الاستثمارات الصينية تعزز برامج تنمية الصحراء المغربية

الاستثمارات الصينية تعزز برامج تنمية الصحراء المغربية

اكتسبت خطط المغرب لتنمية الأقاليم الجنوبية زخما كبيرا مع تزايد المؤشرات على عزم المستثمرين الصينيين تعزيز حضورهم في البلاد، في ظل قناعة المسؤولين والخبراء بأن أقاليم الصحراء ستصبح وجهة لرؤوس الأموال الأجنبية في المستقبل.

العيون (المغرب)- تتحرك الصين بوتيرة متسارعة لرفع حجم استثماراتها في المغرب من بوابة الأقاليم الصحراوية، والدخول إلى قطاعات جديدة في سياق خطط توسعها الاقتصادي في الأسواق الأفريقية.

وتعتزم شركة هوايو كوبالت الصينية ضخ استثمارات في مشروع يتعلق بإقامة منشأة لتصنيع مكونات البطاريات في مدينة العيون المغربية وذلك في أحدث خطوة من إستراتيجية تنمية الأقاليم الجنوبية.

وفي اطار الاهتمام الصيني بالأقاليم الجنوبية والفرص الاقتصادية الواعدة التي تقدمها، شهدت العيون مؤخرا زيارة لوفد رسمي من هوايو، التي تأسست في العام 2002 ومقرها شينغين، قصد دراسة إنشاء مشروع لها بالجهة.

ويأتي هذا المشروع تجسيدا لاهتمام رجال الأعمال الصينيين، الذين يرون تواجدهم في إقليم الصحراء فرصة للحصول على نافذة نحو الأسواق الأفريقية في المستقبل.

وسلّط المدير العام للمركز الجهوي للاستثمار لجهة العيون محمد جعيفر الضوء على بيئة العمل للمدينة التي تتمتع بشروط النجاح لهذا “المشروع الإستراتيجي الذي تعتزم هوايو الصينية إقامته”، كما هو الحال لعدد من القطاعات الواعدة الأخرى من الجيل الجديد.

وحسب بيان مشترك لوزارة الاستثمار والمركز الجهوي للاستثمار لجهة العيون – الساقية الحمراء، اطلعت عليه “العرب”، فإن إنجاز المشروع سيمتد على مدى سبع سنوات إلى غاية 2030. ومن المتوقع أن يوفر أكثر من 13 ألف فرصة عمل مباشرة.

وستعمل المنشأة على تطوير منظومة مندمجة ستُغطي حاجيات السوق المحلية والأوروبية والأميركية في مجال صناعات مكونات البطاريات الكهربائية بنسبة 30 في المئة، أي ما يناهز حاجيات أكثر من 6 مليون سيارة بنهاية هذا العقد.

وذكر البيان المشترك أن زيارة الوفد الصيني حظيت بمواكبة من المركز الجهوي للاستثمار وبالتنسيق مع الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات.

وقال إن الخطوة “جاءت في إطار الجاذبية المتنامية لجهة العيون – الساقية الحمراء التي تستفيد من دينامية تنموية متسارعة وتطور ملموس لمناخ الأعمال بفضل رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس لتنمية الأقاليم الجنوبية”.

ووفق البيان فإن المشروع “يندرج في إطار الجهود الاستباقية المبذولة من الدولة لتطوير إنتاج السيارات الكهربائية والتموقع كمنصة رائدة دوليا في هذا المجال، وتنزيلا لأحد أهم برامج الإستراتيجية الوطنية لانتقال الطاقة تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس”.

ويؤكد خبراء أن هذه الخطوة ستكون دافعا لشركات أجنبية أخرى وخاصة من الصين لضخ رؤوس أموال في الأقاليم الجنوبية بالنظر إلى ثورة التنمية التي بدأت قبل ست سنوات لتكون بوابة للتجارة مع العالم وتحويل المنطقة إلى منصة صناعية تنافسية.

وتشمل التنمية في الصحراء تطوير البنية التحتية وإقامة مناطق تجارة حرة على مستوى المعبر الحدودي الكركرات ومركز بئر كندوز جهة الداخلة – وادي الذهب فضلا عن تطوير ميناء الداخلة – الأطلسي وأشار الخبير الاقتصادي رشيد ساري إلى أن المجلس الجهوي للاستثمار بجهة العيون قام بدوره في إقناع هوايو للاستثمار بالمنطقة.

وأوضح أن ذلك يأتي في إطار إستراتيجية مغربية واسعة لتحفيز الاستثمار الصيني بالبلاد، وتعزيز مؤهلاتها في مجال الاستثمار، وتشجيع الشركات على الاستفادة من فرص التعاون الثنائي.

وقال ساري في تصريح لـ”العرب” إنه “من خلال الترويج والتسويق ومواكبة الاستثمار الصيني وغيره في المغرب، ثمة ثقة بالمؤهلات المغربية والرأسمال البشري في مجال تصنيع البطاريات التي أبانت عن قدرته في الذهاب بعيدا في هذا المجال”.

وأوضح أن هوايو تريد إقامة المصنع للمنافسة داخل الأسواق الأوروبية والأميركية، حيث أن الولايات المتحدة عازمة على الرفع من وتيرة صناعة السيارات الكهربائية بحلول 2030 إلى الثلثين، حيث تضم أكثر من 250 مليون سيارة.

وترتكز الخطة الخمسية للمغرب والتي تمتد حتى 2025 على نقطة أساسية وهو جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتقديم حوافز للشركات للتأقلم مع الوضع الذي خلّفته الجائحة في مرحلة أولى ثم توسيع هذا النشاط في مرحلة لاحقة حتى يدعم نمو الاقتصاد.

وتحفز بيئة الأعمال المغربية بفضل تطوير التشريعات والمرونة اهتمام الكثير من الشركات الصينية مثل هواوي وسيتيك ديكاستال وسي.آر.بي.أي وكوفيك وزد.تي.آي وتشاينا أكسيم بنك وبنك أوف تشاينا.

ويعد مشروع مدينة محمد السادس طنجة تيك، الذي تم الاتفاق على إنشائه في عام 2019، أكبر استثمار للصين حتى الآن، وتبلغ قيمته التقديرية حوالي 10 مليارات دولار، ويوفر نحو 100 ألف فرصة عمل، ويستقطب نحو 200 شركة.

وأشار محسن الجزولي الوزير المكلف بالاستثمار إلى أن قطاع إنتاج بطاريات المركبات النظيفة يوفر مجالا واعدا للتعاون بين المغرب والصين.

وقال إن بلاده “تمتلك احتياطيات كبيرة من المعادن، مثل الكوبالت والفوسفات، وهي مكونات أساسية للبطاريات، بينما تتمتع الشركات الصينية بخبرة واسعة، ما من شأنه تأمين الوصول إلى المواد الخام المهمة مع دعم الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون”.

وفي أبريل الماضي، قامت الرباط بحملة ترويجية لتنشيط الاستثمارات الصينية، قادها الجزولي في بكين وشنغهاي، والتي نظمتها الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات.

وتضمن البرنامج سلسلة من اللقاءات مع ممثلي الحكومة الصينية، وعدد من الاقتصاديين الرئيسيين.

وتشجع بكين شركاتها على الاستثمار بالمغرب في مختلف القطاعات، وخاصة صناعة السيارات والطيران والزراعة والتكنولوجيا الفائقة والتجارة الإلكترونية، وغيرها من المجالات، فيما تسعى لاقتحام قطاعات جديدة منها صناعة البطاريات.

وبفضل موقعه الإستراتيجي يوفر المغرب فرصا هائلة للاستثمار الصيني، ليس فقط كبوابة للقارة الأفريقية، ولكن أيضا لأوروبا وأميركا الشمالية.

وفي هذا الصدد وقّع المغرب مُذكرة تفاهم مع المجموعة الصينية الأوروبية غوشن هاي تك، العاملة في قطاع التنقل الكهربائي، لإنشاء منظومة صناعية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة، باستثمارات تُقدر بنحو 6.4 مليار دولار.

ويتضمن الاستثمار الصيني إنشاء مجمّع صناعي غيغا فكتوري بطاقة إنتاجية تصل إلى 100 غيغاواط/ساعة سنويا بالعاصمة الرباط، وهو ما يوفر نحو 25 ألف وظيفة بحسب بيان صادر عن الجانب المغربي.

العرب