وكالة الطاقة تتوقع بلوغ الأسواق العالمية ذروة الطلب قبل 2030

وكالة الطاقة تتوقع بلوغ الأسواق العالمية ذروة الطلب قبل 2030

رجحت الوكالة الدولية للطاقة أن يبلغ الطلب العالمي على النفط والغاز والفحم في الأسواق حدا أقصى قبل نهاية العقد الحالي، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها عن الآفاق المستقبلية للأنواع الثلاثة للوقود الأحفوري.

باريس – حملت توقعات حديثة وكالة الطاقة الدولية بشأن الطلب على النفط والغاز والفحم في طياتها القليل من التشاؤم قياسا بما يراه المنتجون مع ارتفاع أكبر لحجم الاستهلاك العالمي الذي سيصل إلى أقصاه في السنوات التي تسبق نهاية هذا العقد.

وكتب المدير التنفيذي للوكالة فاتح بيرول في صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية يقول إن التقرير السنوي لتوقعات الطاقة العالمية الذي تصدره وكالة الطاقة الدولية الشهر المقبل، سيُظهر أنّ “العالم على أعتاب نقطة تحوّل تاريخية”.

وأشار إلى أن التوقعات الأخيرة للوكالة التي يرأسها تُظهر أن “عصر النمو بلا هوادة سيصل إلى نهايته هذا العقد”.

وحذّر بيرول من انعكاسات هذا الطلب على المعركة ضد التغير المناخي، إذ سيبكّر من بلوغ ذروة انبعاثات الغازات الدفيئة.

وقال مستندا إلى سياسات حكومات العالم، إن الطلب على أنواع الوقود الأحفوري الثلاثة “يُتوقع أن يبلغ حده الأقصى في السنوات المقبلة”.

وكتب في الصحيفة أن “هذه هي المرة الأولى التي يبلغ فيها الطلب، على كل نوع من أنواع الوقود، ذروته هذا العقد”، لافتا إلى حدوث ذلك في وقت أقرب مما كان متوقعا.

وكان الكثير من المحللين قد توقعوا أن يبلغ الطلب العالمي على النفط ذروته قبل العام 2030 مع تزايد احتياجات الدول وكذلك النمو الديموغرافي.

وقال بيرول إنّ التغيير يرجع في الغالب إلى “النمو المذهل” لتقنيات الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية، إلى جانب التغييرات الهيكلية في الاقتصاد الصيني وتداعيات أزمة الطاقة.

وتوقّعت وكالة الطاقة في تقرير لها في يونيو الماضي أنّ ذروة الطلب العالمي على النفط ستكون “في الأفق” قبل نهاية العقد، لكنّها المرة الأولى التي تُجري فيها مثل هذا التقييم بالنسبة إلى الفحم والغاز.

ومن جهة أخرى، أكد بيرول أنّ تزايد السيارات له تأثير على الطلب على النفط.

وخفضت الوكالة الشهر الماضي توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 إلى مليون برميل يوميا، مشيرة إلى الأداء الباهت للاقتصاد الكلي.

وفي غضون ذلك، أبقى تقرير أوبك لشهر أغسطس توقعاته لنمو الطلب عند 2.25 مليون برميل يوميا في 2024 دون تغيير.

وحوّمت العقود الآجلة لخام برنت فوق 90 دولارا للبرميل بقليل الثلاثاء، إذ يترقب المستثمرون سلسلة من بيانات الاقتصاد الكلي المقرر صدورها في وقت لاحق هذا الأسبوع، والتي قد تشي بما إذا كانت أوروبا والولايات المتحدة ستواصلان رفع الفائدة.

وانخفض سعر خام القياس العالمي برنت ستة سنتات إلى 90.58 دولار للبرميل، في حين تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي سنتين إلى 87.27 دولار.

ووصل برنت إلى 90 دولارا للبرميل الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ عشرة شهور بعد أن أعلنت السعودية وروسيا أنهما ستمددان تخفيضات طوعية للإمدادات تبلغ مجتمعة 1.3 مليون برميل يوميا حتى نهاية العام.

ويقول محللو قطاع الطاقة إن الدوافع الأساسية التي دعمت صعود أسعار النفط الخام منذ يونيو الماضي لا تزال قوية.

وتحافظ السعودية وروسيا، اللتان تقودان تحالف أوبك+، على قيود الإمدادات مع زيادة تفاؤل توقعات الطلب في الصين، أكبر مستوردة للنفط الخام، إضافة إلى استبعاد احتمال حدوث ركود عميق في الولايات المتحدة.

وتهدف إستراتيجية الرياض وموسكو إلى امتصاص المخزون بتخفيضه أكثر، وقد شعرت أسواق النفط كاملة بتأثيرها. فاتسع الهامش الزمني في عقود خام غرب تكساس الوسيط، وهي عقود تفضل تداولها صناديق التحوط، إلى أعلى مستوى منذ أواخر 2022.

وقالت فاندانا هاري، مؤسسة شركة فاندا إنسايتس في سنغافورة لوكالة بلومبرغ إن “الزخم الصعودي الذي دفع الأسعار للارتفاع يتلاشى حالياً، ويحتاج النفط الخام إلى دوافع جديدة للاستمرار في هذا الاتجاه”.

وأضافت “قد يحافظ خام برنت على سعر يقارب 90 دولاراً للبرميل”.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينخفض الطلب على الغاز في وقت لاحق من هذا العقد في اقتصادات البلدان المتقدمة مع تزايد استخدام مضخات الحرارة والطاقة المتجددة في ظل استغناء أوروبا عن الإمدادات الروسية في أعقاب الحرب في أوكرانيا.

وبالنسبة إلى الفحم قال بيرول إن الطلب عليه سيصل حده الأقصى في “السنوات القليلة المقبلة”، مشيرا إلى انخفاض حجم الاستثمارات في الوقود الأحفوري ونمو استخدام الطاقة المتجددة والطاقة النووية في الصين التي تعد أكبر مستهلك للفحم.

وقال سيمون تاغليابيترا، خبير المناخ وكبير زملاء مركز بروغل للأبحاث في بروكسل، إنّ التوقّعات الجديدة لوكالة الطاقة الدولية “توضح أنه على الرغم من أن تحوّل الطاقة العالمي لا يزال يتباطأ، إلا أنه يتقدّم بقوة”.

وأضاف “بما أنّ التكنولوجيات مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية أصبحت الآن قادرة على المنافسة من حيث الكلفة، فإنّ التحوّل ينتقل من كونه مدفوعاً بالسياسات إلى كونه مدفوعاً بالتكنولوجيا”. وأوضح تاغليابيترا أنّ “هذه سمة أساسية لأنها تحمي العملية من الرياح السياسية المعاكسة”.

وقال محلّلون في رويال بنك أوف كندا في مذكرة إنّ التوقّعات الجديدة لوكالة الطاقة الدولية تسلط الضوء على “النجاح في التشريعات المؤيّدة للطاقة المتجدّدة”.

وأشار هؤلاء المحلّلون إلى أنّه “على الرغم من ذلك، لا يزال هناك مجال لصانعي السياسات لبذل المزيد من الجهد لتسريع التحوّل في مجال الطاقة والتخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري”.

وأكدوا على أهمية استمرار المناقشات عبر الاقتصادات الكبرى في مجالات مثل عوائد الطاقة المتجدّدة والقدرة على تحمّل التكاليف.

وتمسكت أوبك الثلاثاء بتوقعاتها لنمو قوي للطلب العالمي على النفط في 2023 و2024، وعزت ذلك إلى مؤشرات على أن الاقتصادات الكبرى تسجل أداء أفضل من المتوقع رغم الظروف الاقتصادية غير المواتية مثل ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم.

وأكدت أوبك في تقريرها الشهري أنها تتوقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط بمقدار 2.25 مليون برميل يوميا في 2024 مقابل نمو بمقدار 2.44 مليون برميل يوميا في 2023. والتوقعان لم يتغيرا عن توقعات أوبك الصادرة الشهر الماضي.

وأضافت أوبك في التقرير “نمو الاقتصاد العالمي الحالي من المتوقع أن يدفع الطلب على النفط خاصة بالنظر إلى تعافي السياحة والسفر الجوي، وأن مستويات ما قبل كوفيد للطلب العالمي الإجمالي على النفط سيتم تخطيها في 2023”.

العرب