القاهرة – أقدمت الحكومة المصرية على رفع أسعار خدمات مترو الأنفاق وبعض وسائل النقل العام وخدمات الإنترنت والكهرباء، لاستكمال إجراءات رفع الدعم عن الكثير من الخدمات العامة وتوفير سيولة مالية واستجابة لشروط صندوق النقد الدولي.
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأربعاء، إن رفع أسعار الكهرباء سيقلص خسائر القطاع إلى 2.43 مليار دولار، وأن الوقود الذي تستخدمه مصر لتشغيل محطات الكهرباء يتم شراؤه بالدولار.
وجاءت قرارات رفع الأسعار مع توقعات بإجراء تغيير حكومي موسع مع بدء الفترة الرئاسية الثالثة للرئيس عبدالفتاح السيسي، يدعم تحميل الحكومة الحالية تبعات قرارات قابلها المصريون بقدر كبير من الإحباط انتظاراً لما ستؤول إليه أوضاع الاقتصاد الفترة المقبلة جراء أحاديث مستمرة عن إمكانية خفض قيمة الجنيه.
وأقرت وزارة النقل المصرية زيادات في أسعار تذاكر قطارات مترو أنفاق القاهرة بقيمة تتراوح بين 20 و33 في المئة لبعض المحطات، وهي الزيادة الرابعة خلال فترة وجيزة.
وقررت زيادة أسعار تذاكر بعض قطارات السكك الحديد التي يستقلها الفقراء بزيادة تراوحت بين 10 و25 في المئة على القائمة السعرية القديمة، ما أثار جدلاً حول أسباب زيادة أسعارها مع تأكيدات مستمرة أن إجراءات رفع الدعم لن تتأثر بها الطبقات الفقيرة.
ووافق الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (حكومي يتبع وزارة الاتصالات) على زيادة أسعار رسوم المكالمات الهاتفية والإنترنت بنسب تراوحت ما بين 10 و20 في المئة، وأرجع ذلك لمواجهة زيادة التكاليف في ظل تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار وارتفاع أسعار خدمات الصيانة والتشغيل.
وعلق طارق سيد، وهو موظف بجهة رسمية، على الزيادات بالقول إن الحكومة لا تكتفي بزيادة أسعار الخدمات بل وتتسبب في الوقت ذاته بتراجع جودتها، مشددا أنه من غير المنطقي أن يشهد مترو الأنفاق ارتفاعاً في أسعار تذكرته بينما حالة القطارات والمحطات القديمة مزرية.
وقال سيد في تصريحات لـ”العرب” إن الأمر ذاته ينسحب على شبكة الإنترنت التي تتراجع جودتها، مشيرا إلى الحكومة لم تتحدث عن دوافعها لزيادة أسعار التذاكر، وما هو العائد على المواطنين جراء تلك الزيادات.
وأكد عدم وجود ما يثبت أنه سيجري تحقيق الاستفادة المثلى من زيادة العائدات، وهناك قناعة بأن السياسات الاقتصادية التي تتخذها هي السبب، وأن فوائد الديون الخارجية تضغط بقوة على الموازنة العامة وفي النهاية المواطن يدفع ثمن ذلك.
وتواجه الحكومة اتهامات بعدم القدرة على توفير غطاء سياسي يجعل المواطنين يقتنعون بما تقدم عليه من قرارات تنعكس على أوضاعهم المعيشية، وأن التوقعات السابقة التي كانت تشير لاتخاذ إجراءات صعبة بعد انتخابات الرئاسة صدقت الآن.
وقال عضو مجلس النواب عن حزب التجمع اليساري النائب أحمد بلال إن الحكومة تقدم المزيد من الرسائل السلبية حول مستقبل الأوضاع الاقتصادية في مصر بقراراتها التي تأتي في وقت ينتظر فيه المواطنون انفراجة مع بدء الولاية الثالثة للرئيس السيسي، لافتا إلى أنه كان على الحكومة أن تطبق قانون الضرائب على الأرباح الرأسمالية بعد أن سحبته لتعديله ولم يتم تطبيقه بعد إقراره من البرلمان.
وأوضح بلال في تصريح لـ”العرب” أن المواطنين قد لا يتحملون المزيد من الإجراءات الصعبة، وأن الواقع على الأرض يشير إلى زيادة معدلات الفقر وتناقص مستمر في الطبقة المتوسطة التي قاربت على الاختفاء، ويصعب الارتكان على استسهال اتخاذ قرارات تضاعف الأعباء، لأن ذلك له نتائج سلبية وإن لم تكن وقتية، لكن تراكمها قد يدفع نحو تفكك المجتمع أو انفجاره.
وزارة النقل المصرية تقر زيادات في أسعار تذاكر قطارات مترو أنفاق القاهرة بقيمة تتراوح بين 20 و33 في المئة لبعض المحطات
وتابع “من يعتقد أن تحميل مسؤولية تمرير القرارات الصعبة للحكومة الحالية دون أن تتأثر بها الحكومات المقبلة مخطئ لأن القرارات تبقى تأثيراتها مستمرة، وفي حال جاءت حكومة جديدة ستواجه صعوبات أكبر، وقد يكون ذلك بمثابة تصدير أزمات لها وأحد أدوات عرقلتها عن أداء مهام عملها لإنقاذ الاقتصاد”.
وتوقع متابعون أن جزءا من خطة الحكومة لرفع أسعار الخدمات في هذا التوقيت يرتبط بكونها أكثر قدرة على تمريرها، لأنها هيأت الأوضاع لوجود قرارات اقتصادية صعبة سيتم اتخاذها مع بدء العام الجديد، وهناك مخاوف في الشارع من إمكانية تحريك قيمة الجنيه وخفضه مجدداً، وبالتالي تبقى القرارات التي اتخذتها أقل ضررا.
ونفت الحكومة على لسان متحدثها الرسمي ما تداولته صحف محلية لقائمة بأسعار الشرائح الجديدة نقلاً عن جهاز تنظيم الكهرباء (حكومي يتبع وزارة الكهرباء) والذي نشر، الثلاثاء، جدول الزيادات للعام الجديد، والمعمول بها، بدءًا من الأول من يناير الجاري وحتى 30 يونيو على الموقع الرسمي للجهاز.
وعبّر موقف الحكومة عن حالة من الارتباك، خاصة أن زيادات الكهرباء تأتي في وقت تستمر فيه خطة تخفيف الأحمال التي ينتج عنها انقطاع التيار الكهربائي يوميًا لمدد تستمر ساعة أو ساعتين، وهو أمر لم يكن معتادا في السنوات الماضية.
العرب