العراق يراهن على دور الوسيط لتعزيز حضوره في المنطقة

العراق يراهن على دور الوسيط لتعزيز حضوره في المنطقة

يسعى العراق إلى تعزيز حضوره الإقليمي، من خلال طرح نفسه كوسيط في عدد من الملفات الشائكة في المنطقة، وآخرها الملف اليمني، مراهنا في ذلك على علاقته مع مختلف الأفرقاء.

ويريد العراق البناء على ما تحقق من وساطته بين إيران والسعودية، حيث كان لبغداد دور أساسي في مسار تطبيع العلاقات بين الخصمتين الإقليميتين، كما أن بغداد تشارك أيضا في جهود لتطبيع العلاقات بين طهران والقاهرة.

وأعرب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الأحد عن استعداد بلاده للعب دور الوسيط للمساعدة في إيجاد حلّ للحرب في اليمن.

وقال حسين خلال مؤتمر صحفي مع نظيره اليمني أحمد عوض بن مبارك في بغداد “هناك وقف إطلاق نار أو هدنة غير معلنة الآن (…) نتمنى أن تتحول هذه الحالة إلى حوار بين جميع الأطراف اليمنية”.

وأضاف أن “العراق مستعد للمساعدة في هذا المجال. لدينا علاقات جيدة مع جميع الأطراف. ونستطيع أن نضع هذه العلاقات في خدمة الاستقرار والأمن في اليمن، نستطيع أن نتحرك إقليميا في هذا المجال”.

العراق يريد البناء على ما تحقق من وساطته بين إيران والسعودية، حيث كان لبغداد دور في تطبيع العلاقات بين الطرفين

وأسفر النزاع القائم في اليمن منذ العام 2015 بين الحكومة الشرعية المدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، عن مئات الآلاف من القتلى وأنتج واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

مع ذلك يشهد البلد الواقع في الخليج العربي، هدوءا نسبيا منذ التوصل في العام 2022 إلى هدنة برعاية الأمم المتحدة، انتهت مدتها في أكتوبر.

وهناك جهود تبذلها سلطنة عمان من أجل التوصل إلى اتفاق بين الحوثيين والسعودية، لكن الأمور لا تزال تراوح مكانها نتيجة الشروط التي يفرضها الحوثيون، والتي تتحفظ عليها المملكة.

ويرى متابعون أن العراق قد ينضم إلى الجهود الإقليمية والدولية لحلحلة الملف اليمني، لكن دون انتظار رهانات كبيرة يمكن أن تتحقق على المدى المنظور، حيث إن القضية اليمنية معقدة ومتشعبة، فضلا عن كثرة المتدخلين بها، وبالتالي لا يمكن أن تعالج بالسهولة التي يعتقدها البعض.

ويقول المتابعون إن الدليل على ذلك أنه حتى مع عودة العلاقات السعودية – الإيرانية، فإن الأمور لا تزال غير سالكة.

ورعت بغداد منذ العام 2021 جولات تفاوضية بين الرياض وطهران، ساهمت بشكل كبير في كسر الحاجز النفسي القائم بينهما، قبل أن تتسلم الصين المبادرة وتحتضن مفاوضات بين الطرفين أفضت إلى اتفاق مصالحة في مارس الماضي.

وقد علق اليمنيون آمالا كبيرة على الاتفاق الإيراني – السعودي، لكن هذه التطلعات تبددت مع مرور أشهر على الاتفاق دون حدوث اختراق حقيقي يمهد لتسوية.

وقال الوزير اليمني في كلمة خلال المؤتمر الصحفي مع نظيره العراقي “مع الأسف، إلى هذه اللحظة لم نشهد تأثيرا مباشرا للاتفاق الإيراني – السعودي على الوضع في اليمن”، مضيفا “لكن ما زلنا نأمل بهذا الأمر”.

وأكد بن مبارك أنه “منذ أكتوبر العام الماضي هناك هدنة غير معلنة، لكننا من طرفنا كحكومة شرعية ملتزمون ببنود هذه الهدنة”. وأضاف “نحن نعتقد أنه آن الأوان لإنهاء هذه الحرب في اليمن”.

ويرى متابعون أن زيارة بن مبارك لبغداد قد تكون الغاية منها الأساسية هي تدخل بغداد لدى الحوثيين لإقناعهم بتخفيف قبضتهم الاقتصادية، التي باتت تشكل ضغطا لا يحتمل على الحكومة الشرعية.

وقال بن مبارك إن اليمن يعاني من حرب اقتصادية بسبب تدمير موانئ تصدير النفط وهناك صعوبة في إيصال المساعدات الإغاثية إلى البلاد.

ولفت الوزير اليمني خلال المؤتمر الصحفي إلى أنه وقع مع نظيره العراقي اتفاقية للتشاور السياسي.ووصف بن مبارك زيارته إلى العراق التي بدأها السبت بأنها مقدمة للارتقاء بالعلاقات بين البلدين، منوها بأن العراق لعب دورا إيجابيا في التوصل إلى اتفاق الهدنة في بلاده.

وقال إنه اتفق مع نظيره العراقي على تفعيل أعمال اللجنة العراقية – اليمنية المشتركة التي عقدت آخر اجتماعاتها في صنعاء عام 2012، وتطوير آفاق التعاون الثنائي في مختلف المجالات.

وأوضح أن “الحروب تبقى آثارها على الشعوب حتى لو توقفت والعراق يعلم بذلك”، مشيرا إلى أن “أي وفد عراقي سيزور اليمن سيحظى باهتمام خاص”.

والتقى الوزير اليمني خلال زيارته إلى العراق التي تستغرق أربعة أيام مع الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان، تمت خلالها مناقشة إمكانات توسيع العلاقات بين البلدين في مختلف مجالاتها.

العرب