التقى رئيس النظام السوري بشار الأسد بالزعيم الصيني شي جينبينغ، بعد دعوته على خلفية مشاركة وفد رياضي سوري مؤلف من 8 أشخاص (من ضمن 12500 رياضي من العالم) في دورة الألعاب الآسيوية التي افتتحت في مدينة هانغجو شرق الصين، وأعلن شي أثناء الزيارة أن البلدين أقاما «شراكة استراتيجية»، فيما تحدثت الإعلام السوري عن توقيع ثلاث وثائق تعاون.
هذه الزيارة الثالثة للأسد إلى دولة غير عربية منذ اندلاع الثورة على نظامه عام 2011، حيث كان قبلها في زيارة رسمية إلى روسيا في آذار/مارس الماضي، سبقتها زيارة إلى إيران في نيسان/ابريل 2022، في تأكيد للمعلوم عن دور موسكو وطهران في إبقاء الأسد على رأس نظامه الحالي.
يشير مكان اللقاء، في مقاطعة تشيجيانغ الشرقية، ومجيئه ضمن بروتوكولات دعوة الزعيم الصيني لزعماء آخرين تشارك دولهم في الألعاب، ولكون الجلسة موسعة وليست ثنائية، ولطريقة ترحيب شي بحضور الأسد مراسم الافتتاح وتمنيه «أداء مميزا للاعبين السوريين» إلى أن التوصيفات التي قدّمتها بكين ودمشق وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية عن «شراكة استراتيجية» هي مبالغة كاريكاتيرية حين تستخدم لوصف علاقة مزمعة بين بلد مجزأ تحكمه عدة جيوش أجنبية ومحلية، وأغلب سكانه تحت مستوى الفقر، ونصفهم لاجئون ونازحون، واقتصاد نظامه الرئيسي يقوم على صناعة وتجارة المخدرات، وبين بلد عملاق عدد سكانه أكثر من مليار و400 مليون نسمة ويعتبر اقتصاده الثاني في العالم، ويمتد نفوذه السياسي عبر القارات!
تتقلّص «الشراكة الاستراتيجية» ضمن المنظور الفعلي للعلاقات إلى إمكان اعتبارها محاولة استقدام انتداب ثالث على سوريا، يقايض فيه الأسد الاستثمار الصيني في مناطق سيطرته بامتيازات شبيهة بالتي أعطيت للروس والإيرانيين، وذلك بعد فشل سياسة التطبيع العربية معه مقابل عودة اللاجئين السوريين ووقف الكبتاغون!
يستدعي مطلب الأسد في توسيع التبعية إلى الصين (بعد روسيا وإيران) ومقابلته الهجينة بشي، التي جمعت الرياضة بالسياسة، التذكير بزيارة كيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية، إلى روسيا، وهو الذي يعتمد اقتصاد وجغرافية بلاده، بشكل شبه مطلق، على الصين.
حفلت زيارة كيم بأشكال من الألعاب الرمزية، مثل تبادل البنادق، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وزيارة مصانع السلاح، وانتبهت بعض وسائل الإعلام، أيضا، إلى المفارقات الفظيعة بين القوانين الصارمة التي يفرضها على شعبه فيما يتعلق بثقافة الغرب وسلعه، وبين ثياب وحقائب شقيقته وبعض النساء المسؤولات المرافقات، اللاتي لبسن واستخدمن سلعا من الماركات الأوروبية الشهيرة الباهظة الثمن، وهو ما كان واضحا أيضا في ملابس الأسد وزوجته أسماء، وهما معروفان بشغفهما أيضا بتلك الماركات، في الوقت الذي يعاني فيه الشعبان أشكالا من الفاقة والجوع والحاجة والبؤس.
علّقت صحيفة «الغارديان» البريطانية على لقاء الأسد بشي متسائلة إن كانت الصين راغبة في الاستثمار في الخراب، وهو التعبير نفسه الذي استخدمه كثير من السوريين حين أحضر الممثل الصيني – الهوليوودي الشهير جاكي شان، فريق تصوير لاستخدام الخراب وأنقاض المباني في منطقة الحجر الأسود التي كان يسكنها سوريون وفلسطينيون وتعرضت لغارات جوية وقصف المدافع ضمن فيلم صيني – إماراتي، استخدمت فيه دبابات للنظام تحمل بعضها عبارة «السلام والحب».
الصين، التي تؤكد لفظيا على دعم الحق الفلسطيني، هي الدولة الوحيدة ربما، التي تؤكد منذ عقود على «يهودية الدولة الإسرائيلية»، والتي تقوم بتعاون استراتيجي حقيقي مع إسرائيل في مجالات كثيرة تقع صناعة الأسلحة في قلبها، وهذه «الباطنية» في الدبلوماسية الصينية تفسّر ربما كيف يمكن الحديث عن «شراكة استراتيجية» حين يكون المقصود هو الاستثمار في الخراب.