إجهاض خطة الحركة الإسلامية للسيطرة على شرق السودان

إجهاض خطة الحركة الإسلامية للسيطرة على شرق السودان

الخرطوم- أدى الحديث المتزايد عن تحركات يقوم بها قياديون من الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني المنحل لدعم الجيش في مواجهة قوات الدعم السريع إلى استنفار شعبي وسياسي، ظهر في تتبع أماكن وجود هؤلاء بشرق السودان حيث أشارت تقارير إلى أن فلول النظام البائد نشطت هناك وعقدت اجتماعات للمزيد من الحشد.

وأكد عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير والمتحدث باسمه جعفر حسن أن التحالف أجاز رؤية تتضمن في أهم بنودها بناء جبهة مدنية موسعة دون استيعاب المؤتمر الوطني من جديد أو السماح له بأن يكون جزءا من الحل المستقبلي.

وتعزز ملامح التكاتف الشعبي والسياسي رؤية قوات الدعم السريع التي عرضتها مبكرا وتفيد بأن الخطر على السودان يكمن في المؤامرات التي تحيكها الفلول ومحاولة توظيف القوات المسلحة كرأس حربة في معركة لا تنفع البلاد وتعرضها للخطر، من أجل تحقيق مصالح فئة تريد أن تسحب السودان إلى مستنقعها.

وأشارت تقارير سودانية الأحد إلى تحديد مكان اختباء القياديين في المؤتمر الوطني أحمد هارون وعبدالحليم المتعافي، بما يعني حث المواطنين على تتبعهم وعدم الانسياق وراء خطاب عقائدي ظهرت تجلياته في مواقف عديدة، آخرها في شرق السودان، حيث ذهب هارون ورفاقه إلى هناك لتجنيد مواطنين والزج بهم في صفوف القوات المسلحة، وأغلبهم لهم أجندة خاصة تضفي على الحرب قداسة لضمان التجييش.

◙ التكاتف الشعبي والسياسي يعزز موقف الدعم السريع الذي يؤكد أن الخطر على السودان يكمن في مؤامرات الفلول

وأثار هذا الاتجاه غضب جهات داخلية وخارجية، ترى أن ظهور قيادات محسوبة على الحركة الإسلامية في خضم المعارك الدائرة في السودان يزيد الوضع تأزما، خاصة مع تناثر معلومات تفيد بعرقلة بعض القيادات الإسلامية جميع المبادرات الرامية إلى وقف الحرب وإعادة العملية السياسية إلى مسارها الصحيح.

وكشفت مصادر وصفت بـ”الموثوقة” لموقع “سودان تربيون” عن اختباء القياديين هارون والمتعافي من حزب المؤتمر الوطني المنحل في ضاحية دار أم بلال التي تبعد عشرة كيلومترات عن مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان.

وأفادت تقارير صحفية بأن قادة من الحزب، يتقدمهم أحمد هارون وعوض الجاز، التقوا كوادر من الحزب والحركة الإسلامية في ولايتي كسلا والقضارف شرقي البلاد مؤخرا، ضمن جولة تشمل عددا من الولايات.

وتحدثت التقارير عن تخفي القيادي من حزب المؤتمر الوطني علي عثمان طه، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، حالياً في مدينة كسلا شرقي السودان.

ويعتزم محامون سودانيون تقديم طلب إلى النيابة العامة في ود مدني لإلقاء القبض على قيادات المؤتمر الوطني باعتبارها مطلوبة للعدالة بموجب المادة 110 والهروب من الحراسة القانونية.

وأصدرت النيابة في ولاية كسلا في الأول من أغسطس الحالي أوامر بالقبض على خمسة من قياديي نظام الرئيس السابق عمر البشير بعد بلاغات دونتها ضدهم قوى مدنية تتهمهم بالتخطيط لإشعال الحرب في شرق السودان، وهم: علي عثمان طه وأحمد هارون وعوض الجاز وعبدالرحمن الخضر والفاتح عزالدين.

وبعد أيام قليلة من بدء الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل الماضي هرب قياديون في النظام السابق من سجن كوبر، في مقدمتهم طه وهارون ونافع علي نافع والجاز.

ولفتت صحيفة “مداميك” السودانية إلى أن القيادي علي عثمان طه يخفي نفسه في مدينة كسلا بمنطقة السواقي في مزرعة مملوكة لإدريس محمد عبدالقادر الذي شغل منصب وزير شؤون الرئاسة في حقبة عمر البشير.

وعقد عثمان طه اجتماعات ضمت عوض الجاز وأحمد هارون وإبراهيم محمود وزير الداخلية ووالي كسلا السابق وشخصيات من قيادات حزب المؤتمر الوطني، وبحثت خطة الحركة الإسلامية للسيطرة على شرق البلاد وولاية نهر النيل والولاية الشمالية كنقطة ارتكاز للتنظيم، فضلا عن التعبئة الكبيرة التي تقوم بها فلول البشير لتقسيم المجتمع السوداني وتحويل الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى حرب أهلية.

وبدأت النيابة العامة في ولاية القضارف بشرق السودان الخميس في التحري بشأن البلاغ الذي تقدمت به شخصيات سياسية ومدنية بالولاية في مواجهة الوالي المكلف محمد عبدالرحمن محجوب، وآخرين، بتهمة التستر على أنشطة النظام السابق، حيث نظمت قيادات من فلول البشير فعالية في قاعة البراء في الثامن عشر من يوليو الماضي، ما اعتبر استفزازا واستهتارا بدماء آلاف الضحايا في دارفور وفي الثورة السودانية.

وأوضح التحالف الوطني السوداني لمنطقة البحر الأحمر أن قادة المؤتمر الوطني عقدوا اجتماعا في مدينة بورت سودان، تم بإجراءات رسمية من الجهات التنفيذية.

ويقول متابعون إن فتح البلاغات القانونية يدخل في إطار ممارسة المزيد من الضغط السياسي على عناصر الحركة الإسلامية، ويقطع الطريق على قياداتها لنسج سيناريوهات مخيفة لبلد يريد أهله الحفاظ على ما تبقى من تماسكه الوطني.

ويضيف هؤلاء المتابعون أن التحركات الجديدة للتصدي لفلول البشير، التي جاءت من مصادر متعددة، تؤكد الرغبة الجامحة في طي صفحات المؤتمر الوطني وعدم العودة إليها بأي صورة، وأن التحايل الذي تقوم به بعض القيادات غير مقبول.

وتعبر مشاركة المواطنين في رفض الخطاب الذي تتبناه الحركة الإسلامية للقفز على السلطة، من خلال السيطرة على مقاليد الأمور في المؤسسة العسكرية، عن رؤية ناضجة تدعمها رؤية القوى السياسية التي لا تزال تحافظ على استثناء فلول النظام السابق من أي مشاركة في العملية السياسية.

ورغم أن الرسائل الشعبية والسياسية الرافضة لتصورات النظام البائد تبدو إيجابية وتساند بشكل غير مباشر ما ذهب إليه خطاب قوات الدعم السريع، فإنها قد تجبر فلول البشير على اللجوء إلى المزيد من العنف وخلط الأوراق، والسعي لإجراء تغييرات في الجيش تقود إلى سيطرة قيادات هذه الفلول تماما على مفاصله لتتمكن من سد الطريق على أي فرصة للتفاهم مع قوات الدعم السريع ووقف الحرب.

وتعد عملية إجهاض خطة الحركة الإسلامية للحشد في شرق السودان أحد المكاسب المباشرة لما حدث من استنفار في منطقة تمثل حيوية إستراتيجية للسودان ودول أخرى، ويمكن أن يفضي نجاحها إلى الدخول في دوامة إقليمية قاتمة.

العرب