كيف أثّرت حرب غزة على الأقلية العربية في إسرائيل والأقليات الأخرى؟ سؤال تجيب عليه مجلة “إيكونوميست” بأن التجربة مؤلمة، ومتضاربة للعرب المسلمين، الذين يمثّلون ثلاثة أرباع العرب في إسرائيل. وقد أشارت المجلة إلى الضابط المظليّ جمال عباس (23 عاماً)، من الطائفة الدرزية، الذي قتل على جبهة غزة، من بين دروز وبدو آخرين قتلوا هناك.
وفي قلب الطائفة الدرزية، التي يصل عددها إلى 150.000 نسمة، عقدت عدة جنازات لجنود قتلوا في الحرب الدائرة ضد “حماس” في غزة. وكان أعلى الضباط الذين قتلوا في الحملة داخل غزة رتبةً درزيّ. وتبلغ نسبة الرجال الدروز الذين انضموا إلى الجيش الإسرائيلي 80%.
في البقيعة، كان من الصعب السياقة في تلك البلدة الواقعة على تلة في الجليل، في 19 أكتوبر/ تشرين الثاني. ورفرف العلم الإسرائيلي والعلم الدرزي الملون على أعمدة الكهرباء حتى الساحة الرئيسية فيها، والتمثال الملون للمحارب الدرزي بشاربيه المعقوفين. فقد جاء الآلاف لتقديم العزاء بالميجر جمال عباس من لواء المظليين.
بعد هجوم “حماس”، قام تحالف بدوي- يهودي بإنشاء مركز في بلدة راحات، شرق غزة، حيث قام المتطوعون بتوفير رزم من الطعام للعائلات المتضررة بالحرب
وتقول المجلة إن “حماس” أعلنت عن قتل 21 بدوياً من النقب، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهناك ستة أسرى بدو من بين الـ 240 رهينة الذين تحتجزهم “حماس”.
وفي الأيام التي تبعت هجوم “حماس”، قام تحالف بدوي- يهودي من المنظمات غير الحكومية بإنشاء مركز في بلدة راحات، وهي بلدة تقع شرق غزة، حيث قام المتطوعون بتوفير رزم من الطعام للعائلات المتضررة بالحرب.
ومعضلة أهل راحات البدو أن لديهم أقارب في غزة يتعرّضون للقصف، وهناك من يشكّ بأن لدى عائلات في البلدة مهاجمين من “حماس” فرّوا بعد الهجوم.
وتقول المجلة إن ثلاثة أرباع المليونين من العرب في إسرائيل هم فلسطينيون مسلمون، وتمثل الحرب بالنسبة لهم حدثاً مؤلماً. ويشجب الكثير منهم “حماس”، ولكنهم يشعرون بالرعب من العنف في غزة.
وتقول ورود الجيوسي، من المعهد الأكاديمي العربي في بيت بيرل، شمال تل أبيب: “هناك اشمئزاز واسع بين المواطنين العرب والمسلمين بشأن ما فعلته حماس، في 7 تشرين الأول/أكتوبر”، و”لا يمكننا تقبّل قتل المدنيين والأطفال، والبربرية التي لا نقبلها أبداً، ولكننا نراقب، في الوقت نفسه، القنوات التلفازية العربية التي تعرض الدمار الرهيب لغزة، حيث لدى الكثير منا عائلات هناك، وهو أمر لا يهم أصدقاءنا اليهود كثيراً”.
وفي دراسة مسْحية، أجراها معهد الديمقراطية الإسرائيلية في القدس، وجد أن نسبة كبيرة من العرب في إسرائيل الذين عبَّروا عن موقف متوافق مع “الدولة” كان أعلى في الأسبوع الأول من الحرب. إلا أنه ومع استمرار الحرب تعرّض الكثيرون للضغوط.
وفي الحرب الأخيرة بغزة، عام 2021، اندلع الشغب في عدد من البلدات والمدن المختلطة في إسرائيل.
ولم تحصل اضطرابات حتى الآن أثناء هذه الحرب، وربما لأن العرب خائفون من الحكومة الحالية المتطرفة في إسرائيل.
الجيوسي: لا يمكننا تقبّل قتل المدنيين والأطفال، لكننا نراقب، في الوقت نفسه، القنوات العربية التي تعرض الدمار الرهيب لغزة، حيث لدى الكثير منا عائلات هناك
وتقول الدكتورة الجيوسي إنها “متفائلة وبحذر” حول منظور التعايش، لكنها تخشى من النزعات الشوفينية بين الإسرائيليين في أعقاب هجوم “حماس” وسياسة الرقابة المتشددة للمعارضين العرب– الإسرائيليين.
وسجل “المركز العربي للتخطيط البديل” في عيلبون بالجليل، والتي تسكنها غالبية مسيحية فلسطينية، أكثر من 200 اعتقال للعرب “الإسرائيليين”، بزعم “التحريض” على منصات التواصل الاجتماعي.
يذكر أنه تم تمرير قانونين أثناء الحكومة السابقة لبنيامين نتنياهو، أثّرا على وضعية المواطنين غير اليهود في إسرائيل. شدّدَ أحدهما الأحكام على الأشخاص الذين يبنون بيوتاً بدون رخص، وهو التهاب مؤلم في حلق غير اليهود الذين يعانون من التمييز في عمليات تخصيص الأراضي ورخص التخطيط من بين عدة أمور. أما الثاني، فهو قانون الدولة القومية، الذي يعتبر إهانة للأقليات، والذي ينص على أن “حق ممارسة تقرير المصير الوطني في دولة إسرائيل خاص بالشعب اليهودي”. وبعد جنازة الضابط الدرزي عباس، طالب جدّه، الذي عمل عقيداً في الجيش الإسرائيلي، بإلغاء هذين القانونين.