التدابير الرئاسية لا ترقى إلى انتظارات الصحافيين الجزائريين

التدابير الرئاسية لا ترقى إلى انتظارات الصحافيين الجزائريين

أثارت الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس الجزائري بمناسبة احتفالية اليوم الوطني للصحافة جدلا في أوساط الصحافيين الجزائريين، معتبرين أنها لا تخفف من وطأة الأزمتين المالية والمهنية اللتين تعاني منهما المؤسسات الإعلامية.

الجزائر – اتخذ الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، حزمة من الإجراءات لمساعدة الصحافيين والمؤسسات الصحفية، على مواجهة التحديات في القطاع الإعلامي، لكنها لم ترق إلى انتظارات الفاعلين في القطاع، الذين كانوا يطمحون إلى إجراءات تشيع مناخ الحريات وتحمي المنتسبين إليه من والتضييق، بدل اللجوء إلى تخفيضات في اشتراكات الوكالة الرسمية.

وكتب الإعلامي محمد إيوانوغان، في تدوينة نشرها في موقع “راديو أم” المحجوب والممنوع من النشاط بقرار قضائي تضمن تشميع المؤسسة الناشرة له، والحكم بالسجن لمالكه الإعلامي إحسان القاضي بسبع سنوات سجنا منها خمس سنوات نافذة، بأن “الكذب صناعة جزائرية خالصة ولذلك أحاول أن أجد أين أصنف اليوم الوطني للصحافة الذي تنفرد به الجزائر وتنفرد في نفس الوقت بمحاربة مهنة الصحافة”.

وأضاف “المؤسسات الإعلامية الجزائرية هي الأفقر في العالم على الإطلاق، وحتى تلك المؤسسات التي تحتكر الإعلانات العمومية، فهي تتوفر على ما يكفي من المال لجعل ملاكها يشترون فيلات وسيارات فخمة، لكن تلك الموارد الإعلانية بعيدة كل البعد عن ضمان الإمكانات اللازمة للبحث عن المعلومة ولو في كوكب المريخ”.

وتابع إيوانوغان “حتى نغطي على كل هذه الحقائق ونكذب على أنفسنا اخترعنا يوما وطنيا للصحافة، في بلد بلا صحافة. وكان هذا في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، بينما زميلنا أحمد تامالت كان يموت ببطء في سجن القليعة، ويعود هذا التاريخ اليوم وزميلانا إحسان القاضي ومصطفى بن جامع في السجن يواجهان عقوبة سبع سنوات، منها خمس نافذة للأول، وعامان للثاني، ولا نقوى حتى على نشر صورهما للتذكير بأنهما صحفيان والدستور يحميهما من العقوبة السالبة للحرية”.

في المقابل، استقبل ناشرون وصحافيون الإجراءات المتخذة من طرف الرئيس الجزائري بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، بارتياح كبير ولاقت إشادة كبيرة من طرفهم، قياسا بما توفره لهم من أعباء أثقلت الصناعة الإعلامية وانعكست على الأوضاع المهنية والاجتماعية للصحافيين والمنتسبين للقطاع.

وذكر بيان لنقابة ناشري الإعلام، أن “الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس لصالح الأسرة الإعلامية سواء المُتعلقة بالمؤسسات الإعلامية أو الصحافيين الممارسين، ستخفف من وطأة الأزمة المالية والمهنية التي تعاني منها المؤسسات الإعلامية”.

وأضاف “التدابير التسعة التي أقرها الرئيس ظلت تشكل أرضية لمطالبها منذ ثلاث سنوات، حيث تندرج ضمن رؤيتها لمنظومة إعلامية قوية واحترافية تستجيب لحق المواطن في إعلام محترف، مهني وموضوعي وتحافظ على المصالح العليا للدولة”.

وصرح رئيس المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين بالنيابة عمار شريتي بأن “الإجراءات والتدابير الأخيرة المعلنة من قبل رئيس الجمهورية لفائدة الصحافة الوطنية، هي خطوة استثنائية تعكس التزام الرئيس بتعزيز حرية الصحافة وتوفير بيئة عمل مؤاتية للإعلام الجزائري وخاصة الإلكتروني”.

وأضاف “المجلس الوطني للصحافيين الجزائريين يعتبر هذا القرار تاريخيا بعد سنوات طويلة من تجميده ونشيد بقرار الرئيس تبون الداعم للصحافيين، وهو ما يعكس وعيه العميق بدور الصحافي الحاسم في العملية الإعلامية وضرورة التكفل به اجتماعيا ومهنيا”.

ويعكس تضارب موقف الطرفين، حجم الهوة بين قطاع الصحافيين الذين تبنوا خطا مهنيا ناقدا أو معارضا للسلطة، مما كلفهم حملة من التضييقات والملاحقات وصدور عقوبات مختلفة في حقهم، رغم أن دستور البلاد يحظر العقاب السالب للحرية على الصحافيين أثناء تأدية مهامهم، وبين قطاع آخر انخرط في منظومة السلطة الأمر الذي حوله إلى ناطق باسمها، وهو ما كلفه رداءة وانعداما للمصداقية والتأثير في الرأي العام.

الجزائر احتلت مراتب متأخرة تتراوح بين 130 و140 في سلم حريات التعبير والصحافة، خاصة في السنوات الأخيرة

وتحدثت تقارير دولية مختصة عن تبوّء الجزائر لمرتبة متأخرة تتراوح بين 130 و140 في سلم حريات التعبير والصحافة، خاصة في السنوات الأخيرة، كما وجهت لها انتقادات متعددة بسبب سياسة التضييق المنتهجة على الممارسة الصحفية في البلاد، حيث يتواجد حاليا صحافيون رهن السجن.

وأعلن الرئيس تبون، في الرسالة التي قرأها وزير الاتصال محمد لعقاب، عن اتخاذ جملة من التدابير لفائدة الإعلام الوطني كشكل من أشكال الدعم غير المباشر، تتمثل في “تخفيض تكلفة الاشتراك في وكالة الأنباء الجزائرية لفائدة وسائل الإعلام الوطنية، بالإضافة إلى تخفيض الرسم على القيمة المضافة، على أن تحدد نسبتها والتدابير المتعلقة بها في قانون المالية التكميلي”.

كما قرر “تخفيض سعر تكلفة إيواء المواقع الإلكترونية لدى شركة اتصالات الجزائر بنسبة تتراوح بين 33 و36 في المئة مع زيادة طاقتها وتخفيض سعر الإيجار في مقار دار الصحافة، وإطلاق تسمية المراكز الصحفية بالملاعب بأسماء صحافيين رياضيين وتخفيض أسعار التذاكر عبر الخطوط الجوية الجزائرية لفائدة الصحافيين الرياضيين المكلفين بتغطية المنافسات الأفريقية”.

كما كلف وزير الاتصال ومديرية الاتصال برئاسة الجمهورية بإعداد “دراسة لإعادة إطلاق صندوق دعم الصحافة، وإعداد تصور لتنظيم سوق الإشهار، إلى جانب تكليف وزير الاتصال بإيجاد حل نهائي للسكنات الأمنية بسيدي فرج”.

وسبق أن قامت مؤسسة التسيير السياحي التابعة لسيدي فرج بالجزائر العاصمة بمراسلة المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري من أجل إخلاء الشقق والغرف التابعة لها ممثلة في فندق المنار في إطار السكنات الأمنية.

وأعلنت إدارة الفندق أنها بادرت بإخراج الصحافيين المقيمين في السكنات الأمنية بعد مراسلات وصلتها من بعض المؤسسات الإعلامية التي يشتغل فيها المعنيون بضرورة إخلاء غرفهم، الذين استفادوا منها منذ العشرية السوداء حماية لهم من الإرهاب في ذلك الوقت.

وذكّر تبون، في كلمته بـ”الالتزامات التي كان قد تعهد بها خلال حملته الانتخابية لفائدة الصحافة الوطنية من خلال السهر على ترقيتها ودعمها، وأنه تم استكمال بناء المنظومة القانونية المنظمة للقطاع من خلال صدور القانون العضوي المتعلق بالإعلام، وكذلك قانوني الصحافة المكتوبة والإلكترونية والنشاط السمعي البصري، في انتظار صدور المراسيم التطبيقية بشأنهما”

العرب