامج المحدد لها لم تتم كما يجب، وتمت مناقشة عدة ملاحظات في هذا الصدد.

وأكد بارزاني أنه بالرغم من كل المشاكل والمعوقات، فإن كل الجهود ستتواصل لإنجاح عملية الإصلاح وتوحيد البيشمركة، معبرا عن شكره لدور الولايات المتحدة وتشجيعها لإنجاح هذه العملية.

ويسيطر الحزبان الكرديان الرئيسيان في العراق، وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، على أقسام مختلفة من البيشمركة. ولطالما كان عدم اندماج هذه القوى المتفرقة موضع نقاش وجدل حادين، حتى إن وزير شؤون البيشمركة شورش إسماعيل، العضو في الاتحاد الوطني الكردستاني، كان قد هدد بالاستقالة بسبب تدخل الأحزاب الحاكمة في الوزارة.

ويقدر العدد الإجمالي لجنود البيشمركة بحوالي 150 ألفا يتلقون جميعهم رواتبهم من حكومة إقليم كردستان، لكن 18 وحدة فقط، تتألف من حوالي 42 ألف جندي، تعمل تحت إشراف وزارة البيشمركة. ومع ذلك، فإن الضباط في الوحدات التابعة للوزارة يمتثلون في النهاية لأوامر قادة الأحزاب التي ينتمون إليها. ولا يزال عدد أفراد البيشمركة التابعين للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني يتجاوز 100 ألف، حيث يُعتقد أن لكل حزب حوالي 60 ألف جندي.

وهذا الانقسام الداخلي لاسيما على المستوى الأمني والعسكري، جعل الإقليم في مرمى الانتقادات باستمرار ومن الحلفاء الدوليين الإستراتيجيين تحديدا، بسبب عدم تمكنه من توحيد قواته الأمنية تحت سقف مظلّة نظامية واحدة وبعقيدة وطنية مؤسساتية لا حزبية.

وتصاعدت قضية توحيد البيشمركة في أعقاب الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان عن العراق في عام 2017، عندما ساهمت الخلافات السياسية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في انسحاب قوات البيشمركة الموالية للاتحاد الوطني من أراض متنازع عليها بين الأكراد وبغداد. وسلط الانسحاب الضوء على مخاطر انتماء البيشمركة إلى حزب معين بدلا من الإقليم بأكمله، مما أدى إلى خسارة مكاسب حققها الأكراد في السابق.

ويقول محمد آلاجا الزميل غير المقيم في مركز دراسات الشرق الأوسط إن “أكبر العقبات أمام إصلاح قوات البيشمركة هي إنعدام الثقة بين الحزبين الكرديين الحاكمين وهيمنة النخب العسكرية والسياسية داخل هذه القوات. وبعبارة أخرى، فإن ديناميكيات القوة بين الحزبين تعيق الإصلاح”.

ويضيف آلاجا “يشعر الاتحاد الوطني الكردستاني بالقلق من أن الحزب الديمقراطي الكردستاني المهيمن في إقليم كردستان سوف يستخدم التوحيد للسيطرة الكاملة على البيشمركة، مما يقلل من نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني”.

ويسيطر الحزب الديمقراطي الكردستاني حاليا على المناصب الإستراتيجية في حكومة إقليم كردستان مثل الرئاسة ورئاسة الوزراء ووزارة الداخلية ورئاسة مجلس أمن إقليم كردستان.

لمن الولاء
لمن الولاء
وتابع “وفي ظل هذه الخلفية، يعتقد الاتحاد الوطني الكردستاني أن دمج قوات البيشمركة في الوزارة سيجعله عرضة لآليات صنع القرار التي يهيمن عليها منافسه الرئيسي. وقد أدى ذلك إلى نقص في التعاون”.

وكان الأمين العام لوزارة البيشمركة المقدم بختيار محمد قد اشار إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني “يفتقران إلى رؤية متبادلة واضحة لمستقبل قوات البيشمركة”.

وأسفرت الضغوط الدولية، ومنها التحالف الدولي لمحاربة داعش والولايات المتحدة، حتى الآن عن دمج 22 لواء في البيشمركة وجعلها تحت إمرة وزارة البيشمركة، لكن ذلك يبقى دون المأمول ودون تحقيق التطلعات.

وتنشط الولايات المتحدة بكثافة على الساحة الكردية في العراق بالنظر إلى تعاظم التحديات التي تحيط بهذه المنطقة ذات الأهمية الجيوستراتيجية بالنسبة إلى واشنطن.

وتخوض الولايات المتحدة جهودا في الفترة الأخيرة من أجل تذليل الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم، بالتوازي مع تسريع خططها لتوحيد صفوف قوات البيشمركة، حيث إن التأخير الحاصل على مستوى تحقيق هذا الهدف يبقي الوضع هشا داخل الإقليم الذي يحظى بحكم ذاتي في شمال العراق منذ تسعينات القرن الماضي.

ويرى متابعون أن حرص واشنطن على إنهاء الأزمة السياسية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني يعود إلى إدراك واشنطن بأن استمرار الخلافات بين الطرفين من شأنه أن يعيق عملية الإصلاح الجارية لقوات البيشمركة، في الوقت الذي يواجه فيه الإقليم أخطارا متزايدة سواء في علاقة بإمكانية حدوث أي تدهور بين الحزبين الغريمين قد يفضي إلى حصول مواجهات مسلحة، أو في ظل التهديدات الإيرانية التي تصاعدت مؤخرا بعد فترة هدوء نسبي.

العرب