واشنطن – سجل دعم الوقود الأحفوري مستويات غير مسبوقة، نتيجة دعم الحكومات للمستهلكين والشركات خلال ارتفاع الأسعار العالمية للطاقة، إثر اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية والتعافي الاقتصادي من الجائحة.
وأفادت تقديرات جديدة من صندوق النقد الدولي بأن الدعم العالمي للوقود الأحفوري ارتفع بواقع تريليوني دولار على مدى العامين الأخيرين، ليسجل مستوى قياسيا بلغ سبعة تريليونات دولار في 2022.
وقال الصندوق في تقرير إن “زيادة التكاليف بفعل نمو الاستهلاك بعد الجائحة وارتفاع تكلفة الطاقة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022 يثقلان كاهل الميزانيات، مما يفاقم التلوث والاحتباس الحراري”.
وأضاف “يكلف دعم النفط والفحم والغاز الطبيعي ما يعادل 7.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عالميا”.
وأشار إلى أن هذا أكثر مما تنفقه الحكومات سنويا على التعليم والبالغ حوالي 4.3 في المئة من الدخل العالمي، ونحو ثلثي ما تنفقه على الرعاية الصحية والبالغ نحو 10.9 في المئة.
7 تريليونات دولار إجمال إنفاق بلدان العالم على هذا البند خلال العامين الأخيرين
وحذر الصندوق من أن الدعم الضمني، أي تكلفة التعويضات عن تلوث الجو والاحتباس الحراري، يمثل أغلب التكاليف ومن المرجح أن يستمر في التزايد.
وخفضت مجموعة من الحكومات في أفريقيا وغيرها من الدول النامية دعم الوقود في الأعوام القليلة الماضية جراء الضغوط المالية الكبيرة التي تعاني منها.
ويعود ذلك بشكل جزئي إلى تزايد الدين وتكاليف الاقتراض في الوقت الذي تواجه فيه الدول الأكثر ثراء، التي تستهلك الطاقة بشكل أكبر، ضغوطا مالية أقل لخفض تكاليف الدعم.
وتضاعفت تكاليف الدعم الصريح، أي ما تدفعه الحكومات بشكل مباشر لإبقاء أسعار الكهرباء أو إنتاج الوقود منخفضة، أكثر من المثلين منذ 2020 لتسجل 1.3 تريليون دولار.
وأكد صندوق النقد أن هذه التكاليف من المرجح أن تتراجع الآن بعد انخفاض أسعار الطاقة، والتوقيت الآن مثالي لإلغاء الدعم.
ويشير خبراء المؤسسة المالية الدولية المانحة إلى أن تراجع أسعار الطاقة يوفر فرصة سانحة للالتزام بتسعير انبعاثات الكربون وملوثات الهواء المحلية بدون الاضطرار إلى رفع أسعار الطاقة فوق المستويات التي شوهدت في الآونة الأخيرة.
معظم أشكال الدعم تأتي في صورة ضمنية نظرا لأن أسعار الوقود الأحفوري لاسيما الفحم والديزل، غالبا ما لا تعكس التكلفة البيئية
لكنهم أوضحوا أن تكاليف الدعم الضمني مبعث قلق أكبر، ومن المرجح أن تستمر في التزايد مع زيادة الأضرار الناجمة عن زيادة دفء الأرض.
وتنشأ عن استهلاك الوقود الأحفوري تكلفة بيئية هائلة نتيجة تلوث الهواء المحلي وأضرار الاحترار العالمي في المقام الأول.
وتأتي معظم أشكال الدعم في صورة ضمنية نظرا لأن أسعار الوقود الأحفوري لاسيما الفحم والديزل، غالبا ما لا تعكس التكلفة البيئية.
ويقدر الصندوق أن إلغاء دعم الوقود الأحفوري الصريح والضمني سيقي من الوفاة المبكرة لقرابة 1.6 مليون شخص سنويا.
كما أن خطوة كهذه ستزيد من إيرادات الحكومات بواقع 4.4 تريليون دولار سنويا، وستضع الانبعاثات على المسار الصحيح نحو الوصول إلى الأهداف المرجوة لمكافحة الاحتباس الحراري.
وسيؤدي ذلك أيضا إلى إعادة توزيع الدخل نظرا لأن الأسر الغنية هي الأكثر استفادة من دعم الوقود مقارنة بالأسر الفقيرة.
غير أنه قد يكون من الصعب إلغاء دعم الوقود، فعلى الحكومات تصميم الإصلاحات والإعلان عنها وتنفيذها بوضوح ودقة كجزء من مجموعة شاملة من السياسات التي تركز على المنافع.
ولذلك ينبغي استخدام جزء من الإيرادات الإضافية في تعويض الأسر الضعيفة عن ارتفاع أسعار الطاقة. ويمكن استخدام البقية في تخفيض ضرائب العمل والاستثمار وتمويل السلع العامة كالتعليم والرعاية الصحية والطاقة النظيفة.
العرب