سيناريوهات واستراتيجيات متعددة لإنهاء حرب أوكرانيا، بينها الرسمي، وبينها ما اقترحه رئيسها فولوديمير زيلينسكي، لكنها في النهاية دقت جميعها ناقوس الخطر من استمرار النزاع في البلاد. تلك الحلول المحتملة والسيناريوهات المقترحة جاءت في تقرير نشره مركز ويلسون الأمريكي، حول ما هو موجود على الطاولة وما هو قابل للتنفيذ والعوائق التي أمامه.
حرب «الدرونز».. هجوم يحاصر أوكرانيا وروسيا تصطاد «خفافيش ظلام» القرم
«حرب المسيرات» تشعل سماء روسيا وأوكرانيا
“كلما طال أمد أي حرب واسعة النطاق ازداد عمق المشكلات”.. هكذا أكدت كاترينا سيرغاتسكوفا، رئيسة تحرير صحيفة “زابورونا ميديا” الأوكرانية، خلال التقرير.
سيرغاتسكوفا أكدت، خلال تقرير أنه “كلما أسرعت أوكرانيا وحلفاؤها في اقتراح استراتيجية فعالة لإنهاء الحرب بشكل أو بآخر، زادت فرصة الحفاظ على جزء على الأقل من نظام ما قبل الحرب، مع ضرورة النظر في هذه القضية على كل المستويات”.
وأشارت إلى أن “سلامة أوكرانيا أمر حيوي بالنسبة للسلام والأمن الأوروبي الأطلسي، وكلما طال أمد أي حرب واسعة النطاق ازداد عمق المشكلات، وليس فقط في مجالي الأخطار العسكرية والأمن، لأن الأزمة السياسية، والاقتصادية، والبيئية المتزايدة في المنطقة أسفرت عن مشكلات منفصلة لكنها ذات صلة ببعضها البعض”.
الاستراتيجية الرسمية
أولى تلك الاستراتيجيات، هي الرسمية لكييف، وتتعلق بإنهاء الحرب، التي أعلن عنها في سبتمبر/أيلول 2022، أثناء ذروة عملية الهجوم المضاد في جنوب أوكرانيا.
وتعتبر تلك الاستراتيجية اتفاق كييف الأمني المدمج، الذي أعده نيابة عن الرئيس زيلينسكي، أندريه يرماك، رئيس مكتب الرئيس الأوكراني، وأندريه فوج رلسموسين، القائد السابق لحلف شمال الأطلسي(ناتو).
ويدعو مشروع الاتفاق العالم إلى التزام لسنوات من الاستثمار المستمر في القاعدة الصناعية العسكرية لأوكرانيا، ونقل أسلحة على نطاق واسع، والمساعدات المخابراتية، ومهام التدريب المكثفة تحت إشراف الاتحاد الأوروبي والناتو.
كما يدعو الاتفاق إلى الحاجة إلى عقوبات شديدة طويلة المدى ضد روسيا وبيلاروسيا. ويبدو أنه يتوقع حربا طويلة الأمد، ستحتاج أوكرانيا خلالها إلى دعم دائم موثوق به.
صيغة زيلينسكي للسلام
وفي الوقت الحالي يتحدث مكتب الرئيس الأوكراني وكبار المسؤولين في الدوائر الدبلوماسية بصورة متزايدة عن شيء آخر هو ” صيغة السلام” التي قدمها زيلينسكي خلال قمة قادة مجموعة العشرين في إندونيسيا في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2022″.
وهذه الصيغة توضح أفكار زيلينسكي بشأن الكيفية التي يمكن أن يواجه بها الشركاء الأزمة.
وتتمثل النقاط الرئيسية للصيغة في “إجراء تبادل شامل للأسرى، وعودة الأطفال الذين تم ترحيلهم. واعتراف روسيا بوحدة أراضي أوكرانيا، واستعادة السيطرة الأوكرانية على كل الأراضي، وانسحاب القوات الروسية”.
وتوصي الصيغة بضرورة قيام شركاء أوكرانيا بدعم جهودها في أرض المعركة، والمساعدة بتزويدها بأسلحة حديثة وباستثمارات في الصناعات العسكرية الأوكرانية، وتقديم المزيد من المساعدات العسكرية والإنسانية.
وفي الوقت نفسه، يتعين عليهم تنشيط المزيد من الآليات الدبلوماسية والاقتصادية لزيادة إضعاف روسيا.
وتدعم الأغلبية العظمى من الأوكرانيين كل ما ورد في تلك الصيغة، إلا أن الكثير من المراقبين خارج أوكرانيا يعتبرون مثل هذه الصيغة غير واقعية. ولا يمكن أن تكون أساسا لمفاوضات محتملة بشأن وقف إطلاق النار، ناهيك عن التوصل لاتفاقية سلام.
2024.. عام عاصف
وفي هذا الإطار أكد سيرغاتسكوفا إن العالم في عام 2024 سيكون عاصفا على نحو أكثر من أي وقت. بسبب الانتخابات التي توشك على البدء بالفعل في معظم دول الناتو.
وتعتبر أصوات تلك الانتخابات حاسمة في صياغة السياسات الدولية وفي تقديم المساعدات الإنسانية.
وبالإضافة إلى الولايات المتحدة، ستجرى الانتخابات في المملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا- وهي الدول الأكثر دعما لأوكرانيا في الوقت الحالي- وكذلك في روسيا وبيلاروسيا.
ومن المرجح أن يكون استمرار دعم وتمويل أوكرانيا في حرب لم تسع إليها قضية رئيسية للسياسيين، خاصة أولئك الذين ينتمون لليمين الراديكالي والأحزاب الشعبوية.
وربما سيكون الاستغلال للمشاعر أثناء الانتخابات مصحوبا بإجراءات حقيقية، مثل خفض المساعدات العسكرية أو الدعم المالي أو سحبهما تماما.
وسيؤثر كل ذلك على مواطني أوكرانيا وربما ينتهي الأمر بـ”فرض السلام”، الذي قد يعني ترك الأراضي التي سيطرت عليها روسيا وتجميد الحرب، وستكون قضية بقاء أوكرانيا في سيناريوهات أسوأ الأحوال هي القضية الأولى في عام 2024.
وفي مثل هذا الموقف، تصبح رؤية إنهاء الحرب أكثر أهمية. ومن الممكن أن تؤدي أي استراتيجية غير واقعية إلى فقدان دعم الشركاء والإحباط العالمي. ومع ذلك، لا يعني هذا أنه يتعين على أوكرانيا التخلي عن صيغة زيلينسكي للسلام.
وتوضح ممثلة الرئيس الأوكراني في شبه جزيرة القرم، تاميلا تاشيفا، أنه من الخطأ الاعتقاد بأن “تسوية شبه جزيرة القرم” التي سوف تتيح لشبه جزيرة القرم البقاء رسميا في أيدي الروس، سوف تحقق السلام، لأن روسيا قامت بعسكرة شبه الجزيرة وكذلك البحر المجاور بشكل مكثف، مشيرة إلى أن” تحرير شبه جزيرة القرم أمر أساسي للأمن في منطقة البحر الأسود”.
وأضافت: “في الوقت نفسه، ندرك أن هذه الحرب سوف تنتهي في الغالب الأعم بالتوصل لمعاهدة سلام. وسوف تكون أية آلية قانونية لإنهاء الحرب اتفاقا متعدد الأطراف. لا يشمل أوكرانيا وروسيا فقط، ولكن أيضا ضمانا للأمن في المنطقة، مع التصديق على الاتفاقات على مستويات برلماناتهما”.
واختتمت سيرغاتسكوفا تقريرها بالقول إن أوكرانيا في حاجة الآن إلى رؤية جديدة واستراتيجية جديد لإنهاء الحرب من أجل تجنب سيناريو أسوأ الحالات في المستقبل القريب.
ولفتت إلى أنه تعين على شركاء أوكرانيا التقدم بمقترحات ملموسة وضمانات للدعم الاقتصادي، والسياسي، والأمني. وينبغي أن تكون هذه المهمة قد تمت بالفعل.