آفاق نمو واعدة للتجارة الإلكترونية في السوق المغربية

آفاق نمو واعدة للتجارة الإلكترونية في السوق المغربية

تتزايد المؤشرات على أن التجارة الإلكترونية في المغرب في طريق مفتوح للتوسع أكثر خلال المرحلة المقبلة بفضل تبني السلطات لقواعد تنظيمية مع تحفيز المتعاملين على استخدام الدفع الرقمي أثناء التسوق كوسيلة لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية.

الرباط – عكس نمو التجارة الإلكترونية في السوق المغربية إصرار صناع القرار الاقتصادي في البلاد على مواكبة طفرة التكنولوجيا كوسيلة في زيادة زخم التسوق الرقمي.

وذكر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن هذه السوق شهدت ازدهارا ملحوظا خلال السنوات القليلة الماضية بالبلاد، حيث أضحت تحتل مراتب متقدمة سواء في أفريقيا أو العالم.

وحسب مؤشر التجارة الإلكترونية الذي يصدره أونكتاد بين الشركات والمستهلكين فقد احتل المغرب المركز السادس، بعد كل من موريشيوس وجنوب أفريقيا وتونس ونيجيريا وكينيا.

وتقول منصة ايكوميرس دي.بي إن نُضوج السوق واعتياد المستهلكين على الشراء عبر الإنترنت سيدفعان عائدات هذه التجارة إلى الارتفاع.

وتتوقع المنصة أن تبلغ إيرادات التجارة الإلكترونية في المغرب نحو 3.1 مليار دولار بحلول العام 2027.

وأشارت ايكوميرس إلى تسارع المبيعات عبر الإنترنت بالبلاد خلال فترة الإغلاق زمن كورونا، حيث زادت نسبة نمو الإيرادات بأكثر من الضعف من 14.7 في المئة عام 2019 إلى 36.5 في المئة عام 2020.

وتدعم الحكومة المغربية التجارة الإلكترونية، حيث أطلقت العديد من المبادرات لتحفيزها، ناهيك عن توفير بعض المنصات المحلية خدماتها بشكل شبه مجاني للمستهلكين.

وأكد عبدالواحد رحال، المدير العام للتجارة لدى وزارة الصناعة والتجارة، أن الحكومة تسعى إلى توفير منظومة بيئية للابتكار تتمحور حول التكنولوجيا الرقمية وتكون في خدمة قطاع التجارة والتوزيع، وخاصة في خدمة التجارة الإلكترونية.

وذكر أن الجهود بالتعاون مع الشركاء بما فيهم القطاع الخاص، تهدف إلى تشجيع التحول الرقمي وإشاعة استعمال الوسائل الكفيلة بتعزيز التجارة عبر الأدوات والقنوات الإلكترونية، مع الحرص على حماية مصالح المهنيين والمستهلكين.

ويهيمن الدفع عبر الإنترنت بشكل خاص، على الإلكترونيات بحصة تبلغ 48 في المئة من إجمالي إيرادات التجزئة، تليها سلع الموضة بنسبة 20 في المئة ولعب الأطفال بنسبة 12.3 في المئة والأثاث والأجهزة المنزلية بنسبة 10 في المئة.

وتشير التقديرات إلى أن المنتجات الغذائية والصحية تستحوذ على حصة قدرها 9.7 في المئة من التجارة الإلكترونية في البلاد.

وحسب معطيات رسمية بلغ حجم معاملات التجارة الإلكترونية في العام الماضي ما يقارب 1.9 مليار دولار، أي ما يمثل حوالي 4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

ووفقا لدراسة أجرتها شركة آي ماركت المتخصصة في التجارة الإلكترونية، من المتوقع أن ترتفع حصة إيرادات التجارة الإلكترونية في المغرب إلى 15 في المئة بحلول عام 2027، أي ما يعادل حوالي 1.25 مليار دولار.

3.1 مليار دولار الحجم المتوقع لهذه السوق بحلول 2027 وفق منصة ايكوميرس دي.بي

واعتبر فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن لمواكبة التقدم المتسارع الذي يعرفه الاقتصاد الرقمي لاسيما التجارة الإلكترونية، تم تضمين الضريبة على القيمة المضافة في ميزانية 2024.

وقال إن “هناك مجموعة من الشركات التي تحقق أرقام معاملات كبيرة جدا في المجال الرقمي والتجارة الرقمية”.

ويتوقع لقجع أن تنتعش التجارة الإلكترونية في السنوات القادمة، حيث يرتقب أن تسجل إيراداتها نموا بواقع 25.3 في المئة خلال العام الجاري، على أن يسجل معدل نمو بنسبة 13.6 في المئة ما بين 2023 و2027.

ويرجع خبراء هذا النمو إلى انتشار الإنترنت، حيث يبلغ عدد المستخدمين 30.5 مليون نسمة هذا العام، أي ما يمثل حوالي 85 في المئة من السكان.

وعلاوة على ذلك، يساعد توسع خدمات الاتصالات في المغرب على ازدهار التجارة الإلكترونية، حيث ارتفعت نسبة تغطية الهواتف المحمولة إلى 100 في المئة.

وفي تقرير أصدرته منصة جوميا للتجارة الإلكترونية بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الاقتصادية وشركة التمويل الدولية وماستر كارد، أكد أن عددا كبيرا من التجار المحليين تمكنوا من مواصلة تسويق منتجاتهم بفضل التجارة الإلكترونية.

وأكد بدر بوسليخان، المدير التنفيذي لمنصة جوميا بالمغرب، أن البيع في العالم الرقمي لا يختلف عن البيع العادي في الحياة الواقعية.

وقال إن “هناك بعض الشركات لها مصداقية وجدية وهناك شركات أخرى عكس ذلك، فإذا ما أراد المستهلك شراء شيء عبر الإنترنت فعليه العمل على انتقاء منصة معروفة ولها تجربة في السوق المغربية”.

وبينما تزايدت المعاملات عبر الإنترنت، لا تزال طريقة الدفع عند الاستلام تمثل الجزء الأكبر من المعاملات التي يتم تنفيذها بأكثر من 90 في المئة من إجمالي المبيعات.

وأفاد مركز النقديات بأن المحلات التجارية التابعة له سجلت ما مجموعه 7.9 مليون عملية أداء إلكتروني بواسطة البطاقات البنكية في الربع الأول من العام الحالي.

وبحسب المركز، بلغت قيمة المعاملات 2.9 مليار درهم (نحو 290 مليون دولار) خلال الفترة المذكورة بارتفاع بنسبة 29.8 في المئة من حيث العدد وبنسبة 32.3 في المئة من حيث القيمة، وذلك مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2022.

ويؤكد عادل كرامة رئيس قسم برامج دعم الفاعلين بوزارة الصناعة أن الحكومة تعمل على توفير الظروف اللازمة لتطور التجارة الإلكترونية عبر وضع إطار قانوني ملائم يغطي جميع الجوانب في هذه المنظومة.

ومن بين تلك الأدوات توفير مدونة التجارة والقانون المتعلق بحماية المستهلك، بالإضافة إلى جوانب أخرى كالأمن السيبراني وحماية المعطيات الشخصية وتنظيم المعاملات الإلكترونية.

وأكد مركز الدفع الإلكتروني بين البنوك (سي.أم.أي) مؤخرا أن المعاملات عبر الإنترنت في السوق المغربية آخذة في الارتفاع.

وأشارت بيانات سي.أم.أي أن عدد معاملات الدفع عبر الإنترنت التي تمت بواسطة البطاقات المصرفية بلغ ذروته عند 25.2 مليونا في نهاية سبتمبر 2023، أي بزيادة بنسبة 23.4 في المئة على أساس سنوي.

ومن حيث المبلغ فقد بلغ مجموع هذه المعاملات 8.7 مليار درهم (نحو 870 مليون دولار)، أي بزيادة قدرها 23.6 في المئة على مدى سنة واحدة.

العرب