انطلقت مروحية قتالية إسرائيلية من قاعدة «رمات داود» العسكرية إثر هجوم «كتائب القسام» في 7 تشرين أول/أكتوبر الماضي واشتبكت مع فلسطينيين كانوا يتبادلون إطلاق النار مع عناصر أمن إسرائيليين قرب تجمّع كبير للمشاركين في مهرجان «نوفا» الموسيقي الذي كان يقام في غلاف غزة.
حسب تقرير نشرته صحيفة «هآرتس» أول أمس السبت، فإن الشرطة الإسرائيلية فتحت تحقيقا في موضوع تعرّض بعض المشاركين في ذلك المهرجان لنيران تلك المروحية، وإن مقاتلي «القسام» لم يكونوا على علم بوجود المهرجان الذي أقيم بجوار كيبوتس رعيم، وهو ما ينفي وجود خطة مسبقة لـ«حماس» بمهاجمة الموجودين في الحفل.
من جهة أخرى، قامت قناة «سي إن إن» الأمريكية، بمقارنة فيديو نشره الجيش الإسرائيلي لدى اقتحامه مجمع «الشفاء» الطبي مع الفيديوهات التي التقطت لاحقا خلال جولة لوسائل الإعلام العالمية، وخلصت إلى أن الجيش الإسرائيلي نقل أسلحة إلى داخل المستشفى، وهو ما كشفه التناقض الواضح في الفيديو الأول الذي نشره الجيش الإسرائيلي، والفيديو التالي الذي تم التقاطه خلال زيارة مؤسسات إعلامية أجنبية إلى المبنى.
أظهر الفيديو الأول، الذي نشر في الساعة 17:35 بندقية واحدة من طراز كلاشنيكوف، زعم أن حركة «حماس» تركتها في موقع التصوير بالرنين المغناطيسي في مجمع «الشفاء» فيما أظهر الفيديو الثاني، الذي التقطه تري ينغست، مراسل «فوكس نيوز» في منتصف الليل، بندقيتين من طراز كلاشنيكوف، وهو ما شاهده طاقم شبكة «بي بي سي» أيضا عند سماح الجيش الإسرائيلي له بالدخول في اليوم التالي.
حسب تقرير للصحافي الأمريكي ماكس بلومنثال، رئيس تحرير موقع «غرايزون» فقد قتل الكثير من المستوطنين الذين زعم الجيش الإسرائيلي، لاحقا، أن مقاتلي «القسام» «أحرقوهم أحياء» فيما شهود لوسائل إعلام إسرائيلية ذكروا أن الجيش قام بقصف قاعدة مليئة بضباط وجنود الإدارة المدنية الإسرائيلية، وأن القوات الخاصة الإسرائيلية «قضت على الجميع، بمن فيهم الرهائن» الإسرائيليون، وأدت إحدى تلك الغارات الإسرائيلية، حسب صحيفة «هآرتس» إلى مقتل «ما لا يقل عن 112 من سكان مستوطنة بئيري».
تبعت تلك العمليات حرب ديماغوجيا إعلامية إسرائيلية وغربية هائلة تحدثت عن «أطفال مقطوعي الرأس» و«جثث محروقة لا يمكن التعرف عليها» و«اغتصاب النساء قبل إحراقهن أحياء». الهدف من وراء الزعم عن تلك الفظائع واضح: تصوير «حماس» على أنها «أسوأ من داعش» وحشد الدعم العالمي لخطط إبادة وتهجير الفلسطينيين في قطاع غزة.
الأدلة المتزايدة على أوامر قادة الجيش الإسرائيلي تشير، كما يقول بلومنثال، إلى أن بعض الصور، الأكثر إثارة للإزعاج، للجثث المتفحمة، والمنازل الإسرائيلية التي تحولت إلى أنقاض، وهياكل المركبات المحترقة التي قدمت إلى وسائل الإعلام الغربية كانت في الواقع «العمل اليدوي لطواقم الدبابات وطياري المروحيات».
مارك ريغيف، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، أعلن مؤخرا، عددا جديدا لقتلى عملية 7 تشرين اول/أكتوبر العسكرية هو 1200 (بدل 1400) مشيرا إلى اكتشافهم أن الجثث الأكثر تفحما كانت لمقاتلين من «حماس» وهو ما يعطي مصداقية أكبر للتحليلات المذكورة، ويبين، من جهة أخرى، التآكل المتصاعد لعناصر الرواية الإسرائيلية حول الحرب الجارية، كما يبين طور التغوّل الهائل الذي دخلت فيه إسرائيل.