حذّر كاتب ومحلّل سياسي وأمنيّ بريطاني-إسرائيلي متخصّص في شؤون الشرق الأوسط من أحداث مقلقة خلال الأشهر القليلة الماضية تكشف عن استراتيجية إيرانية جديدة هي استراتيجية “وحدة الساحات” الإيرانية واللبنانية والسورية والفلسطينية في مواجهة “أعداء منقسمين” هم إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.
وأشار في هذا السياق إلى تهديد الأمين العامّ للحزب الوجود الأميركي في شرق الفرات، وأشار إلى حديث جلعاد إردان، سفير إسرائيل إلى الأمم المتحدة، عن أنّ بلاده أصبحت أقرب إلى العمل العسكري ضدّ الحزب أكثر من أيّ وقت مضى منذ حرب عام 2006.
هذا ما كتبه جوناثان سباير في صحيفة “وول ستريت جورنال”، وهو مدير الأبحاث في “منتدى الشرق الأوسط”، ورئيس تحرير مجلّة “ميدل إيست كوارترلي”، وباحث في “معهد القدس للاستراتيجية والأمن”، ومحلّل أمني ومراسل لمجموعة “جين” للمعلومات.
برأيه أنّ إدارة بايدن تتّبع استراتيجية التقارب مع إيران، بإطلاقها سراح الأصول المالية المجمّدة في عدد من الدول، مقابل إطلاق سراح رهائن أميركيين، وحاولت إحياء الاتفاق النووي الذي أُبرم في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما: “لكن النتيجة أنّ إيران وحلفاؤها الإقليميون أصبحوا أكثر عدوانية”.
تأتي تهديدات نصرالله وسط توتّرات متصاعدة في المثلّث السوري-اللبناني-الإسرائيلي، حيث ينتشر تسعمئة جندي أميركي في شرق الفرات
ففي 28 آب، هدّد نصر الله، الولايات المتحدة بشكل مباشر: “قال في خطاب ألقاه لمناسبة مرور 17 عاماً على الحرب بين إسرائيل والحزب عام 2006، التي يعتبرها “نصراً إلهياً”، إنّ “الأميركيين يسيطرون على حقول النفط شرق الفرات، وهم من يمنعون الحكومة السورية من استعادتها. الدولة السورية وحلفاؤها قادرون على تحرير شرق الفرات الذي تحتلّه القوات الأميركية، وبالتالي فإنّ الصراع هناك هو صراع إقليمي ويمكن أن يؤدّي إلى صراع دولي. وإذا أراد الأميركيون القتال فنحن نرحّب بهم، هذه هي المعركة الحقيقية التي ستغيّر كلّ شيء”.
شرق الفرات… وحدود لبنان: وحدة الساحات
تأتي تهديدات نصرالله وسط توتّرات متصاعدة في المثلّث السوري-اللبناني-الإسرائيلي، حيث ينتشر تسعمئة جندي أميركي في شرق الفرات. وقُتل أكثر من 70 شخصاً في اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، التي تسيطر على المنطقة، والقبائل البدوية. وفي وقت تنتشر بين حلفاء إيران في بلاد الشام نظرية “وحدة الساحات”، التي بموجبها تشكّل المعارك المختلفة بين حلفاء إيران والقوات الموالية للغرب في المنطقة جزءاً من حرب واحدة. ويشمل ذلك هيمنة الحزب على لبنان، وجهود نظام بشار الأسد لطرد الولايات المتحدة من سوريا، وإرهاب حركتَيْ حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيّتين ضدّ إسرائيل.
يعتبر سباير أنّ هذه النظرية تستحقّ اهتماماً خاصّاً للأسباب التالية:
– في شهر آذار الفائت، تمّ إرسال عميل يحمل لغماً من نوع Claymore من جنوب لبنان الذي يسيطر عليه الحزب إلى وسط إسرائيل. ومن الواضح أنّ مهمّته كانت تنفيذ هجوم إرهابي جماعي باستخدام نوع من الذخائر نادراً ما يُرى في ساحة إسرائيل والضفة الغربية. وقد قُتل العنصر أثناء محاولته العودة إلى لبنان بعد زرع اللغم، وأصيب مواطن من عرب إسرائيل بالعمى بسبب انفجاره.
في الأوّل من أيلول، استضاف نصر الله قادة إرهابيين فلسطينيين في مخبأ تحت الأرض في بيروت حيث يقيم منذ عام 2006. وكان زياد نخالة، الأمين العامّ لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، هناك، وكذلك نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري
– في الشهر نفسه، أدّى هجوم بطائرة بدون طيّار على موقع أميركي في الحسكة بسوريا إلى مقتل مقاول أميركي مدني وإصابة خمسة من أفراد الخدمة الأميركية.
– في نيسان الماضي، تمّ إطلاق 34 صاروخاً على إسرائيل من جنوب لبنان. أشارت السلطات الإسرائيلية إلى أنّ الحزب ربّما لم يكن على علم بهذا الهجوم. لكنّه كان ادّعاءً سخيفاً لم تعد إسرائيل تتمسّك به. لا شيء يتحرّك جنوب نهر الليطاني من دون إذن من الحزب.
– في 3 آب الماضي، تمّ إطلاق صواريخ على موقع أميركي بالقرب من بلدة الشدادي في سوريا.
– في وقت لاحق من ذلك الشهر، اعترضت قوات الأمن الإسرائيلية محاولة تهريب من الأردن إلى الضفة الغربية، بالقرب من منطقة أشدوت يعقوب في وادي الأردن. وكان المهرّبون يحملون متفجّرات إيرانية الصنع متّجهة على الأرجح إلى الميليشيات المؤسّسة حديثاً في شمال الضفة الغربية.
– تشمل وحدة الساحات أيضاً التجارة غير المشروعة. ومن المؤكّد أنّ الذخائر التي تمّ اعتراضها في أشدوت يعقوب دخلت الأردن من سوريا. ويقال إنّه تمّ نقلها على طول طرق التهريب نفسها التي يستخدمها بشار الأسد والحزب والحرس الثوري الإيراني لتهريب الكبتاغون.
إقرأ أيضاً: الأسد “السنسكريتيّ” يستنجد بـ”الإله شيفا”.. واليهود
مؤشرات إضافية
هناك المزيد من المؤشّرات العلنية على تزايد التنسيق:
في الأوّل من أيلول، استضاف نصر الله قادة إرهابيين فلسطينيين في مخبأ تحت الأرض في بيروت حيث يقيم منذ عام 2006. وكان زياد نخالة، الأمين العامّ لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، هناك، وكذلك نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري.
وأخيراً، عودة إلى ما قاله جلعاد إردان، سفير إسرائيل إلى الأمم المتحدة، أنّ بلاده “أصبحت أقرب إلى العمل العسكري ضدّ الحزب أكثر من أيّ وقت مضى منذ حرب عام 2006. وفي الوقت نفسه، تتابع الولايات المتحدة تواصلها مع طهران. تخوض إيران صراعاً عسكرياً وسياسياً متعدّد الجبهات على أساس وحدة الساحات، بينما أعداؤها منقسمون”.