تمثّلت في “قمة القاهرة للسلام” 31 دولة و3 منظمات دولية، فحضرها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس المجلس الأوروبي، والأمين العام للجامعة العربية، وزعماء ومسؤولون كبار من فلسطين، وقطر، والسعودية، والإمارات، والبحرين، والكويت، والعراق، والمغرب، وبريطانيا وإيطاليا واسبانيا وقبرص والنرويج وتركيا والبرازيل، ومبعوثان خاصان لأمريكا والصين.
الهدف الآني الذي كان متوقعا من القمة هو العمل على احتواء الأزمة الإنسانية الفظيعة في قطاع غزة، ووقف إطلاق النار (أو خفض التصعيد العسكري على الأقل)، غير أنها كانت، أيضا، أول محاولة من دولة عربية لتلمس الخلفيات السياسية لجولة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الأخيرة، والمستمرة.
شهدت الجلسة الخاصة بإصدار بيان ختامي للقمة خلافا بين المجموعتين العربية والغربية مما دفع مصر، الدولة المضيفة، لإصدار بيان، وافقت عليه الدول العربية، يبين السعي “لبناء توافق دولي عابر للثقافات والأجناس والأديان والمواقف السياسية” على “قيم الإنسانية” بحيث ينبذ العنف والإرهاب، ويدعو لوقف الحرب الدائرة، ويطالب باحترام قواعد القانون الدولي والإنساني، ويؤكد الأهمية القصوى لحماية المدنيين، ويعطي أولوية لضمان تدفق المساعدات الإنسانية، ويحذر من امتداد رقعة الصراع إلى مناطق أخرى.
قدم البيان محددات تتجاوز التوقف الغربي عند جولة الصراع الراهنة، بتركيزه على أهمية “إعادة تقييم نمط التعامل الدولي مع القضية الفلسطينية”، وكشفه عن “قصور جسيم في إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية”، ونقده المبطن لمواقف الدول الغربية، عبر الحديث عن “الخلل في قيم المجتمع الدولي” الذي “تنافس على سرعة إدانة قتل الأبرياء” في إسرائيل، فيما أظهر “ترددا غير مفهوم في إدانة الفعل نفسه في مكان آخر، بل نجد محاولات لتبرير هذا القتل، كما لو كانت حياة الإنسان الفلسطيني أقل أهمية من حياة باقي البشر”، وفي كلمات ممثليها داخل القمة، أظهرت الدول العربية مواقف متقاربة، مؤكدة بأن “حياة الفلسطينيين لا تقل قيمة عن حياة الإسرائيليين”.
تلخّص قضية أن “حياة الفلسطيني أقل من حياة الإسرائيلي”، بوضوح، نقطة مهمة للتركيز عليها لتبين أسباب الصدع الحاصل بين الدول العربية والإسلامية، والعديد من الدول التي تقع في خط الاختلاف (أو الاشتباك) مع المنظومة الغربية.
عبّر المسؤولون الإسرائيليون عن هذا بفظاظة، فوصف وزير الحرب يوآف غالانت، مقاتلي “حماس” بـ”حيوانات على هيئة بشر”، فيما اختصرهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى حيوانات فحسب، أما المسؤولون الغربيون فعبّروا ذلك، ضمنا، فتحت راية إدانة “حماس” تمت عمليا إدانة الشعب الفلسطيني، وتبرير جرائم الحرب الإسرائيلية، وتجاهل القوانين الدولية والإنسانية.
ما نراه عمليا، هو صدع كبير، وممارسة غربية تظهر، بشكل لا يخفى على أحد، أن الأمر يتعلّق بهرمية عنصرية يقع فيها الإسرائيلي، أولا، والغربي، ثانيا، على قمتها، وأنه حين يتعلّق الأمر بصراع يتأذى فيه غربيون تنتفي المبادئ الأخلاقية والقانونية والإنسانية ويتساوى فيه اليمين مع اليسار، ويصبح دعاة حماية الأقليات والثقافات المختلفة والفقراء من “الديمقراطيين” في أمريكا، و”العمال” في بريطانيا، ونظرائهم في المنظومة الغربية، أقرب إلى عصابات “كوكلاكس كلان” ودعاة “التفوق الأبيض”.