نيويورك – تسعى الإمارات للتوصل إلى اتفاق دفاعي صارم مع الولايات المتحدة، حسب ما قاله أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأربعاء.
يأتي هذا في وقت تحتاج فيه الولايات المتحدة إلى أن تحسم أمرها وتوضح موقفها بشكل جلي لأحد أبرز حلفائها الخليجيين، في ظل الشكوك التي تحيط بموقف واشنطن ومدى التزامها بتنفيذ ما سبق من اتفاقيات دفاعية مع المنطقة.
وظهرت هذه الشكوك بصفة خاصة إثر تولّي إدارة جو بايدن الحكم قبل عامين وتلويحها بسحب منظومات دفاعية أميركية من الخليج ونقلها إلى جنوب شرق آسيا، وهو موقف نُظر إليه على أنه رسالة سلبية من واشنطن إلى حلفائها في المنطقة.
ويرى مراقبون أن الإمارات تريد اتفاقية واضحة تستجيب لخططها في تأمين أمنها القومي على المدى البعيد، وبالتزام أميركي رسمي، وألا ترتبط برئيس محدَّد ليأتي رئيس لاحق ويعيد مناقشتها من جديد أو يلوّح بالتراجع عنها كما حصل مع اتفاقية 2019.
الإمارات تريد اتفاقية واضحة وتستجيب لخططها في تأمين أمنها القومي على المدى البعيد، وبالتزام أميركي رسمي
ويشير المراقبون إلى أن الفرصة أمام واشنطن باتت سانحة لتبديد شكوك أحد أبرز حلفائها في المنطقة، والذين اتجه أكثرهم إلى البحث عن تنويع الشركاء اقتصاديا وعسكريا في ظل ما لمسوه من تراجع أميركي في التعامل مع أمنهم القومي.
وقال أنور قرقاش في مقابلة مع المونيتور “من المهم الانتقال من الأمور غير الرسمية إلى الأمور الرسمية”.
وأضاف “يجب أن تكون (الاتفاقية) صارمة (…) من وجهة نظرنا، فإن التزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة منذ عام 1976 بموجب مبدأ كارتر كان جيدًا جدًا. لكن العالم يتغير، والمنطقة تتغير، والتكنولوجيا تتغير”. وتابع “ونتيجة لذلك، فإننا نؤمن من حيث المبدأ بفكرة الانتقال من نوع من التفاهم غير الرسمي إلى الالتزام الرسمي”.
وأوضح أن الإمارات تريد أن تدفع نحو اتفاقية ملزمة للولايات المتحدة، وتكون مسجلة وبتفاصيل محددة ومعلنة بدلا من الاتفاقيات التقليدية التي تتم وفق تفاهمات شفوية فضفاضة لا يلتزم بها القادة الأميركيون بشكل دقيق.
ولا يُعرف ما إذا كانت إدارة بايدن ستصبح جدية في تنفيذ تعهداتها بشأن التوصل إلى اتفاقية دفاعية ذات بعد إستراتيجي ويمكن الرهان عليها، أم أنها ستعمل على إطلاق تصريحات ومواقف لطمأنة الإماراتيين من دون التزام فعلي يشجع على المضي قدما في إنجاح الاتفاقية ويبدد الشكوك تجاه موقف الولايات المتحدة.
ولطالما اشتكى المسؤولون الإماراتيون من أن الولايات المتحدة لم تتعامل بشكل كافٍ مع التهديدات التي طالت بلادهم بعد هجوم حوثي في يناير 2022.
وجمدت إدارة بايدن محاولة الإمارات الحصول على الطائرة المقاتلة الشبح المتقدمة من طراز أف – 35 الأميركية في عام 2021. ودفع هذا الموقفُ الإمارات إلى السعي لتنويع شراكاتها مع دول مختلفة من بينها الصين وروسيا.
وكانت الإمارات قد أبرمت صفقة مقاتلات أف – 35 في آخر ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، وتتضمن الحزمة التي تبلغ قيمتها 23.37 مليار دولار منتجات من جنرال أتوميكس ولوكهيد مارتن ورايثيون تكنولوجيز، بما في ذلك 50 طائرة من طراز أف – 35 لايتنينج 2، وما يصل إلى 18 طائرة مسيّرة من طراز أم. كيو – 9 بي وحزمة من ذخيرة جو – جو وجو – أرض.
وقال قرقاش إن بلاده لا تزال مهتمة بالحصول على طائرات أف – 35، وإن المسؤولين الإماراتيين مازالوا “متفائلين” بإمكانية التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، مقللا من أهمية الخلاف، ووصف التقارير بأنها “مبالغ فيها للغاية من وجهة نظرنا”.
وفي 2019 كانت الولايات المتحدة والإمارات قد أعلنتا عن بدء سريان اتفاقية التعاون الدفاعي بينهما.
إدارة بايدن باتت تتخذ نهجا تدريجيّا في بناء تحالف دفاعي واسع في الشرق الأوسط يهدف إلى ردع الهجمات التي تشنها إيران
وأكد الجانبان أن هذه الاتفاقية ستعزز التعاون العسكري بين الدولتين، وسترفع مستوى الشراكة العسكرية والسياسية والاقتصادية المتينة بين الدولتين في هذا الوقت الحساس.
وعبرت واشنطن وأبوظبي عن رغبتهما المتبادلة في إرساء الأمن والازدهار في المنطقة، وأشارتا إلى أن هذه الاتفاقية ستقوّي هذه الرغبة عبر تعزيز التعاون الوثيق بين البلدين في المنطقة، على الصعيدين الدفاعي والأمني، وستدعم جهود الدولتين في سبيل الحفاظ على أمن منطقة الخليج.
وقال قرقاش “إن تحالفاتنا الأساسية، مثل التحالف الذي لدينا مع الولايات المتحدة، ستكون بمثابة حجر الزاوية”. وأضاف “أعتقد أن الشيء الذي يمكنني رؤيته هو التزام الولايات المتحدة بالدفاع عنا والالتزام بأمننا على مدار الثلاثين عامًا القادمة”.
وتقول إدارة بايدن إنها تتخذ نهجا تدريجيّا في بناء تحالف دفاعي واسع في الشرق الأوسط يهدف إلى ردع الهجمات التي تشنها إيران.
ويأتي حديث قرقاش في وقت يجري فيه مسؤولون أميركيون وسعوديون مباحثات لإعداد “معاهدة دفاع مشترك”، وبعد أسبوع من توقيع الولايات المتحدة اتفاقية ثنائية للدفاع والتكنولوجيا مع البحرين.
ولا يتضمن الاتفاق الأميركي – البحريني ضمانًا للدفاع المشترك، لكنه يستلزم التشاور الفوري بين واشنطن والمنامة لتحديد الرد المناسب في حالة تعرض البحرين لـ”عدوان خارجي”.
العرب