صدمة داخل حماس من تخلي حزب الله وإيران عن دعمها

صدمة داخل حماس من تخلي حزب الله وإيران عن دعمها

بيروت – عكست تصريحات موسى أبومرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس، عن دور حزب الله في حرب غزة، حجم الصدمة لدى قادة الحركة من محدودية مشاركة الحزب، ومن ورائه إيران، في المعركة. وهو ما جعل حماس تواجه إسرائيل بمفردها رغم أنها تخوض المواجهة ضمن “محور المقاومة”.

وبالتزامن مع خيبة أمل الحركة في حزب الله هاجم القيادي في حماس السلطة الفلسطينية، في وقت يقول مراقبون إنه لم يستشرها ولم ينسق معها، وإلى جانب ذلك يتهمها مسبقا بالخيانة.

وقال أبومرزوق “كنا ننتظر الكثير من حزب الله ومن إخواننا في الضفة لكننا مندهشون من الموقف المخزي لإخواننا في السلطة”.

وعن سؤال حول ما تتوقعه حماس من حزب الله أجاب “نحن نعتمد على أنفسنا، وندعو كل الأصدقاء لأن يشاركونا في هذه المواجهة، ولكننا لا نستطيع أن نقف كقضاة ونحن في حرب أمام عدو شرس جبار ومتغطرس وإرهابي بكل معنى الكلمة، ثم نحكم على الآخرين”.

ومن الواضح أن قادة حماس قد انتظروا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية مشاركة فعلية للحزب في الاشتباك مع إسرائيل لتخفيف الضغط عنهم، لكن الحزب اكتفي بضوابط واضحة في الاشتباك تقوم على تسجيل الموقف وتبرئة الذمة، في الوقت الذي كانت فيه حماس تنتظر دخول الحزب بكل قوته في المواجهة وتفعيل فكرة “وحدة الجبهات” أو “تعدد الساحات” التي طالما تحدث عنها الحزب وأمينه العام حسن نصرالله.

يأتي كلام أبومرزوق ليؤكد فشل استنجاد حماس بحزب الله بالرغم من اللقاء الأخير الذي جمع قياديا من الحركة وآخر من الجهاد الإسلامي بأمين عام حزب الله.

وانتهي اللقاء الثلاثي إلى بيان بارد حث “على مواصلة التنسيق والمتابعة الدائمة للتطورات بشكل يومي ودائم”. كما لم يصاحبه أي تصعيد ميداني، وهو ما فهمت منه الحركة تخليا رسميا من الحزب عن مساعدتها في الحرب، ولهذا نوى أبومرزوق في تصريحاته معاتبة الحزب أكثر من نيّة الاحتجاج عليه أو مهاجمته.

وعلى غير عادته طال صمت الأمين العام لحزب الله، وهو ما اعتبره المراقبون تجنبا للظهور في حين أن الظرف يستدعي تحديد موقف لا التعليق السياسي على مجريات الحرب.

وتختلف حسابات حزب الله عن حسابات حماس، فالأول له أجندة أكبر مرتبطة بإيران، وهي التي تحدد خطواته بالتحرك من عدمه، وتضع سقفا لأنشطته، ولا يبدو أنها ترغب في التدخل بأيّ شكل من الأشكال في مجريات التصعيد الحالية، على عكس حماس التي نفذت عملية عسكرية قوية دون أن تتحسب لنتائجها وتداعياتها على قطاع غزة، كما لم تضع في الحسبان أن يتخلف حزب الله عن نجدتها في وقت تحصل فيه إسرائيل على دعم سياسي وعسكري واسع من الغرب، وخاصة من الولايات المتحدة.

وتفضل إيران أن يحتفظ الحزب بقوته وألا يستنزفها في مواجهة مع إسرائيل في الوقت الحاضر، وهو ما لم تكن تدركه حماس.

قادة حماس انتظروا من حزب الله مشاركة فعلية في الحرب ليخفّف عنهم الضغط، لكنه اكتفى بضوابط إيرانية واضحة

وكان رئيس دائرة العلاقات الوطنية لحركة حماس في الخارج علي بركة قال “إذا حاول العدو الصهيوني اقتحام غزة بريا، فإن المعركة ستتوسع أكثر؛ لأن حلفاء المقاومة لن يتركوها لقمة سائغة للكيان الصهيوني والإدارة الأميركية، فالحرب علينا أميركية – إسرائيلية، وليست فقط من حكومة (بنيامين) نتنياهو”.

وتحدث عن “وجود غرفة عمليات مشتركة لقوى المقاومة (دون أن يحدد مكانها)، وقد جرى تفعيلها منذ عام 2021”.

ولئن اتسم خطاب أبومرزوق الموجه إلى حزب الله باللين فإنه في المقابل هاجم السلطة الفلسطينية، متهما إياها بالحضّ على تصفية حماس.

وقال في لقاء مع قناة الجزيرة مباشر “لدينا 60 ألف بندقية في الضفة الغربية بيد أجهزة أمن السلطة، لماذا تبقى مشرعة في صدر المتظاهرين والمقاومين ولا تتجه نحو الأعداء الطبيعيين الذين يستهدفوننا ويستهدفونهم، لماذا لا يتحرك إخواننا في الأجهزة الأمنية؟”.

وأضاف “الكثير ممن أتواصل معهم من جهات أجنبية للمساعدة يقولون إنهم يتكلمون مع جهات عربية، وبينهم من السلطة الفلسطينية من يشجعون على إخراج حماس من المشهد، ولكن لا يستطيعون الحديث عن هذا أمام الجمهور لأنه يرفضه”.

ويرى متابعون للشأن الفلسطيني أنه ليس من حق أبومرزوق تحميل سلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس مسؤولية ما وصلت إليه حماس من عزلة في حربها مع إسرائيل، مشيرين إلى أن حماس تصرفت وحدها في اتخاذ قرار الحرب ولم تشرك السلطة في قرارها ولم تنسق معها، فكيف يمكن أن تتهمها بالتقصير والخذلان.

وتعرف حماس أن أنشطتها العسكرية تربك عباس وتحرجه كثيرا تجاه الولايات المتحدة، فهو يدفع إلى إبقاء قنوات التواصل مع إسرائيل ويتمسك بمسار السلام الذي يضمن بقاءه على رأس السلطة، وهي أجندة تتناقض مع أجندة الحركة، فكيف تطلب منه أن يوجه البنادق إلى صدور الإسرائيليين لنصرة خيارات حماس عسكريا وسياسيا.

وتراجعت مكانة السلطة الفلسطينية التي انبثقت عن اتفاقات أوسلو عام 1993، وكان من المفترض أن تعمل على قيام دولة فلسطينية.

وفي جانب آخر قال أبومرزوق “منذ ثلاث أو أربعة أيام كان هناك حديث عن صفقات تبادل إنساني وهدنة إنسانية، وإسرائيل فجأة انسحبت منها، ثم بعد ذلك عادت وسحبت الإنترنت وتوقفت الاتصالات”.

وعن زيارة وفد من حماس إلى موسكو قبل أيام قال إن “روسيا تقدم على المستوى الدولي الكثير من الخدمات، والرئيس فلاديمير بوتين أمر بتقديم الكثير من المساعدات، وجرى حديث مباشر حول تكوين كتلة وازنة في مواجهة الكتلة الغربية التي تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني”.

العرب