حرب إسرائيل وحماس تسلّط الضوء على حجم النفوذ الصيني في الشرق الأوسط

حرب إسرائيل وحماس تسلّط الضوء على حجم النفوذ الصيني في الشرق الأوسط

شنغهاي (الصين) – ترمي الصين بثقلها هذا الأسبوع لتهدئة الحرب بين إسرائيل وغزة عبر إيفاد مبعوثها الخاص إلى الشرق الأوسط، بعدما طلبت منها الولايات المتحدة استخدام نفوذها لمنع اتساع رقعة النزاع. وتشير واشنطن إلى أنها تأمل بأن تساهم الصداقة التي تربط الصين بإيران الداعمة لحماس في تهدئة النزاع، خصوصا بعدما رعت بكين اتفاقا لتحسين العلاقات بين طهران والرياض في وقت سابق هذا العام.

وحذّرت إيران من “إجراء استباقي” محتمل ضدّ إسرائيل فيما تستعد الأخيرة لشن هجوم بري على قطاع غزة. كما تسري مخاوف من إمكانية فتح حزب الله اللبناني، المدعوم أيضا من إيران، جبهة ثانية ضد إسرائيل. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين السبت، بعدما تحدّث وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع نظيره الصيني وانغ يي هاتفيا، “رسالتنا هي أنه يعتقد بأن منع اتساع رقعة النزاع يصب ضمن مصلحتنا المشتركة”. وأضاف “أعتقد بأن استخدام الصين لنفوذها سيكون أمرا مفيدا”.

وأعلنت الصين بعد ذلك أن مبعوثها تشاي جون سيزور الشرق الأوسط هذا الأسبوع، فيما أكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ أن هدفه سيكون “حشد التوافق الدولي وحض الأطراف المعنية على وقف الأعمال العدائية وتهدئة الوضع وخلق الظروف التي تتطلبها التسوية السياسية”. ولم تُعلن أي تفاصيل بعد عن جدول أعمال تشاي أو التوقيت الدقيق لزيارته.

وأعلنت إسرائيل الحرب على حماس بعدما اقتحم مقاتلو الحركة الحدود الإسرائيلية شديدة التحصين وأطلقوا النار على أكثر من 1400 شخص. وسوّت الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة مذاك أحياء بأكملها بالأرض وأسفرت عن مقتل 2750 شخصا على الأقل من سكان المنطقة الفقيرة، وفق السلطات الفلسطينية. وأوضح رافايلو بانتوتشي، من “كلية إس راجاراتنام للدراسات الدولية” في سنغافورة، أن مناشدة بلينكن للصين يمكن أن تكون مبنية على الآمال بأن “تقارب الصين المفترض مع مجموعة واسعة من الأطراف المؤثرة، من الفلسطينيين إلى إيران والسعودية وغيرها، هو أمر قد يكون من الممكن الاستفادة منه”.

وأضاف أنه مع ذلك، فإن تأثير بكين على النزاع بين إسرائيل وحماس سيكون على الأرجح أضعف بكثير من دورها في الاتفاق بين السعودية وإيران. وتابع أن في حالة السعودية وإيران، “قفز الصينيون على قطار كان في الأساس يتحرّك”. لكن في حالة إسرائيل وحماس، فإن بكين “تحاول إطلاق ما واجه آخرون صعوبات في إطلاقه والمحافظة عليه لمدة طويلة.. بين عدوين عالقين في معركة مميتة ضد بعضهما البعض”.

وفشلت الصين على مدى سنوات في تحقيق تقدّم في الجمود المستمر منذ عقود بين إسرائيل والفلسطينيين، رغم دفعها قدما مرة تلو الأخرى بمقترح مبهم في الأمم المتحدة يدعو إلى حل الدولتين. ولطالما تعاطفت بكين مع الفلسطينيين على مر التاريخ، رغم أنها دعمت منظمة التحرير الفلسطينية لا حماس. وامتنعت عن إدانة حماس بشكل صريح على خلفية هجمات السابع من أكتوبر التي أشعلت النزاع الحالي.

لكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي أفاد الأحد بأن ما تفعله إسرائيل حاليا “يتجاوز حدود الدفاع عن النفس”، ويجب على قادتها التوقف عن فرض “عقاب جماعي على سكان غزة”. وقال مانوج كيوالراماني، من معهد تاكشاشيلا الهندي، “كثّف وانغ يي في الواقع انتقاداته لأفعال إسرائيل.. لذا بينما سترغب إسرائيل بأن تضغط بكين على الدول العربية وإيران لجلبها إلى طاولة المفاوضات، يستبعد بأن تنظر إلى الصين كوسيط محايد”.

ويعد غياب التواصل المباشر مع حماس عقبة أكبر في طريق أي انخراط ذي معنى للصين، وهو ما سيجبرها على التوجّه لطهران لتضغط الأخيرة على الحركة، بحسب الباحث الكبير لدى مركز آسيا في باريس جان – بيار كابيستان. ويمكن أن يمثّل ذلك مشكلة نظرا إلى أنه بينما أشادت إيران بهجوم حماس إلا أنها نفت بأن تكون لعبت أي دور فيه. ومع ذلك، ستحقق بكين مكاسب من أي محاولة للتوسط، فيما تسعى للعب دور أقوى على الساحة الدولية.

وقال كيوالراماني إن النزاع “فرصة هائلة للإشارة إلى ما لطالما أصرّت بكين على أنه نفاق غربي في ما يتعلق بالقانون الدولي وحقوق الإنسان”. وأفاد “حقيقة أن القادة الغربيين لا يتحدثون على ما يبدو بشأن إن كان الرد الإسرائيلي متناسبا.. تشكّل فرصة لبكين للرد على المزاعم الغربية بشأن حماية النظام القائم على القواعد”.

العرب