زيادة أسعار الوقود تستفز الشارع المصري

زيادة أسعار الوقود تستفز الشارع المصري

القاهرة – تزايدت الانتقادات الموجهة للحكومة المصرية عقب قرارها بزيادة أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 8 و33 في المئة، بدءا من صباح الجمعة، في خطوة يمكن أن تضعها أمام صعوبات جمة، فهذه الزيادة تضاعف من الأزمة المعيشية للطبقة الفقيرة التي كانت تعوّل على انفراجة بعد زيادة الحصيلة الدولارية للدولة.

وتخلت الحكومة عن حذرها بشأن رفع سعر السولار الذي يؤثر مباشرة على أسعار بعض السلع الرئيسية، لمساهمته في نقل البضائع بسيارات عديدة تستخدمه بدلا من البنزين أو الغاز، وشريحة من الركاب تلجأ إلى المواصلات العامة التي تستخدمه، كما قررت زيادة أسعار أسطوانات الغاز المنزلية التي يستخدمها سكان المناطق الشعبية.

وشهد السولار زيادة جديدة قدرها 21 في المئة، فيما زاد سعر أسطوانة البوتاجاز 33 في المئة، وشمل القرار بنزين 80 وارتفع بنسبة قدرها 10 في المئة، وبنزين 92 وزاد بمعدل 8.6 في المئة، وبنزين 95 الذي ارتفع بنحو 8 في المئة.

وتواجه الحكومة المصرية موقفا حرجا بعد هذه الزيادات، لأن خططها التسويقية التي دشنتها لإقناع المواطنين بتخفيض قيمة الجنيه من خلال تبني سعر مرن وتأثيره على وضعهم المعيشي تبددت.

وظهرت وسائل الإعلام القريبة من الحكومة عاجزة عن إقناع المواطنين بأن الزيادات ضرورية لمجاراة الارتفاعات المستمرة في أسعار الوقود العالمية التي تأثرت بالأوضاع الأمنية المضطربة في جنوب البحر الأحمر وزيادة تكاليف النقل.

وتبدو شريحة من المواطنين متشككة في أن ذلك يأتي ضمن خطة لمعالجة تشوهات الوضع الاقتصادي، في ظل مطالبة صندوق النقد الدولي بتحرير الخدمات العامة من الدعم.

وقد تترك زيادة أسعار الوقود أثرها على قدرة الحكومة على تنفيذ سياساتها بشأن الخروج من المأزق الراهن، فأي قرارات قد يصاحبها تململ شعبي يجعلها تعمل تحت ضغوط مستمرة.

وقالت النائبة في مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) فريدة النقاش إن زيادة أسعار الوقود تضع عبئا جديدا على كاهل المواطنين، وأن حديث الحكومة المتكرر حول موجات الغلاء العالمية وتضرر اقتصاديات بعض الدول وسعيها لتحسين أوضاع الناس، لم يعد يلقى قبولا لدى فئة تضاعفت الأعباء عليها.

وأوضحت النقاش في تصريح لـ”العرب” أن ارتفاع منسوب الغضب يتوقف على المناخ العام وكيفية تعامل وسائل الإعلام مع الزيادات، بما يسهم أحيانا في تأجيجه أو كتمانه، فالسبب الرئيسي للتململ يكمن في رفع الأسعار، خاصة سعر السولار الذي يؤدي إلى رفع عدد كبير من أسعار السلع.

وقالت إنها لا تملك معلومات تؤكد ما إذا كانت الحكومة لديها خطة للتعامل مع الواقع مع التململ الجديد أم لا، لكنها أشارت إلى أن الضمانة للتعامل مع الوضع الراهن تتمثل في انتهاج سياسات اقتصادية مغايرة وزيادة الإنتاج الصناعي والزراعي، بما يقنع الناس بصدق توجهات الحكومة نحو الإصلاح.

وقال بيان لجنة التسعير التلقائي لأسعار المنتجات البترولية إن الزيادات الجديدة جاءت في ضوء النتائج الإيجابية لإجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تمت مؤخرا، ومنها إجراءات تحرير سعر الصرف الذي كان له تأثير مباشر في زيادة تكلفة المنتجات البترولية وارتفاع فاتورة النقل وشحن المنتجات البترولية التي يتم استيرادها من الخارج، ما كان له الأثر في اتساع الفجوة بين التكلفة وسعر البيع بزيادة غير مسبوقة.

وبدا حديث الحكومة عن تأثيرات إيجابية لتخفيض قيمة الجنيه تترتب عليه زيادة الأعباء على كاهل قطاع من المواطنين، وإن خطابها بحاجة إلى توضيح حول دوافعها الحقيقية، وإذا كانت سوف تتخذ المزيد من الإجراءات الاحترازية أم لا.

وتأسست لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية نهاية 2018، وتستهدف تعديل أسعار بيع المنتجات في السوق المحلي ارتفاعا أو انخفاضا كل ثلاثة أشهر، وفقا للتطور الذي يحدث لأهم عاملين مؤثرين في تكلفة إتاحة وبيع هذه المنتجات في السوق المحلي، وهما السعر العالمي لبرميل خام برنت وتغير سعر الدولار أمام الجنيه، إلى جانب الأعباء والتكاليف الأخرى الثابتة.

وأوضح رئيس الحزب الاشتراكي المصري أحمد بهاءالدين شعبان أن رفع أسعار الوقود أمر “منطقي وطبيعي، وهو من نتائج التحول من مجتمع منتج إلى مستهلك بشكل كامل مع التوسع في استيراد أغلب مطالب الحياة الرئيسية من الخارج، ما قاد إلى النتيجة الحالية”.

وذكر شعبان في تصريح لـ”العرب” أن عمليات التخفيض المستمرة في قيمة الجنيه أدت إلى انهيار قيمته، والحكومة تراهن على قدرة الطبقة المتوسطة على تحمل صدمة الزيادات المستمرة في السلع والخدمات، وحال استمرت الأوضاع كما هي فردود الفعل ربما يصعب توقعها، وهو أمر جرى التحذير منه تكرارا.

وطالبت النقابة العامة للفلاحين الزراعيين رئيس الحكومة مصطفى مدبولي بوضع خطة لمواجهة جشع السائقين الذين يستغلون رفع أسعار المحروقات، ومراقبة الأسعار في الأسواق، لأن رفع أسعار المحروقات يساهم في ارتفاع أسعار تكلفة الإنتاج الزراعي، وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية.

العرب