حظي المغرب بهبّة عالمية لمؤازرة جهوده في إغاثة المنكوبين جراء الزلزال المدمر الذي ضرب المملكة الجمعة. وانخرطت المؤسسات المالية العالمية والتكتلات الاقتصادية في هذه الجهود بعد أن أعلنت انخراطها في جهود إعادة الإعمار إثر انتهاء مرحلة الإغاثة.
الرباط – لقي المغرب تضامنا عالميا واسع النطاق عقب الزلزال المدمر الذي ضرب المملكة الجمعة وخلف أكثر من ألفي قتيل، في هبة يقول مراقبون رغم أنها إنسانية إلا أنها مؤشر على العلاقات الدبلوماسية المتينة التي تجمع الرباط مع مختلف الفاعلين من دول ومنظمات مالية وتكتلات اقتصادية.
ومن إسبانيا إلى الولايات المتحدة مرورا بإسرائيل، عرضت دول العالم مساعداتها للمغرب ووضعت جميع إمكانياتها على ذمة السلطات المغربية فيما أبدت دول أخرى استعدادها للمساعدة حال طلبت منها الرباط ذلك.
وقالت وزيرة الدفاع الإسبانية مارجاريتا روبليس إن وحدة بحث وإنقاذ عسكرية إسبانية تضم 56 عسكريا وأربعة كلاب بوليسية وصلت إلى المغرب الأحد.
وستعمل الوحدة التابعة لوحدة الطوارئ العسكرية الإسبانية على بعد 100 كيلومتر تقريبا جنوبي مراكش. وأضافت روبليس أن وحدة بحث وإنقاذ ثانية ستتوجه إلى المغرب في وقت لاحق.
وكان وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس قد ذكر في وقت سابق أن بلاده سترسل فرق بحث وإنقاذ ومساعدات بعد أن تلقت طلبا رسميا من نظيره المغربي للمساعدة.
وأرسلت الولايات المتحدة فريقا صغيرا من خبراء مكافحة الكوارث إلى المغرب لتقييم الوضع وتحديد الاحتياجات الإنسانية غير الملباة والعمل مع الحكومة المغربية على تحديد دعم إضافي. ووصل الفريق الأميركي إلى المغرب الأحد.
والأحد ذكرت فرنسا، التي تتسم العلاقات الدبلوماسية بينها وبين الرباط بالتوتر، أنها مستعدة لمساعدة المغرب لكن الحكومة المغربية لم تطلب منها ذلك حتى الآن.
وقال الرئيس إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحفي “نحن في خدمتها (المملكة). لقد جهزنا كل ما في وسعنا… في اللحظة التي يطلبون فيها هذه المساعدات، سنرسلها”.
وأصدرت وزارة الخارجية بيانا منفصلا قالت فيه إنها أنشأت صندوق مساهمات حكوميا محليا لدعم جهود التضامن مع المغرب. وأضافت أنه جرى التعهد بتقديم نحو مليوني يورو (2.14 مليون دولار) حتى هذه اللحظة.
واتصلت عدة شركات فرنسية بالوزارة لتعبر عن عزمها المساهمة في جهود الدعم. وقالت مجموعة أورنج للاتصالات السبت إنها ستوفر لزبائنها إمكانية إجراء مكالمات مجانية وإرسال رسائل نصية قصيرة مجانا إلى المغرب حتى 16 سبتمبر. كما أعلنت وحداتها في بلجيكا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا توفير اتصالات مجانية مع المغرب لمدة أسبوع.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن “دولة إسرائيل ستقدم كل المساعدة الممكنة للمغرب بما في ذلك فريق بحث وإنقاذ إذا طلب ذلك”.
وقال نظيره العراقي محمد شياع السوداني إنه “مستعد لتقديم أي شكل من أشكال المساعدة”، بينما أمر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني حكومته “بتقديم كل المساعدة اللازمة للمغرب”. وأعلنت قطر أن فريق إنقاذ غادر الدوحة مساء السبت.
المؤسسات المالية الدولية تقف إلى جانب المملكة المغربية لتقديم كل الدعم العاجل و اللازم لجهود إعادة الإعمار
وقالت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن أمير البلاد نواف الأحمد الجابر الصباح أمر الحكومة بتجهيز كافة المستلزمات الإغاثية اللازمة للمغرب.
وأعلنت الجزائر، التي قطعت علاقاتها مع المغرب قبل عامين، أنها ستفتح مجالها الجوي أمام الرحلات الإنسانية والطبية إلى المغرب.
وذكرت الرئاسة الجزائرية في بيان السبت أنها مستعدة لتقديم المساعدات الإنسانية وعرض كل إمكانياتها المادية والبشرية تضامنا مع الشعب المغربي، في حال طلب المغرب ذلك.
ووصل الأحد فريق إنقاذ ودعم تونسي متكون من نحو 50 مسعفا وفردا من وحدة متخصصة وكلاب بحث فضلا عن أجهزة متطورة لرصد الحرارة وطائرة مسيرة لرصد الضحايا تحت الأنقاض ومستشفى ميداني.
وعرضت سويسرا توفير ملاجئ مؤقتة ومعدات لمعالجة المياه وتوزيعها ومرافق صرف صحي ومستلزمات نظافة. وسيقوم خبراء من هيئة المساعدات الإنسانية السويسرية بتسليم هذه المعدات.
وأعلنت وزارة الدفاع البلجيكية السبت تفعيل خدمة تنسيق المساعدات الطارئة بالخارج للاستجابة لطلبات المساعدة التي ستقدمها للسلطات المغربية (المستشفيات الميدانية والمتنقلة المزودة بمعدات الاستجابة للطوارئ والفرق الطبية).
وذكرت منطقة فلاندرز الأكثر اكتظاظا في بلجيكا، حيث تعيش جالية مغربية كبيرة، أنها ستخصص مساعدات طارئة بقيمة 200 ألف يورو من خلال الصليب الأحمر. وتعهدت منطقة والونيا الناطقة بالفرنسية في جنوب البلاد بتقديم “مساعدة فورية بقيمة 500 ألف يورو لضحايا هذه الكارثة”.
وعرضت إيطاليا مساعدة هيئة الدفاع المدني وفرق الإطفاء، بينما أرسلت الكنيسة الكاثوليكية الإيطالية 300 ألف يورو عبر كاريتاس إيطاليا.
وشدد الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا السبت على “استعداد إيطاليا للمساهمة في عمليات الإنقاذ المعقدة”. واقترحت تركيا السبت إرسال 265 من عناصر الإنقاذ وألف خيمة، دون تلقي أي رد من السلطات المغربية في هذه المرحلة.
وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيتسكي إن بلاده “مستعدة لتقديم المساعدة الضرورية، بما في ذلك فريق إنقاذ”، مؤكدا أن “حجم المأساة في المغرب هائل”.
وقالت إدارة الإطفاء التايوانية السبت إنها وضعت فريقا يضم 120 من رجال الإنقاذ على أهبة الاستعداد للتوجه إلى المغرب ويمكنهم التحرك فور تلقيهم تعليمات من وزارة الخارجية التايوانية.
120 من رجال الإنقاذ التايوانيين على أهبة الاستعداد للتوجه إلى المغرب ويمكنهم التحرك فور تلقيهم التعليمات
وأبدت مؤسسات مالية وتكتلات دولية الأحد تضامنها مع المغرب.
وجاء في بيان مشترك أصدره صندوق النقد الدولي أن رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، ورئيس الاتحاد الأفريقي أزالي عثماني، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والمفوضية الأوروبية، أعربوا عن استعدادهم لدعم المغرب في أزمته.
وأورد البيان أنه “بعد زلزال 9 سبتمبر الجاري نعرب عن تضامننا الكامل مع السلطات والشعب المغربي، ونقدم تعازينا لأسر الضحايا، كما نعرب عن استعدادنا لدعم المغرب بأفضل طريقة ممكنة”.
وأكد الموقعون على البيان أنهم كانوا ومازالوا شركاء ملتزمين للمغرب، “وندعم السلطات في سعيها لبناء اقتصاد شامل ومرن بمؤسسات قوية”. وترأست الهند اجتماعات مجموعة العشرين يومي 9 و10 سبتمبر، وصدر البيان في أعقاب انتهاء أعمال القمة.
وزاد البيان “إننا، مع جميع شركائنا الدوليين، نقف إلى جانب المغرب لتقديم كل الدعم اللازم لأية احتياجات مالية عاجلة على المدى القصير ولجهود إعادة الإعمار”. ولتحقيق هذه الغاية “سنحشد أدواتنا ومساعداتنا التقنية والمالية بطريقة منسقة لمساعدة الشعب المغربي على التغلب على هذه المأساة الرهيبة”.
وضرب الزلزال عدة مدن كبرى مثل العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس ومراكش (شمال)، وأغادير وتارودانت (وسط). وحسب أحدث بيانات لوزارة الداخلية المغربية أسفر الزلزال عن 2012 حالة وفاة و2059 إصابة من بينها 1404 إصابات خطيرة، إضافة إلى الدمار المادي الكبير.
العرب