كأس العالم 2034: الأمير محمد بن سلمان يريد السعودية محورا لأي شيء وكل شيء

كأس العالم 2034: الأمير محمد بن سلمان يريد السعودية محورا لأي شيء وكل شيء

يُنظر إلى ساحة كرة القدم في السعودية على أنها مسرح آخر لعرض الانفتاح الاجتماعي ومواهب المملكة العربية السعودية المتنوعة والجديدة، ووسيلة لجذب الاستثمارات الخاصة. وفي الخارج، تتطلع الرياض إلى الاعتماد على الإغراء المتأصل لكرة القدم من أجل صقل الصورة الدولية للمملكة وإذكاء الفخر القومي، حيث تضع القيادة السعودية مكانتها وأموالها في هذا المشروع الجديد للقوة الناعمة.

جنيف – يوحد شبه اليقين بين اثنين من أكثر الرجال تأثيرا في الرياضة العالمية: رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو وولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان بأن المملكة ستستضيف كأس العالم 2034.

ويقول الكاتب غراهام دنبار في تحليل نشر على الأسوشييتد برس إن الفيفا أصبحت، في عهد رئيسها الحالي إنفانتينو، تتفاعل بشكل متزايد مع دول الخليج الراغبة في ترك بصمتها في كرة القدم العالمية، في وقت يرى المنتقدون في هذا جزءا من التعطش للمال تهديدا للرياضة.

ويضخ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان استثمارا سعوديا ضخما في الرياضة، بما في ذلك كرة القدم والغولف.

وبعد نصف عقد، تقف السعودية وحدها في مسابقة استضافة حدث 2034 بعد أن رفضت أستراليا الثلاثاء المشاركة في عملية الفيفا السريعة التي بدت مصممة لتحديد فائز واحد لاستضافة الحدث البارز في الرياضة الأكثر مشاهدة في العالم.

ومن المفترض أن يجلب كأس العالم للفيفا أكثر من 10 مليارات دولار من العائدات المعفاة جلها من الضرائب.

وكال إنفانتينو الثناء لحكام الدول المضيفة لأحداث كرة القدم، وأقام علاقة عميقة مع السعودية منذ زيارته للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في ديسمبر 2017. كما أنه قضى فترات متزايدة مع الأمير محمد بن سلمان.

وكان موجودا على هامش قمة زعماء الخليج التي خففت الحظر المفروض منذ سنوات على قطر التي استضافت كأس العالم في 2022. وكان حاضرا أيضا في البيت الأبيض عند توقيع اتفاقيات أبراهم لما استضافه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لإضفاء طابع رسمي على العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين.

وقال إنفانتينو “نحن محظوظون لأنني أستطيع التحدث إلى أيّ شخص في منطقة الخليج والتحاور حول كرة القدم”.

وتعدّ كرة القدم من العناصر القوية في برنامج “رؤية 2030” التي وضعها الأمير محمد بن سلمان. وتشمل تطوير قطاعي السياحة والترفيه لتنويع اقتصاد المملكة الغنية بالنفط في عالم يتجه نحو الطاقة المتجددة.

واشترت السعودية منذ عام 2021 نادي نيوكاسل الإنجليزي، ورعت كأس العالم ومسابقات أخرى، وجذبت كريستيانو رونالدو وعددا كبيرا من اللاعبين النجوم من أوروبا إلى الدوري المحلي.

وقال خبير شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي إن الأمير محمد بن سلمان يريد أن تكون السعودية مركزا لأيّ شيء وكل شيء.

وجاء انتخاب إنفانتينو، وهو محام سويسري، في 2016 لقيادة كرة القدم العالمية.

من المفترض أن يجلب كأس العالم للفيفا أكثر من 10 مليارات دولار من العائدات المعفاة جلها من الضرائب

وتشمل الأفكار السياسية الكبيرة التي أراد تمريرها، لكن قادة كرة القدم الدوليين الآخرين منعوها، صفقة بقيمة 25 مليار دولار لمسابقات جديدة مدعومة في الغالب بالثروة السيادية السعودية، وتوسيع بطولة كأس العالم 2022 من 32 إلى 48 فريقا، وإقامة نهائيات كأس العالم كل عامين بدلا من أربع سنوات.

وبدت الفيفا في 2019 متجهة نحو الصين لتستضيف كأس العالم، ربما في 2030. ثم جاءت جائحة كوفيد – 19 وألغى الاتحاد الدولي لكرة القدم بطولة كأس العالم للأندية 2021 في الصين.

ودلّت معطيات سياسة كرة القدم على أن أوروبا كانت وجهة البطولة في2030 بعد استضافة روسيا في 2018، وقطر في 2022 للحدث، وبعد أن تحدد أن مباريات كأس العالم 2026 ستُجرى في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وعمل المسؤولون السعوديون مع مصر واليونان (التي التقى رئيس وزرائها مع إنفانتينو في أغسطس 2022) على خطة ثلاثية جامعة بين القارات لكنها تلاشت لاحقا.

وأجّل إنفانتينو في يونيو إطلاق قواعد الترشح لعرض 2030، وهي خطوة أتاحت المزيد من الوقت للسعوديين بعد أن أعلنت اليونان انسحابها رسميا.

ووافق مجلس إنفانتينو، المكون من 37 عضوا اجتمعوا عن بعد عبر الإنترنت في 4 أكتوبر، على خطة تضم ست دول من أوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية باعتبارها المرشحة الوحيدة لسنة 2030. وقرر بشكل مذهل فتح مسابقة 2034 على الفور للأعضاء من آسيا وأوقيانوسيا.

كما ساهم الفيفا في إمالة كفة الميزان بمنح الأعضاء المؤهلين 27 يوما فقط للوفاء بموعد نهائي ضيق للتسجيل، وشهر واحد فقط للتوقيع على وثائق العطاء التفصيلية.

وفي غضون ساعات، تقدّم الاتحاد السعودي لكرة القدم، وكان الاتحاد الآسيوي الذي يضم 47 عضوا (بما في ذلك أستراليا) وراءه، مما جعل أستراليا تتساءل عمّا حدث.

وقال الرئيس التنفيذي للاتحاد الأسترالي لكرة القدم جيمس جونسون الثلاثاء بعد قبول عدم التقدم إن “العرض السعودي قويّ، ولديهم الكثير من الموارد.. الأولوية للاستثمار في كرة القدم وهذا أمر يصعب التنافس معه”.

ورفض الفيفا تحديد تفاصيل تسريع عملية بطولة 2034. ولا يزال يتعين على أعضائها الحصول على موافقة رسمية على الدول المستضيفة لبطولتي 2030 و2034 في الاجتماعات المتوقعة في أواخر العام المقبل. لكن تصريحات إنفانتينو التي أدلى بها خلال الأسابيع الأخيرة بدت كما لو أن الاتفاقات قد حصلت.

وكتب رئيس الفيفا الثلاثاء على حسابه على موقع إنستغرام “بينما نعيش في عالم منقسم وعدواني بشكل متزايد، فإننا نظهر مرة أخرى أن كرة القدم، الرياضة العالمية الرائدة، تتحد بشكل لا مثيل له. نحن جميعا نحتاج إلى مناسبات الوحدة هذه، وبطولات كأس العالم المقبلة توفر قوة فريدة من نوعها لتحقيق ذلك”.

وبالعودة إلى السعودية، قال رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ياسر المسحل (وهو أيضا عضو مجلس الفيفا والمرشح المحتمل لقيادة كرة القدم الآسيوية في 2027) هذا الأسبوع “نؤمن بالقدرة الكبيرة لكرة القدم على إلهام الأجيال القادمة، ونتطلع لأن تساهم بطولة كأس العالم 2034 في تطوير اللعبة في جميع أنحاء العالم وتنميتها”.

العرب