يتجنب الكثيرون طرح السؤال الجوهري: هل تملك إسرائيل بعد 75 سنة من الاحتلال والحروب على الفلسطينيين في القدس وغزة والضفة الغربية وقضم وسرقة الأراضي وبناء مستوطنات غير شرعية ودعوة اليهود للهجرة لفلسطين الدفاع عن الاحتلال والتنكيل والقتل أم أن الشعب الذي يرزح تحت الاحتلال من يحق له مقاومة المحتل؟
الصهاينة وأنصارهم بقيادة بايدن (يفاخر أنه صهيوني)-ووزير خارجيته بلينكن، فاخر في أول زيارته (سيقوم بزيارته الخامسة لتل أبيب-بأنه قادم كوزير خارجية ويهودي) جميعهم يؤكدون عدوان حماس على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر 2023-هو سبب حرب الإبادة والقتل الممنهج والترحيل القسري لمليونين وتحويل غزة لمنطقة غير قابلة للحياة لترحيل الفلسطينيين إلى سيناء وتحويل غزة لمنطقة أمنية عازلة وإنهاء الصراع الدائم والحروب الست منذ عام 2008. وذلك بدعم وتأييد المجتمع الدولي. وترسيخ فكرة أن الاحتلال ونكبة عام 1948 ونكسة 1967 وحروب الصهاينة ليست السبب، بل عدوان حماس-وتزوير الحقائق وأن الصراع بدأ في 7 أكتوبر 2023، وليس بتقسيم فلسطين عام 1947 وقيام كيان الاحتلال 1948، واحتلال غزة وسيناء من مصر والقدس والضفة الغربية من الأردن والجولان من سوريا! وتوسيع مساحة كيان الاحتلال ثلاثة أضعاف؟!!
ترسيخ فكرة أن الاحتلال ونكبة عام 1948 ونكسة 1967 وحروب الصهاينة ليست السبب، بل عدوان حماس-وتزوير الحقائق وأن الصراع بدأ في 7 أكتوبر 2023، وليس بتقسيم فلسطين عام 1947 وقيام كيان الاحتلال 1948
لوم واتهام إسرائيل والمجتمع الغربي حماس بشن اعتداء هو الأسوأ على الصهاينة واليهود منذ الهولوكوست-محرقة هتلر في الحرب العالمية الثانية وقتل 1200 إسرائيلي-يحملون جنسيات متعددة-في يوم واحد (ثبت لاحقاً) قتل العديد منهم بنيران صديقة وبقصف وبطائرات أباتشي في حفل غنائي بالخطأ فجر صباح 7-أكتوبر.. كما قُتل بنيران صديقة من جنود الاحتياط في الحرب البرية عدد غير قليل من الجنود، هو تزييف للواقع والتاريخ ولقرارات مجلس الأمن وللقانون الدولي!
تكرار قادة الاحتلال بقيادة نتنياهو ومعه غلاة المتطرفين الصهاينة في حكومته الأكثر تطرفاً، وحلفاء إسرائيل-وعلى رأسهم بايدن ووزيرا الخارجية والدفاع ومستشار الأمن الوطني والناطقان باسم البيت الأبيض والخارجية والدفاع ورؤساء وزراء وقادة الاتحاد الأوروبي فرادى وجماعات وبريطانيا، برغم ارتكاب إسرائيل جرائم حرب، وحرب إبادة «أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها..» متجاهلين ومتناسين مبدأ «الحرب العادلة» والتناسب في حربها ضد عدوان حماس (المنظمة الإرهابية) التي لا يفوّت نتنياهو فرصة لمقارنتها بتنظيم داعش!
ورغم إبادة إسرائيل في أقل من 3 أشهر عُشر سكان غزة 22 ألفاً و7 آلاف تحت الأنقاض وإصابة 55 ألفاً- ثلثاهم من الأطفال والنساء وكبار السن وتدمير نصف منازل القطاع والبنى التحتية والمستشفيات والمساجد وتهجير مليونين -90 في المئة من شعب غزة النازح والنازف والمحاصر والجائع، وجعل الحياة جحيما تفتقد لأبسط المقومات والخدمات- في جرائم حرب موثقة. تجاوزت حرب إسرائيل المجازر الوحشية ووصلت للحط من الكرامات الإنسانية وتجريد المعتقلين من ملابسهم وإهانتهم وعرضهم وتصويرهم، وارتكاب إعدامات جماعية-وترك الجثث تتحلل في الشوارع. ووصلت لإبادة جماعية وتطهير عرقي مدان.
كشف آفي شلايم المفكر اليهودي البريطاني-العراقي الأصل-خدم في جيش الاحتلال في ستينيات القرن الماضي، والناقد لإسرائيل بعد تحولها لدولة استعمارية بعد عدوانها عام 1967-عن وثيقة وزارة الاستخبارات الإسرائيلية بتاريخ 13 أكتوبر 2023-لتقسيم وتجزئة غزة وإجبار سكانها على الرحيل القسري إلى سيناء- في تكرار لنكبة ثانية لعام 1948، والنكسة عام 1967-لم يُسمح للفلسطينيين الذين أُجبروا على النزوح القسري العودة إلى مدنهم ومنازلهم!
وهذا ما كشفته خطة نتنياهو في اجتماعه مع حزبه الليكود منتصف ديسمبر. وأضاف في مقاله الأسبوع الماضي في صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية-»هدف حربه المسعورة :»القضاء على حماس وتحييد غزة ونزع سلاحه، وتطهير ثقافة الفلسطينيين من التطرف».
كما بات واضحاً هدف التدمير الممنهج والترحيل القسري-وجعل قطاع غزة غير قابل للعيش والحياة لفقدان مقومات الحياة. وذلك لإقامة منطقة عازلة وفرض السيطرة. وحتى إعادة بناء مستوطنات ومساكن بإطلالات على البحر الأبيض المتوسط لتحويل غزة-كما يروجون «دبي المتوسط»!؟
يؤكد آفي شلايم، بقراءة وتحليل خطاب نتنياهو والجناح المتطرف في مجلس الحرب الرباعي-أنهم لا يملكون أي استراتيجية سوى الانتقام والصراع الدائم وبلا أفق لأي مبادرة لحل الصراع سوى القوة والتطرف. ويعبر عن صدمته من الدعم الغربي اللامحدود وخاصة الأمريكي والألماني والكندي وبلا أي قيود- بتوفير السلاح والمال والغطاء السياسي. وهناك انفصام بين الأنظمة والحكومات الغربية وأغلبية مواطنيهم الغاضبين والمتظاهرين.. ولا شك أن معظم البشرية باتت على قناعة أن الغرب بات شريكاً في حرب الإبادة على غزة، وإفلاسه أخلاقياً، ما يشكل إهانة لقيم الحضارة..»
الواقع أن حرب إسرائيل الدموية على غزة أنهت سردية إسرائيل والغرب أنها واحة الديمقراطية الوحيدة وسط صحراء الأنظمة المستبدة! الواقع اليوم إسرائيل دولة استعمارية مستبدة، وآخر وأقدم كيانات الاستعمار على وجه الأرض! وتشهد تراجعا للممارسات وقيم الديمقراطية بعدوانها وجرائم احتلالها منذ النكبة-1948 والعدوان الثلاثي-1956 والنكسة 1967. وحروبها ضد الفلسطينيين وحروبها الست على غزة وحروبها على لبنان والعدوان المستمر على سوريا. جميع تلك التجاوزات والحروب تخالف القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
يؤكد استنتاج دراسة غولدستون عن لجنة تحقيق عملية الرصاص المصبوب-معركة الفرقان-حرب إسرائيل الأولى على غزة-2008-2009-أن إسرائيل لم تستهدف حماس فقط، ولكنها استهدفت سكان غزة. بعقابهم وإذلالهم وترهيبهم. وأكدت تقارير أربع منظمات حقوق الإنسان: أن إسرائيل دولة إبارتايد-فصل عنصري.. والفلسطينيون-الإسرائيليون يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية!
علينا نشر وترسيخ تلك الحقائق الدامغة عن وحشية الصهاينة، لفضح وإحراج إسرائيل ومناصريها ودحض سرديتها الكاذبة!