عقب ثلاثة أيام من إعلان إسرائيل شن حرب “السيوف الحديدية” على قطاع غزة يوم 7 أكتوبر 2023، هدد زعيم حركة أنصار الله (الحوثيين) عبدالملك الحوثي يوم 10 أكتوبر بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه إسرائيل، حال تدخلت الولايات المتحدة عسكريًا بشكل مباشر في طوفان الأقصى. ومع ثبوت التورط الأمريكي في دعم إسرائيل في حربها ضد غزة، عسكريًا ولوجستيًا وعملياتيًا، أعلنت الحركة مسئولياتها رسميًا عن الهجمات الثلاث التي شنتها على إسرائيل بدءًا من يوم 19 أكتوبر. وقد جاء انضمام اليمن لوحدة الساحات تزامنًا مع تصعيد من جانب حزب الله في الشمال، مع سلسلة من الهجمات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، في الوقت نفسه الذي بدأت فيه إيران يوم 27 أكتوبر مناورات “الاقتدار 1402″، كرسالة ردع لإسرائيل والولايات المتحدة.
يطرح ما سبق تساؤلات حول ما إذا كانت لدى الحوثيين الجهوزية العسكرية للدخول في مواجهة (مؤثرة) ضد أهداف داخل إسرائيل للتخفيف عن جبهة غزة القتالية في إطار تفعيل وحدة ساحات محور المقاومة، أم أن دورهم سيركز على استهداف السفن الإسرائيلية، من خلال العودة مرة أخرى لحرب السفن كتكتيك ضاغط على المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر؟، وهل يعد ذلك تهديدًا مؤثرًا على إسرائيل أم أن الأمر يتعداه لفتح جبهات أخرى للقتال على النحو الذي ينذر بأقلمة الصراع؟، وهل يُعد التموضع العسكري الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، رادعًا كافيًا لتهديدات الحوثيين، على النحو الذي يُحد من فعالية تصعيدهم كورقة ضاغطة على إسرائيل في معادلة وحدة الساحات؟
الجهوزية العملياتية للحوثيين
عملت إيران منذ اندلاع النزاع اليمني في عام 2014 على تعزيز قوة “أنصار الله” كقوة عسكرية حليفة على النحو الذي اعتبرته إسرائيل تهديدًا لأمنها القومي سواء من خلال قدراتها الصاروخية والطائرات المسيرة القتالية، التي يمكن أن تصل إلى إسرائيل أو من خلال مهاجمة السفن الإسرائيلية على طول منطقة البحر الأحمر من خلال قيام الكوماندوز البحري الحوثي بزرع ألغام بحرية مثلما حدث في فبراير 2021 ضد السفينة الإسرائيلية “إم في هيليوس راي”، وذلك بعد أن انتقلت حرب الظل مع إيران فيما يخص ردع قدراتها النووية العسكرية – والتي اشتملت على سلسلة الاغتيالات التي استهدفت مقتل علماء نوويين إيرانيين، وتفجيرات غامضة في منشآت نووية إيرانية – إلى “الساحة البحرية”، التي تحتل أهمية كبيرة، خاصة وأن إسرائيل تعتمد على الشحن البحري في معظم تبادلاتها التجارية.[1]
ومن ثم حظى التهديد الحوثي باهتمام كبير داخل الأوساط الأمنية والبحثية في إسرائيل، ودارت المناقشات حول المسارات المحتملة لاستهدافه للأمن القومي الإسرائيلي، ومن بين الآراء التي طُرحت بشأن ذلك حديث يوئيل جوزانسكي- باحث أول في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) التابع لجامعة تل أبيب- إلى Jewish News Syndicate والذي أشار فيه إلى أن التهديد الحوثي على إسرائيل يتمثل في ثلاثة محاور: أولها، استهداف الأجزاء الجنوبية من إسرائيل عبر هجوم صاروخي أو بطائرة مسيرة. وثانيها، تعطيل التجارة الإسرائيلية، التي يمر معظمها عبر مضيق باب المندب. وثالثها، شن هجمات في الخارج على المصالح الإسرائيلية، وسفاراتها، وغيرها من الأهداف.[2] وعلى الرغم من أهمية المحورين الثاني والثالث، إلا أن ما كان يثير قلق إسرائيل على نحو أكبر، هو المحور الأول، الخاص بنقل المواجهة إلى الأجزاء الجنوبية من إسرائيل، على الرغم من أن فتح جبهة من العاصمة صنعاء حتى إيلات تعد مهمة صعبة؛ نظرًا للمسافة الطويلة والتي تُقد بحوالي 2000 كيلو تقريبًا.
ويستند القلق الإسرائيلي على تقديرات تشير إلى أن الحوثيين لديهم من القدرات العسكرية ما يمكنهم من الوصول إلى إسرائيل، ونقل المعركة إليها، خاصة فيما يتعلق بالصواريخ بعيدة المدى، أو الطائرات دون طيار، والتي بات لديهم تقنيات صناعتها. وقد كشفت حركة أنصار الله عن ما أدخلته من تحديثات في ترسانتها العسكرية، وذلك في استعراض 21 سبتمبر 2023 العسكريّ لإحياء الذكرى التاسعة للسيطرة على مدينة صنعاء.[3] وتأتي في مقدمة تلك الترسانة الصواريخ الباليستية التي يصل مداها إلى 2000 كم، وصواريخ “طوفان وقدس-4″، وهي صواريخ إيرانية من نوع غدير-F وشهاب-3 على التوالي.[4] فضلًا عما تمتلكه من صواريخ كروز من عائلة Soumar الإيرانية، والتي يبلغ مداها حوالي 2000 كيلومتر وتزن نصف طن، وخاصة الإصدارات المختلفة لهذا الصاروخ مثل Hoveyzeh. كما أن لدى الحركة ترسانة ضخمة من الطائرات من دون طيار مثل: “صماد3” التي يتراوح مداها بين 1500-2000 كيلومتر، وطائرات “صماد 4” التي يزيد مداها على 2000 كيلومتر[5]. بالإضافة إلى طائرة “وعيد” المسيّرة، والتي يبلغ مداها 2500 كيلومتر، والتي يمكنها أن تصل ليس فقط إلى إيلات، بل كذلك إلى تل أبيب.[6]
وقد أرادت الحركة أن تثبت جهوزيتها العسكرية على أرض الواقع، وإنها إحدى جبهات المقاومة في طوفان الأقصى، وأن لديها ترسانة من الأسلحة التي تمكنها من الوصول إلى إسرائيل من خلال سلسلة من الهجمات بدأتها يوم 19 أكتوبر، حينما أعلنت الحركة مسئوليتها عن استهداف إيلات، والتي تمكنت المدمرة “يو إس إس كارني” التابعة للبحرية الأمريكية من اعتراض عدد من الصواريخ وعدة طائرات من دون طيار. وكان آخرها هجوم يوم الثلاثاء، الموافق 31 أكتوبر حينما أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع إن الجماعة أطلقت دفعة كبيرة من الصواريخ الباليستية طويلة المدى وعدداً من الطائرات المسيرة، أكد إنها وصلت إلى عدة أهداف في عمق إسرائيل، في حين أعلنت إسرائيل اعتراضها للصواريخ بواسطة منظومة “أرو3” الخاصة باعترض الصواريخ طويلة المدى. ثم قامت إسرائيل على إثرها يوم الأربعاء 1 نوفمبر بنشر زوارق صواريخ في البحر الأحمر، في إطار التعزيزات الرادعة للحوثيين.
آليات الردع الإسرائيلي للتهديد الحوثي
على الرغم من تحديث القدرات العسكرية وتطوير مديات صواريخ الحوثيين، وإعلان الحركة إنها ستساهم بكل الإمكانيات للرد على التطهير العرقي في غزة، إلا إن إسرائيل لديها ثلاث آليات يمكن أن توظفها من أجل ردع التهديدات التي يشكلها الحوثيون على أمنها، على النحو الذي يمكن أن يقلل من فعالية الجبهة اليمنية كإحدى ساحات المواجهة في طوفان الأقصى، خاصة مع حالة الاستنفار الأمني (المدعوم أمريكيًا) وجهوزيتها لاستعادة قدرتها على الردع: الأولى، امتلاك إسرائيل أنظمة إنذار مبكر وقدرات دفاعية متطورة، ضد صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والمنصات البحرية أو منظومات الدفاع الجوي “مقلاع داود”، و”القبة الحديدية”. فضلًا عن منظومة “آرو 3” الإسرائيلية للمدى الطويل، والتي استخدمها الجيش الإسرائيلي لأول مرة في هجوم الحوثيين يوم 31 أكتوبر. والثانية، الوجود الإسرائيلي في جنوب البحر الأحمر بالقرب من مضيق باب المندب من خلال تحالفاتها مع كل من إثيوبيا وإريتريا وتطبيع علاقاتها مع دول القرن الأفريقي على النحو الذي أتاح لها فرصة استخدام موانئها والجزر التابعة لها لأغراض عسكرية، وتأمين خطوط تجارتها من وإلى ميناء إيلات. إذ أقامت أكبر قاعدة بحرية لها خارج حدودها، بأرخبيل دهلك، وذلك بموجب اتفاقية بينها وبين إريتريا، فضلاً عن قواعد المراقبة التي أقامتها على عدد من جبال تلك الجزيرة بهدف تعزيز جمع المعلومات المخابراتية. كما أقامت قاعدة عسكرية في ميناء “مصوع” عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وقواعد جوية في جزيرتي “حاليب وفاطمة”، وقاعدة عسكرية في كل من جزيرتي “سنتيان وديميرا” المشرفتين على مضيق باب المندب.[7]
والثالثة، الاستفادة من “اتفاقيات أبراهام” وتوظيفها لصالح درء المخاطر القادمة من البحر الأحمر، ومن أبرز تجليات ذلك نقل إسرائيل في 15 يناير 2021، إلى القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، بعد أن ظلت على مدار عقود جزءًا من منطقة القيادة الأمريكية الأوروبية (EUCOM) (إيكوم) بسبب الطبيعة العدائية لعلاقاتها بالعديد من الدول العربية. ومن الجدير بالذكر إن ذلك يساهم في تسهيل عمليات انتشار البحرية الإسرائيلية في الخليج العربي، دون قيود في البحر والجو، وكذلك يصير بإمكانها إرسال سفنها إلى البحر الأحمر وبحر العرب، والاقتراب من خليج عمان.[8] ومن ثم سيكون من السهل على الجيش الإسرائيلي الحصول على دعم عسكري من الولايات المتحدة في الاتصالات مع الجيوش المجاورة، بما يُحسن الاستجابة الإقليمية للتهديدات التي تراها مشتركة.
والرابعة، تكثيف الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، وتعزيز جهود الردع بما يساعد إسرائيل في الدفاع عن نفسها. فقد سبق الحرب على غزة وصول أكثر من ثلاثة آلاف بحار أمريكي إلى الشرق الأوسط في إطار احتواء التهديدات الإيرانية للملاحة البحرية الدولية. ثم واصلت الولايات المتحدة استعراض بنية الدفاع الجوي والصاروخي في الشرق الأوسط، مع قرار شن إسرائيل حربها على غزة، من خلال إرسال حاملتي طائرات، ثم نشر بطاريات الدفاع الجوي ثاد وباتريوت[9]. وهناك عدة رسائل أمريكية من الانتشار العسكري لها في المنطقة، وهي: تعزيز الدفاع الإسرائيلي وتأمين غطاء جوي أكبر من خلال إسقاط الصواريخ الباليستية التي تستهدف إسرائيل. كما تعد رسائل ردع حازمة لمحور المقاومة بعدم تعدي الخطوط الحمر، وقواعد الاشتباك مع إسرائيل، فيما يخص التدخل في حرب غزة، وكذلك رسالة طمأنة لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، بأن واشنطن أعادت تعزيز وجودها كمظلة أمنية حامية، وكرادع للنفوذ والخطر الإيراني، خاصة مع إبداء بعض الدول شكوكاً في فعالية الغطاء الأمني الأمريكي، مع الدعم الأمريكي لأوكرانيا في حربها مع روسيا، ووثيقة الأمن القومي الأمريكي الصادرة في 2022، والتي أعتبرت مواجهة الصين في مقدمة أولويات الإدارة الأمريكية. وكان ذلك من بين أسباب توطيد تلك الدول علاقاتها مع الصين.
حدود فعالية الدور الحوثي
يتضح مما سبق أن جبهة الحوثيين لن تكون بنفس درجة التأثير التي تحظى بها الجبهة الشمالية بشكل خاص (حزب الله) في معادلة وحدة الساحات في طوفان الأقصى، ليس فقط بسبب تنوع آليات الردع الإسرائيلي والأمريكي المشار إليها سابقًا، ولكن هناك رغبة أمريكية في التركيز على مواجهة حماس وعدم فتح جبهات أخرى من شأنها أن تتسبب في خرى اأخرى تشتيت مساعي حسم الحرب في القطاع لصالح إسرائيل، خاصة وأنه مع اقتراب الحرب من شهرها الأول، مازالت نتائجها لم تحسم، ولم يتحقق أي إنجاز على الأرض فيما يخص تقويض قدرات حماس أو سحقها كما كانت تأمل إسرائيل من قرار الحرب والاجتياج البري للقطاع، في مقابل قتل وإبادة المدنيين، مما انعكس على فقدان الثقة داخل إسرائيل في رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، واتساع الخلافات داخل إسرائيل بين المؤسستين الأمنية والسياسية، وتراجع الرأي العام الإسرائيلي الداعم للغزو البري خاصة مع عدم تحقيقه إنجازاً ملموساً وخشية تأثيره على قضية الأسرى الإسرائيليين، في الوقت نفسه الذي تتزايد فيه الضغوط الداخلية الأمريكية على بايدن، مع الشكوك في جدوى الحرب، وتصاعد الرأى العام العالمي الرافض للدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل ومشاركتها في العدوان على غزة.
كل ذلك في مقابل القدرة العالية التي تبديها المقاومة في صد الاجتياح البري، مع الاحتفاظ بالقدرة على إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية، وإسقاط أعداد كبيرة من القتلي والجرحى في صفوف الجنود الإسرائيلين، مع الكشف عن أسلحة محلية الصنع أثبتت قدرتها على إحداث فارق في المعركة مثل قذيفة “الياسين”، والتي استطاعت أن تدمر المدرعة “النمر” التابعة للجيش الإسرائيلي أثناء محاولات التوغل البري. مع تأكيد القسام قدرتها على مواصلة القتال على نحو متزامن من جبهتي غزة، والشمال (لبنان) من خلال دور كتائب القسام في لبنان، التي استطاعت توجيه ضربات يوم الخميس الموافق 2 نوفمبر صوب كريات شمونة ومحيطها في شمال إسرائيل باستخدام 12 صاروخاً، في إشارة إلى التعاون العملياتي في الجبهة الشمالية بين القسام وحزب الله.
وبالتالي، في ضوء تلك التقديرات سترجح إسرائيل والولايات المتحدة خيار عدم توسيع نطاق الصراع ليشمل البحر الأحمر، من خلال الاكتفاء بصد هجمات الحوثيين، وليس الرد عليهم حتى لا يصبح البحر الأحمر ساحة جديدة للمواجهة، على النحو الذي تضطر الولايات المتحدة وإسرائيل إلى الانخراط فيه دون حسم ساحة غزة، التي تحظى بالأولوية في الوقت الراهن.
ومن ناحية أخرى، فإن اتساع المواجهة في البحر الأحمر يمكن أن يؤدي إلى انهيار محادثات السلام بين السعودية والحوثيين، وبالتالي انهيار الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة، والتي كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حريصة على التوصل إليها من أجل إنجاز تسوية سياسية مع المليشيا الحوثية في اليمن التي سبق وأخرجتها من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية بعد أن سبق وأدرجتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. فضلًا عن حرص بايدن على عدم التصعيد مع إيران بعد ما تحقق من تفاهمات بين البلدين كان من بينها صفقة تبادل السجناء الأمريكيين والإيرانيين لدى كل بلد مقابل الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأرصدة الإيرانية المجمدة لدى كوريا الجنوبية، والتي أشارت التقديرات إلى إنها كانت ستكون مقدمة لتفاهمات حول اتفاق نووي بين الطرفين. كما أن من مصلحة إيران الحفاظ على التهدئة في البحر الأحمر حتى لا تنعكس على اتفاق المصالحة بين السعودية وإيران، والذى مازال هشًا كونه، وفقاً لاتجاهات عديدة، كان تصالحًا تكتيكيًا وليس انعكاسًا لتغيير استراتيجي في العلاقة بين البلدين.
ختامًا، على الرغم من مساعي الإدارة الأمريكية لمنع امتداد شرارة حرب غزة إقليميًا تحقيقًا لهدف الاستئثار بغزة والعمل على القضاء على المقاومة بعد تفعيل تكتيك الأرض المحروقة على كامل تراب غزة، فإنه مازال من غير المستبعد مع استمرار الدعم الأمريكي الشامل لإسرائيل، وانخراطها عملياتيًا في الحرب داخل غزة مع عدم إبداء الرغبة في اتخاذ خطوات فعلية ضاغطة لإجبار إسرائيل على وقف العدوان، أن تشتعل شرارة الحرب إقليميًا، خاصة مع ما يبدو أنه إخفاقًا أمريكيًا في التوصل حتى لهدنة إنسانية، وكأن القرار إسرائيليًا خالصًا. وهذا ما أثبته لقاء وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن واجتماعه بمجلس الحرب الإسرائيلي يوم الجمعة 3 نوفمبر الجاري، والذي تزامن معه استهداف بوابة الشفاء الطبي ومحيط مستشفى القدس ومحيط المستشفى الإندونيسي، وكأنه رد عملي على المطلب الأمريكية بالهدنة الإنسانية، وكذلك بمثابة رد عملي على كلمة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، والتي وجه من خلالها رسائل تهديد للولايات المتحدة وإسرائيل بأن جميع الخيارات مطروحة ورهن التطورات في غزة، مع تأكيده على انخراط جميع جبهات المقاومة في معركة طوفان الأقصى، وبالتحديد الجبهة الشمالية التي ساهمت عملياتيًا في التخفيف من حدة القتال على جبهة غزة.
لذلك، من غير المستبعد في حال تمدد ساحة المواجهة وخروج التصعيد في غزة عن نطاقه وتحوله إلى اشتباك شامل في المنطقة، أن يتم تفعيل جبهة اليمن (الحوثيين) على نحو مكثف ومتزامن على ثلاث مسارات: (ليس فقط استهداف الأجزاء الجنوبية من إسرائيل، بل استهداف تل أبيب باستخدام طائرة “وعيد” المسيّرة، والتي يبلغ مداها 2500 كيلومتر)، والعمل على تعطيل التجارة الإسرائيلية، في البحر الأحمر، وشن هجمات في الخارج على المصالح الإسرائيلية، وسفاراتها، وغيرها من الأهداف. وفي تلك الحالة، ستمتد شرارة الحرب على النحو الذي سيدفع نحو انخراط الأطراف الإقليمية في الصراع على النحو الذي سيفرض، في الغالب، اصطفافًا إقليميًا مع أو ضد واشنطن في الحرب ضد غزة، وربما يتطور نحو اصطفاف دولي في حال حدوث تغيير ملموس في الموقفين الصيني والروسي إزاء ما يحدث في غزة.