القاهرة – ألقى التصعيد العسكري بين روسيا وأوكرانيا بظلاله على تصدير الحبوب، حيث قفزت أسعار القمح إلى مستوى 250 دولارا وأكثر للطن، وهو اتجاه من شأنه أن يزيد الأعباء على الدول المستوردة للقمح مثل مصر.
ويتزامن هذا مع مساع من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لدى روسيا من أجل العودة إلى اتفاق تصدير الحبوب.
وقال متعاملون مصريون وأوروبيون إن أقل عرض تلقته الهيئة العامة للسلع التموينية، مشتري الحبوب الحكومي في مصر، الأربعاء في ممارسة دولية لشراء قمح على أساس التسليم على ظهر السفينة هو 250 دولارا للطن من القمح الروسي.
وذكر المتعاملون أنه يُعتقد أن تكرار عرض سعر 250 دولارا للطن من الحبوب الروسية على أساس التسليم على ظهر السفينة يعكس الحد الأدنى للسعر غير الرسمي الذي تفرضه السلطات الروسية حاليا لوضع ضوابط على التصدير وإبقاء أسعار الدقيق منخفضة محليا.
33 مليون طن من الحبوب غادرت موانئ أوكرانيا بموجب الاتفاق، ما خفف حدة المخاوف حيال نقص المواد الغذائية
وأعلنت الهيئة أنها اشترت 360 ألف طن من القمح في ممارسة دولية، وتشمل 300 ألف طن من القمح الروسي و60 ألف طن من القمح الروماني.
وتسعى الهيئة إلى شراء القمح في ممارسة دولية على أن يُشحن ما بين الأول والعاشر من سبتمبر أو بين 20 و30 سبتمبر أو بين 15 و25 أكتوبر.
ويرى مراقبون أن استهداف منشآت تصدير الحبوب من شأنه أن يدفع إلى ارتفاع الأسعار بشكل يجعل من الصعب على الدول الفقيرة أن تشتري حاجياتها.
وألحقت مسيّرات روسية أضرارا بميناء ومنشآت تخزين الحبوب في منطقة أوديسا الساحلية جنوب أوكرانيا وميناء إسماعيل على نهر الدانوب، ومن شأن هذا الاستهداف أن يعرقل تصدير الحبوب الأوكرانية.
ودعا الرئيس التركي نظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى تجنّب أي “تصعيد” في البحر الأسود في إطار النزاع مع أوكرانيا، حسبما ذكرت الرئاسة. وطلب الرئيس التركي من بوتين خلال اتصال هاتفي “عدم اتخاذ أيّ إجراءات من شأنها تصعيد التوتر في الحرب بين روسيا وأوكرانيا”.
وشدّد في بيان صادر عن الرئاسة التركية على “أهمية مبادرة البحر الأسود التي يعتبرها جسرا للسلام”، في إشارة إلى اتفاق الحبوب الذي انسحبت منه موسكو أخيرا. وطلب بوتين من جهته دعم تركيا لتصدير موسكو الحبوب وتاليا كسر العقوبات الغربية المفروضة عليها، مبقيا على رفضه إحياء اتفاق تصدير الحبوب.
وقال الكرملين عقب الاتصال بين بوتين وأردوغان إنه “نظرا إلى الحاجات الغذائية للدول الأكثر احتياجًا، تتم دراسة الخيارات للسماح بإيصال الحبوب الروسية (..) ثمة إرادة للتعاون في هذا المجال مع تركيا”.
وجاء في بيان للنيابة العامة الأوكرانية “ليل الثاني من أغسطس، نفّذت القوات المسلحة الروسية هجوما بمسيّرات على أوديسا.. هاجم العدو منشآت تابعة للميناء ومنشآت صناعية مطلة على الدانوب”.
وأفاد المصدر بأن الهجوم أحدث أضرارا أو دمارا في مصعد مستخدم للحبوب وصوامع حبوب ومستودعات. وأضاف البيان أن مكتب المدعي العام في إزمايل، حيث يقع ميناء رئيسي مطل على نهر الدانوب، فتح تحقيقا.
ولم ترد تقارير عن سقوط ضحايا بعد الضربة رغم اندلاع النيران في منشآت تابعة للميناء، بحسب حاكم منطقة أوديسا أوليغ كيبر. واتّهمت فرنسا الأربعاء روسيا بتعريض الأمن الغذائي العالمي للخطر “على نحو متعمد من خلال تدمير بنى تحتية أساسية لتصدير الحبوب”.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان “إنها تسعى لتحقيق مصلحتها الخاصة على حساب السكان الأكثر ضعفا عبر رفع أسعار المنتجات الزراعية ومحاولة منع أحد منافسيها الرئيسيين (أوكرانيا) من تصدير منتجاته”.
وتقصف روسيا مدينة أوديسا الساحلية والمنطقة المحيطة بها منذ انسحبت موسكو من اتفاق الحبوب الشهر الماضي الذي كان يسمح لأوكرانيا بمواصلة صادراتها عبر البحر الأسود رغم الحرب.
وسمح الاتفاق بمغادرة حوالي 33 مليون طن من الحبوب موانئ أوكرانيا، ما خفف حدة المخاوف حيال نقص المواد الغذائية في الدول الأضعف. ومع إغلاق البحر الأسود فعليا، بات ميناء إزمايل الآن طريق التصدير الرئيسي للمنتجات الزراعية الأوكرانية عبر رومانيا المجاورة.
وأعلنت موسكو الأربعاء بدء مناورات بحرية تشمل العشرات من السفن الحربية في بحر البلطيق الذي تحدّه بشكل أساسي دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي تعتبره موسكو تهديدا وجوديا.
العرب