مع تصاعد حصاد مجازر وجرائم حرب إسرائيل على غزة ودخول الحرب أسبوعها السابع، وارتفاع عدد الشهداء والمفقودين والمصابين لحوالي 45 ألفاً يعادل 2 في المئة من سكان غزة، ثلثهم أطفال ونساء، وعرض الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي لمشاهد مؤلمة وصادمة عن هول جرائم الحرب والضحايا والجثث والأشلاء.
يمكن القول لم يعد لأي قرارات دولية بشأن غزة ، أيا كانت الجهة التي تصدر عنها تلك القرارات. أي قيمة أو أهمية بالنسبة لاسرائيل ، فلا قرارات مجلس الأمن الدولي ، ولا توصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ولا مقررات قمة الرياض العربية الإسلامية الاستثنائية ، ولا أي قرار دولي آخر بات يشكل شاغلا مهما لاسرائيل أو قيدا معرقلا لخططها في غزة وفلسطين المحتلة ، وسوف تنفذ في غزة كل ما خططت له باقتحامها البري لها ، وبإحكامها سيطرتها علي مفاصلها الحيوية ، ولن تتركها أو تنسحب منها لتعود الأوضاع في غزة الي سابق ما كانت عليه قبل أن تطلق حماس عمليتها المعروفة بطوفان الاقصي. وكل التحذيرات العربية لها حول ما تنوي أن تفعله في غزة سوف تذهب سدى ولن تعيرها اسرائيل اهتماما.
كما لن تسمح اسرائيل اطلاقا بتنفيذ حل الدولتين لا بصيغته الراهنة ولا بأي صيغة اخري ، فهي لا تعترف به وأكد ذلك رؤساء حكوماتها المتعاقبة من نفتالي بينيت إلى يائير لابيد إلى بنيامين نتنياهو ، وسوف لن يختلف عنهم أي رئيس وزراء اسرائيلي قادم..
فهم جميعا ضد فكرة إنشاء دولة فلسطينية مستقلة. وحكومة نتنياهو الحالية بفصلها غزة عن الضفة الغربية ، وبإدارتها وفق النظام الإداري الذي سوف تضعه لها ويكون لها تحكم مباشر فيه، ستجعل من فرص تنفيذ حل الدولتين في حكم المستحيل ، في ظل غياب وحدة الأراضي الفلسطينية وعدم وجود سلطة فلسطينية موحدة تقوم بمهام الحكم والادارة. وسوف تتفنن إسرائيل في زرع العراقيل َوالصعاب التي سوف تنسف فكرة هذا الحل وتجعله مستحيل التطبيق في الواقع.
أما حماس ، التي فجرت هذا الموقف بطوفانها المشهود ، فهي الحاضر الغائب في كل ما يجري الآن بعد ان خرج الموقف من يدها تماما وذهبت كل مناشداتها لإسرائيل بوقف اطلاق النار لتدارك الاوضاع الإنسانية المنهارة في غزة، أدراج الرياح ولم تجد صدي مسموعا لها لدي حكومة نتنياهو.
وهو ما يعني المزيد من القتل والدمار وتدهور الأوضاع وإذا كان مقاتلي حماس لاتزال تقاوم وتتصدي لتقدم القوات الاسرائيلية على قدر ما هو متاح لها من قدرات عسكرية محدودة جدا بالمقارنة، إلا أن هذه المقاومة المسلحة قد لا تستمر طويلا في وجه هذا الطوفان الكاسح من القوة العسكرية الاسرائيلية المفرطة وسلاح جوي يكاد يكون هو الاكثر شراسة وعدوانية من نوعه في العالم.
ويجب ألا يغيب عن بالنا ان لحماس حدود قصوي في القدرة علي المقاومة مهما بلغت جسارة مقاتليها فهم في النهاية بشر كغيرهم . وهو ما يجعل الموقف في غزة بالغ الصعوبة والحرج حيث يبقي محصورا بين قوتين يفصلهما عن بعضهما فارق رهيب من الامكانات والقدرات العسكرية فضلا عن ان انتقام اسرائيل من المدنيين هو الطابع الغالب علي عملياتها في غزة.. ومع غياب أي دور عربي أو إقليمي أو دولي موازن لهذا الاختلال الهائل في موازين الصراع الدائر حاليا بين المتعدي والمعتدى عليه ، فان الموقف الراهن في غزة وفي عموم فلسطين المحتلة يبدو سيئا ومقلقا الي أبعد الحدود. فاسرائيل تتصرف في غزة والضفة الغربية وكأنها هي وحدها من يحكم العالم. وان القرار في النهاية يبقي قرارها وحدها وليس للجماعة الدولية أي دور فيه.
كشفت شبكة ان بي سي الإخبارية الأمريكية في الأسبوع الماضي: مع تصاعد عدد ضحايا حرب إسرائيل على غزة واستمرار إسرائيل بتطبيق القبضة الحديدية ورفض الهدن الإنسانية ورفض نتنياهو إدخال وقود ودواء وماء وغذاء إلى غزة، وعدم اتخاذ الإجراءات المطلوبة لحماية المدنيين الفلسطينيين، وكررت إدارة بايدن طلبه تحت ضغط الغضب الشعبي الأمريكي ومن الجناح التقدمي في حزب بايدن الديمقراطي في الكونغرس ومن مسؤولين داخل إدارة ترامب بدأت أصواتهم ترتفع وتتساءل متى نوقف منح إسرائيل الضوء الأخضر لارتكاب المجازر وجرائم الحرب ضد المدنيين في غزة.