أخطأ وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان عندما قال في مؤتمر عقده أخيراً في العاصمة القطرية الدوحة إنّ “ما يجمع إيران وإسرائيل أمر واحد، وهو رفض حلّ الدولتين”، وإن أردنا التعامل بعبارة أخفّ وطأة لقلنا إنّ عبد اللهيان لم يكن دقيقاً بذلك التصريح.
الصحيح أنّ إيران وإسرائيل يجمعهما أكثر من أمر واحد كما قال اللهيان، وإن أردنا التعداد بعجالة فإنّ خمسة أمور على الأقلّ تجمع بينهما، هذا إن استثنينا أنّ الحرف الأوّل من اسم الكيانين بالعربية والإنكليزية والفرنسية واحد، أي الألف في اللغة العربية عند العرب والـ”i” في اللغتين الفرنسية والإنكليزية. على عكس لعبة الفوارق المعروفة تأتي النقاط الخمس التي تجمع إيران وإسرائيل على الشكل التالي:
1- العداء للعرب: تنطلق إسرائيل وإيران في تركيب العقيدة السياسية والعسكرية في دولتيهما على معادلة العداء للعرب، وكلّ الحروب التي خاضتها الدولتان كانت ضدّ العرب. كدول وجماعات وأفراد. لا بل مارست الدولتان فعل القمع للمجموعات العربية في دولتيهما، عرب الـ48 داخل الكيان الإسرائيلي وعرب الأهواز في الداخل الإيراني.
2- احتلال العواصم العربيّة: وحدهما إيران وإسرائيل عمدتا إلى احتلال عواصم عربية في العصر الحديث، حيث احتلّت إسرائيل العاصمة اللبنانية بيروت عام 1982 فيما احتلّت إيران أربع عواصم عربية، وفقاً لتصريح العديد من قياداتها ما بين عام 2005 و2022، من دمشق فبغداد فصنعاء وانتهاء ببيروت، وذلك عبر أذرعتها الميليشياوية.
إسرائيل وإيران تشكّل الواحدة للأخرى حاجة وجودية بسبب التماثل في منطق التفكير والعمل والهيمنة. اللافت أنّ الدولتين تحظيان بعناية أميركية خاصة
3- التمييز الدينيّ: تعتمد إسرائيل وإيران على التمييز الديني في تعاطيهما مع المكوّنات الدينية والطائفية المشكّلة لمجتمعَيْهما. يتقدّم اليهودي على سواه من مواطنين في إسرائيل مسيحيين ومسلمين، وتُعتبر المناصب العليا في الدولة حكراً عليه فيما هي ممنوعة على الآخرين.
الأمر لا يختلف كثيراً في إيران حيث يُمنع السُّنّة في إيران من بناء المساجد، وبخاصة في العاصمة طهران. كما يُمنعون من تبوّؤ المناصب المؤثّرة، وبخاصة ما يتعلّق بالقوى العسكرية والأمنيّة. الكلمة الأولى في إيران هي للملالي، فيما الكلمة الأولى في إسرائيل هي للحاخامات.
4- إنشاء الميليشيات أو الجيوش الرديفة: تعتمد اسرائيل وإيران على إنشاء جيوش رديفة للجيش الوطني في الدولتين. هي أشبه بالميليشيات المحلّية التي تناط بها مهمّات خاصة داخلياً تتعلّق بالقمع ومواجهة الاحتجاجات الداخلية. في إسرائيل تلعب حركات المستوطنين هذه المهمّة حيث يُسمح لها باقتناء السلاح والتنقّل به في الأيام العادية وتحصل بسهولة على ترخيص رسمي له، كما يمنح حقّ استعماله لمجرّد الشبهة ضدّ غير اليهود، وبخاصة العرب. بالمقابل في إيران هناك جيشان رديف للجيش الإيراني الأول هو الحرس الثوري، وتسانده تشكيلات أخرى لا سيما الباسيج. وتتولى القوى الرديفة قمع المتظاهرين المعارضين.
5- التنكّر للقانون الدوليّ: تجتمع إسرائيل وإيران في مسلكية التنكّر للقانون الدولي، وبخاصة عبر التدخّل في شؤون الدول الأخرى سياسياً وأمنيّاً وعسكرياً. فلا تجد إسرائيل أيّ حرج بوجودها العسكري والأمنيّ في أذربيجان وصولاً إلى بعض الدول الإفريقية. كما لا تجد إيران حرجاً بوجودها العسكري والأمنيّ في سوريا والعراق واليمن، وتنعى خبراء لها قُتلوا في تلك الدول بشكل علني على الرغم ممّا يشكّل ذلك انتهاكاً للقانون الدولي. كما لا تجد إسرائيل حرجاً بالاعتداء قتلاً أو اعتقالاً على المعارضين مهما كانت جنسيّتهم خارج حدودها، وكذلك الأمر مع إيران في اعتقال مشاركين في مؤتمرات تُعقد على أرضها أو في اغتيال شخصيات من جنسيات أخرى خارج حدودها.
إقرأ أيضاً: إسرائيل: التحدّي الوجوديّ وتحدّي الحرب الدائمة!
إسرائيل وإيران تشكّل الواحدة للأخرى حاجة وجودية بسبب التماثل في منطق التفكير والعمل والهيمنة. اللافت أنّ الدولتين تحظيان بعناية أميركية خاصة. فإن كانت الأولى لا تبرح مربّع التأييد والدعم الأميركيَّين بشكل واضح ودون نقاش، فإنّ الثانية، على الرغم من كلّ السجالات المعلنة، تحظى بالغطاء الأميركي في اللحظات الحاسمة نوويّاً وغير نوويّ. شاركت الأميركي في غزو العراق، وبغطاء أميركي سيطرت على سوريا.
إسرائيل تشبه إيران، وإيران تشبه إسرائيل. ليس الأمر افتراء بل هو رصد ومراقبة ومقارنة علمية.