فصائل مسلحة في العراق تنفخ في صورة التحركات العسكرية الأميركية لأغراض انتخابية

فصائل مسلحة في العراق تنفخ في صورة التحركات العسكرية الأميركية لأغراض انتخابية

تروج فصائل مسلحة موالية لإيران في العراق هذه الأيام لوجود تحركات عسكرية أميركية مريبة في عدد من المحافظات، وبينها العاصمة بغداد، مثيرة المخاوف من سيناريوهات لزعزعة الوضع في البلاد.

ورغم أن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش أكد في وقت سابق أن تلك التحركات تندرج في إطار استبدال روتيني للوحدات الموجودة، لكن ذلك لم يوقف تلك الفصائل عن تضخيم صورة ما يحدث، عبر نشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل تزعم أنها لأرتال عسكرية أميركية في بغداد.

ونقلت صحيفة “المدى” المحلية عما وصفته بمصادر سياسية مطلعة أن بث مثل تلك الأخبار “لعب خطر يضر الأمن القومي” للبلاد لصالح الترويج الانتخابي.

وقالت المصادر إن تضخيم قصة التحركات الأميركية يهدف إلى إعادة إنتاج شعارات “المقاومة” والتخويف من عودة تنظيم داعش.

وتستعد القوى الشيعية الموالية لإيران لاستحقاق مصيري هو انتخابات مجالس المحافظات المقررة في الثامن عشر من ديسمبر المقبل، والتي ستحدد القوى المهيمنة على الحكومات المحلية للعشر سنوات المقبلة.وقد بدأت الماكينة الانتخابية لهذه القوى ومنها فصائل مسلحة مبكرا في حملاتها الانتخابية، على أمل استقطاب المزيد من الناخبين، لترجيح كفتها في الاستحقاق.

وانفض جزء كبير من العراقيين من حول الفصائل المسلحة بعد انتهاء الحرب عمليا على تنظيم داعش، وهو ما ظهر في النتائج المخيبة التي حققتها تلك الفصائل في الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر من العام 2021.

وتبدو هذه الفصائل في حاجة ماسة اليوم إلى اختلاق قضية تعيد من خلالها تبرير أهمية حضورها في المشهد، كطرح “تهديد” وإن كان وهميا، على أمل وقف نزيف خزانها الشعبي.

وقالت المصادر إن موقف القوى الشيعية من التحركات العسكرية التي سجلت في بعض الأنحاء ينقسم إلى ثلاثة مستويات: الأول ينفي ويتمثل في الحكومة على وجه الخصوص، والثاني يحذر من احتمالات غير مريحة بالمستقبل، والثالث يبالغ.

وأشارت تلك المصادر إلى أن “رئيس الحكومة محمد شياع السوداني في مأزق، فهو من جهة ملتزم بما يتفق عليه الإطار، وبالمقابل لا يريد خسارة الولايات المتحدة”، لاسيما بعد التفاهمات التي جرى إقرارها مؤخرا خلال زيارة لوفد عراقي إلى واشنطن.

ولفتت المصادر إلى أن زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، يمكن تصنيفه ضمن المستوى الثاني في التعامل مع ما يروج من أنباء عن التحركات الأميركية.

وكان الخزعلي تحدث في مقابلة مع التلزيون العراقي الرسمي وأوضح أن ما يجري من تحركات غير معلنة للقوات الأميركية هدفه “إنشاء إقليم على الحدود مع سوريا”.

وقال الخزعلي إنه يمتلك كل تفاصيل “استبدال الـ2500 أميركي في العراق”، وكشف أن الاستبدال سيكون بـ”قوات قتالية لكن أغلبها يذهب إلى سوريا”.

وأكد زعيم عصائب أهل الحق انتقال 1500 جندي أميركي من قاعدة الحرير إلى سوريا، مشددا على أن “عديد القوات الأميركية 2500 لن يزيد فردا واحدا”. وتكلم الخزعلي عن أن القوات الأميركية في العراق “موجودة بعلم الحكومة”، معتبرا أن هناك “إعلاما مضخما للتحركات الجارية”.

وفي مقابل ذلك ينحو أصحاب المستوى الثالث داخل المنظومة السياسية الشيعية، بحسب المصادر، إلى الترويج إلى أن التحركات الأميركية الجارية تأتي في سياق سيناريو يستهدف استقرار العراق.

وذهبت فصائل مثل “المقاومة الإسلامية كتائب سيد الشهداء” حد التهديد في مقطع فيديو بمواجهة القوات الأميركية، فيما زعمت منصات قريبة من كتائب حزب الله بأن تحركات لعناصر داعش تجري في الأنبار غرب البلاد، بأوامر أميركية.

وكان التحالف الدولي ضد تنظيم داعش أعلن الخميس الماضي، الاستغناء عن إحدى فرقه العسكرية بقوة أخرى في العراق، ضمن إجراءات إعادة الانتشار واستبدال القوات العاملة في البلاد.

ووفق بيان التحالف الدولي، فإن أفرادا من الخدمة في التحالف من الفرقة الجبلية العاشرة حلوا محل أفراد الخدمة من الحرس الوطني لولاية أوهايو، وذلك جزء من عملية الإحلال والمناوبة المخطط لها للقوات لدعم قوة المهام المشتركة.

وأشار البيان إلى أن أفراد الخدمة في الوحدة المقرر لها أن تحل محلها على أهبة الاستعداد والجاهزية لتولي المسؤولية، ويشمل ذلك المعدات العائدة للوحدة، وهذه العملية تسمى عملية إحلال ومناوبة وانتقال المسؤولية.

وأكد رئيس الوزراء العراقي في منتصف أغسطس الجاري أن بلاده لم تعد في حاجة إلى وجود قوات مقاتلة أجنبية على أراضيها، جاء ذلك خلال اجتماع عقده مع عدد من قادة الجيش العراقي، كما نقل المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء عن السوداني قوله “نجري حوارات متقدمة لتحديد شكل العلاقة المستقبلية والتعاون مع التحالف”.

وكان وفد عراقي رفيع المستوى قد زار العاصمة الأميركية واشنطن قبل نحو أسبوعين، برئاسة وزير الدفاع ثابت العباسي، والعديد من القادة الأمنيين والعسكريين، وأعلن الوفد عن اتفاق مع الجانب الأميركي على تشكيل لجنة عليا مشتركة مع التحالف الدولي للبدء بتنفيذ مخرجات الحوار المشترك الذي جرى بين الطرفين.

العرب