إيران تستعرض بقصف المدنيين في أربيل

إيران تستعرض بقصف المدنيين في أربيل

أربيل – أطلق الحرس الثوري الإيراني عشرة صواريخ باليستية على مواقع في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، بزعم ضرب “مواقع تجسس” لإسرائيل، في حين أن الاستهداف طال منطقة سكنية وأسفر عن مقتل أربعة على الأقل، وإصابة 17 آخرين كانوا يحضرون مناسبة اجتماعية.

وأدى الهجوم إلى مقتل رجل الأعمال الكردي المعروف بشراو دزايي صاحب مجموعة فالكون، التي تعمل في قطاعات البناء والنفط والغاز الطبيعي والتكنولوجيا والزراعة، وابنتِه التي لم تتجاوز العشر سنوات، وجرح عدد آخر من عائلته. كما قتل في الهجوم كرم سريدار، رجل الأعمال ومالك مجموعة ريان العراق، الذي كان يحضر تجمعا اجتماعيّا في منزل دزايي.

وقال شهود عيان إن الهجوم استهدف منطقة سكنية راقية لم تكن قد شهدت زيارات من قِبَل سياسيين أو شخصيات أمنية، وإن الهدف من الهجوم هو إظهار استعراض قوة من إيران في إقليم كردستان الذي بات قبلة لهجمات من الجماعات المحسوبة عليها، وخاصة مطار أربيل، بزعم استهداف القوات الأميركية.

ونفى مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي الثلاثاء ادعاءات استهداف “مقر للموساد (الإسرائيلي)”، خلال القصف الإيراني الذي استهدف مدينة أربيل شمال البلاد.

وقال الأعرجي في تغريدة عبر منصة إكس “اطّلعنا ميدانيّا وبرفقة أعضاء اللجنة التحقيقية على منزل رجل الأعمال المستهدف في أربيل، وتبين أن الادعاءات التي تتحدث عن استهداف مقر للموساد لا أساس لها”.

وقال مشعان الجبوري العضو السابق في البرلمان العراقي، والذي كان يقوم مؤخرا ببناء منزل بالقرب من منزل دزايي، إن رجل الأعمال الكردي، الذي يعرفه منذ 20 عاما، لم يكن منخرطا في السياسة ولم تكن له أي صلة بالأحزاب أو الموساد.

وأعلن الحرس الثوري ليل الاثنين – الثلاثاء أنه استهدف بصواريخ باليستية “مقرات تجسس وتجمع الجماعات الإرهابية المناهضة لإيران في المنطقة”، مؤكدا تدمير “مقر لجهاز الموساد الصهيوني” في إقليم كردستان، وتجمعات لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.

وأكد الحرس أن هذه الضربات أتت ردًّا على هجمات مباشرة وغير مباشرة طالت الجمهورية الإسلامية في الآونة الأخيرة، وخاصة عمليات الاغتيال المنسوبة إلى إسرائيل والتي أدت إلى مقتل شخصيات بارزة في “محور المقاومة” الذي تقوده طهران، وكان آخر ذلك مقتل القيادي في الحرس الثوري رضي موسوي في هجوم إسرائيلي على أهداف في سوريا، ثم القيادي في حركة حماس صالح العاروري في لبنان.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن بلاده “لن تتردد في استخدام حقها المشروع للتعامل الرادع مع مصادر تهديد الأمن القومي والدفاع عن أمن مواطنيها”، وأن الهجوم يأتي في إطار “العقاب العادل” ضد “المعتدين على أمن البلاد”.

ويرى محللون أن استهداف إقليم كردستان بدل مهاجمة مواقع وأهداف إسرائيلية يخفي عجزا واضحا من طهران التي تعودت على تكليف وكلاء بالاشتباك مع إسرائيل دون أن تقوى هي نفسها على تنفيذ أي رد مباشر.

وقال مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية علي واعظ “كان ثمة قدر هائل من الضغط على القيادة في طهران لاستعراض عضلاتها ردا على سلسلة من النكسات التي منيت بها في الأسابيع الماضية”. وأضاف “هذا استعراض قوة بهدفين مزدوجين هما إرضاء القاعدة الأساسية (المؤيدة) في الداخل، والبقاء تحت سقف تصعيد التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل”.

وأدان رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني “الاعتداء الجبان”، داعيًا الحكومة الاتحادية العراقية إلى “اتخاذ موقف مبدئي ضد الانتهاك الصارخ لسيادة العراق وإقليم كردستان”.

وحذر رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني من أن “لصبرنا حدودا”، في إشارة إلى أن الإقليم لن يسكت على الاستهداف.

وقال إن أربيل تعرضت منذ عام 2020 للعشرات من الهجمات الصاروخية وبطائرات مسيرة من قبل الحرس الثوري الإيراني والقوى التابعة له، مشددا على أن “الذين نفذوا هجمات أربيل ومن يقفون وراء هذه الجريمة يعلمون جيّدا أن ادعاءاتهم لا أساس لها”.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قوله إن الضربة الإيرانية “عدوان صريح” على العراق وتطور خطير يقوض العلاقات الثنائية القوية. وأضاف السوداني أن العراق يحتفظ بحقه في اتخاذ أي إجراءات دبلوماسية أو قانونية.

وندّدت وزارة الخارجية العراقية في بيان بـ”الاعتداءات” على أربيل عاصمة إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي، واستدعت سفيرها في طهران للتشاور، واعتبرت أن الضربات “عدوان على سيادة العراق وأمن الشعب العراقي”.

ونقلت وزارة الخارجية في بيان على منصة تلغرام أن رئيس الوزراء “قرر تشكيل لجنة برئاسة مستشار الأمن الوطني للتحقيق في الهجوم وجمع المعلومات، لدعم موقف الحكومة دوليا وتقديم الأدلة والمعلومات الدقيقة”.

وسبق أن رد المسؤولون في إقليم كردستان بالنفي على مزاعم تدّعي وجود أنشطة استخبارية إسرائيلية على أراضي الإقليم. وقال نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان الأسبوع الماضي إن الإقليم لن يصبح “مصدر تهديد” لإيران.

وفي أواخر ديسمبر الماضي أكد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان بيشاوا هوراماني أنه لا توجد قواعد إسرائيلية في إقليم كردستان، بعد يوم من ادعاء ميليشيا موالية لإيران أنها ضربت قاعدة إسرائيلية في أربيل بطائرة دون طيار.

وفي مارس 2022 هاجمت إيران أربيل باثني عشر صاروخا باليستيّا، وأصابت منزل رجل أعمال كردي معروف. وأعلن الحرس الثوري الإيراني مسؤوليته عن استهداف “المركز الإستراتيجي للمؤامرة والشر الصهيوني بصاروخ نقطة إلى نقطة”.

وقدمت وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء تعازيها لأسر ضحايا هجوم الحرس الثوري الإيراني على أربيل، مضيفة أنها تدين بشدة الضربات “المتهورة”. وأكد مجلس الأمن القومي الأميركي أنه لم يتم استهداف أي موظف أميركي أو أي منشأة تابعة للولايات المتحدة.

العرب