احتضنت العاصمة التركية أنقرة المؤتمر الرابع عشر للسفراء الأتراك تحت رعاية وزير الخارجية هاكان فيدان، بين 5 – 9 أغسطس/آب 2023. وأقيمت في إطار المؤتمر جلسة نقاشية حول «الاتصال والثقافة والعلوم في قرن تركيا»، ألقى خلالها فيدان خطابه الأكثر شمولا حتى الآن حول رؤية السياسة الخارجية الوطنية ودور وزارة الخارجية. شدد فيدان في البداية على أن النظام العالمي يعاني في الوقت الراهن من «أزمة معقدة ومتعددة»، مشيرا إلى حالات الظلم السائدة والمخاطر المتزايدة والحاجة إلى إجراء «تغيير» في النظام. وأكد الوزير فيدان أن تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، ستكون واحدة من الدول الرائدة التي تسهم في تشكيل النظام الدولي الجديد.
الانقلابات المتوالية في افريقيا تشكل مسرحا للمنافسة بين القوى الكبرى الجديدة
وزير الخارجية فيدان قال إن رؤية السياسة الخارجية في مبادرة «قرن تركيا» تهدف إلى جعل بلاده «أحد اللاعبين المؤسسين للنظام». بالتأكيد، لن تتحرك تركيا بمفردها، بل ستمثل «مفهوم تعددية الأطراف الجديدة التي تركز على الحلول»، وهو ما يتجلى في الدور القيادي للرئيس أردوغان. سوف تعمل تركيا جنبا إلى جنب مع الدول الأخرى لإقامة «نظام دولي شامل يحتضن الجميع»، تماما كما فعلت أثناء الجائحة وخلال الحرب في أوكرانيا.
ذكر فيدان في خطابه أربعة أهداف استراتيجية رئيسية، وهي: «إرساء السلام والأمن في منطقتنا، وترسيخ علاقاتنا الخارجية على أسس هيكلية، وتطوير بيئة الرفاهية، وإحراز تقدم في أهدافنا العالمية». ويتطلب تحقيق هذه الأهداف التنسيق في العديد من المجالات، لاسيما الاقتصاد والدفاع والطاقة والاتصالات. ويمكن القول إن «رؤية السياسة الخارجية الوطنية» التي عرضها فيدان، تلخص نهج السياسة الخارجية التركية تجاه المناطق والبلدان والقضايا بما يتماشى مع هذه الأهداف. وهي تتوافق تماما مع فهم أردوغان للسياسات المتكاملة وتصور البيان الانتخابي لحزب العدالة والتنمية لعام 2023.
الأهداف والرؤية المعلنة بشأن السنوات الخمس المقبلة، تعتبر واقعية وتستند إلى خبرة عشرين عاما في السياسة الخارجية. ومن الواضح أن الحرب في أوكرانيا أضافت غموضا وصراعات جديدة إلى النظام العالمي. كما أن الانقلابات المتوالية في إفريقيا تشكل مسرحا للمنافسة بين القوى الكبرى الجديدة. ويتوقع حدوث المزيد من هذه التحديات في المستقبل. فالقوى العالمية والإقليمية تترقب أزمات وصراعات جديدة. من المعروف أن فيدان مارس خلال فترة رئاسته لجهاز المخابرات الوطني (MİT) دورا نشطا في تنفيذ العديد من الملفات السياسية الخارجية، وبالتالي فإن «رؤية السياسة الخارجية الوطنية» التي عبر عنها تستمد طاقتها من الحاجة ومن السعي التركي نحو الحصول على وضع دولي جديد. هذه الرؤية طموحة، ولكنها ليست مغامرة. إنها تولي أهمية للتمثيل المؤسسي، والتكامل، والمبادئ، وتعددية الأطراف، والعمل مع الأصدقاء والحلفاء.
خلاصة الكلام؛ في 4 يونيو/حزيران 2023، أصبح هاكان فيدان وزيرا للخارجية في الحكومة التركية الـ67، التي تشكلت بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان. ويتضح من خلال قصة حياته وتنوع مجالات تعليمه أن فيدان لديه خبرة غنية ومتراكمة في مجال العلاقات الخارجية، والدبلوماسية، والشؤون العسكرية. فقد شغل مناصب رسمية مكنته من فهم الأمور الداخلية والخارجية للدولة بكل تفاصيلها، وعمل كذلك في مجال الدبلوماسية الذي يشهد نشاطا مكثفا للعلاقات الدولية. في 4 يونيو/حزيران 2023 نشرت مجلة فوربس العالمية الشهيرة مقالا بعنوان «هاكان فيدان: رئيس المخابرات التركية يصبح دبلوماسيا رفيع المستوى». وجاء في المقال أن «هذا التغيير (ارتقاء فيدان من رئاسة المخابرات الوطنية إلى وزارة الخارجية) ليس مجرد تغيير بيروقراطي، بل هو دعوة صريحة لكل شريك خارجي من الولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي وروسيا ومتاهات الشرق الأوسط. منصبه الجديد يوفر لهاكان فيدان فرصة هامة جدا لترك بصمة لا تُمحى على المسرح العالمي. في الواقع، كان فيدان بالفعل واحدا من أبرز الفاعلين في سياسة تركيا الخارجية. العديد من هؤلاء الأشخاص من جميع أنحاء العالم قد عملوا أو أقاموا علاقات مباشرة مع فيدان وتقاطعت طرقهم في أماكن مختلفة من باكستان إلى الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة».
القدس العربي