اخذت العمليات العسكرية التي تقوم بها جماعة الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن ابعاداً سياسية وإقتصادية انعكست على الأوضاع الداخلية في جبهات اليمن المتعددة وعلى صورة الصراعات السياسية القائمة فيه منذ بداية الأحداث التي اندلعت منذ عقد ونيف من الزمن، واعادت هذه العمليات للمشهد اليمني العام الخلاف السياسي والتصعيد العسكري بين كافة أطراف الصراع في الأقاليم اليمنية وشكلت إمكانية للقيام ببعض العمليات العسكرية والتقدم في محاور عديدة لتحقيق بعض الإنجازات الميدانية التي تحقق للأطراف المتسارعة مساحات من النفوذ العسكري مستغلين ما يجري من أحداث ومواجهات قائمة في البحر الأحمر والتبعيات التي ساهمت في توجيه العديد من الضربات الأمريكية البريطانية نحو المقرات والمواقع العسكرية التابعة للحوثيين، وهذا ما أدى إلى فكرة القيام ببعض التحركات الميدانية في المحافظات المهمة والتي اختارها الحوثيين كهدف مرحلي يتمكن من خلاله توسيع دائرة تواجده تأثيره في القرار السياسي اليمني المستقبلي.
وهذا ما حصل في محاولة تقدم مجاميع من مقاتلي الحوثيين عبر محافظة البيضاء الواقعة تحت سيطرتهم باتجاه محافظة شبوة ومدينة أبين التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وعبر السلسلة المتاخمة لمدينة مأرب وتحديداً في منطقة بيحان، ثم بدأت مجاميع الحوثيين بالحشد في مناطق مهمة عبر وادي منسم وعفار، وهذا ما رصدته قوة دفاع شبوة المتواجدة في منطقة مرخة، وغاية الحوثيين هو تحقيق انجاز عسكري والسيطرة على شبوة مستغلين حالة التأزم الاجتماعي والأزمة الاقتصادية التي يمر بها أبناء محافظة شبوة بنقص في مادة الوقود وارتفاع في اسعار المواد الغذائية واتساع الاحتجاجات الشعبية، مما يسهل مهمة الحوثيين للتقدم وتحقيق أهدافهم والسيطرة على مدن واقضية مهمة تضاف لمساحة تواجدهم في العاصمة صنعاء، كما وانهم يرون في منطقة مرخا أرضاً خصبة لهم ومؤبدة لسياستهم و التي يمكن خلالها تحقيق الهدف الاستراتيجي بالسيطرة على الطريق الرئيسي بين منطقة بيحان وعتق ومنع وصول فيلق العمالقة التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي عبر انشاء الحواجز ومهاجمته من عدة محاور ومنته من الوصول إليهم لكي يتم السيطرة على انبوب النفط الممتد َن منطقتي بلفاح وصولاً إلى عتق لتزيد من المشاكل والأزمات التي يعاني منها المجلس الانتقالي.
وإذا ما تحقق الهدف الميداني للحوثيين في ظل الخلافات القائمة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي على هذه المناطق المهمة والتي تتمتع بوجود النفط والغاز فمن الممكن أن يتحول القتال بين هذه الأطراف الي إمكانية استغلالها من قبل تنظيم القاعدة الذي يتواجد تأثير واضح في منطقة شبوة في ظل ظروف قائمة تشهدها منطقة البحر الأحمر، ولكي يستمر دور الحوثي في خلق الأزمات والتوترات في المنطقة فإنهم بدأوا استغلال الأوضاع القائمة في قطاع غزة وصعدوا من عملية التحشيد لعناصرهم، لارسالهم للقتال في الأراضي الفلسطينية دعمًا للمجهود الحربي وحسب ادعائهم، وهم يدركون صعوبة وصول مقاتيلهم إلى قطاع غزة ان كان عبر البحر الأحمر او عبر الأراضي الإيرانية وبعدها عن قطاع غزة إلا أن الغاية الأساسية من هذه التحشدات والتدريبات التي تم رصدها في مدن حجة وصعدة وصنعاء إنما هي رسائل مباشرة للحكومة الشرعية اليمنية تثبت فيها امكانياتهم القتالية والرغبة في إشعال حالة التوتر مع المملكة العربية السعودية مرة أخرى لقرب التدريبات من الحدود المشتركة مع السعودية والثبات قدرتهم على اللعب المكشوف وتحقيق الغايات والأهداف المشتركة التي يسعى إليها النظام الإيراني الخليف الاستراتيجي لهم في التواجد والتأثير عبر البحر الأحمر وخليج عدن.
وهذه التطورات تساهم في الإسراع بإعلان الأقاليم السياسية وتفكيك دولة اليمن وليبتعد المتصارعون السياسيون عن أي مواجهات قادمة بفعل التأثيرات الحاصلة في المنطقة، وهذا ما يسعى اليه المجلس الانتقالي بالإعلان عن قيام جمهورية حضر موت العربية وفك الارتباط مع الشمال اليمني وتنفيذ بنود الميثاق الوطني الجنوبي الذي أعلنته رئيس الجمعية الوطنية في المجلس الانتقالي أحمد بن بريك،ولتكون عاصمتها مدينة شبوة التي تتميز باطلالتها على بحر العرب وخليج عدن وتتمتع بسهل ساحلي طوله 350 كم وبموقعها في الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية.
ولديها الإمكانيات الاقتصادية من النفط والغاز وتمتلك موانئ للتصدير، ولها مدنها الرئيسية التي تتمتع بمزايا إقتصادية وثقافية وعلمية ( المكلا والشحر وشيام حضر موت والديس الشرقي والحامي) وتبلغ مساحة العاصمة شبوة 190،000 كم مربع وعد سكانها 930 الف نسمة وفيها مطار وميناء المكلا وهوثادث أكبر ميناء في اليمن.
هذه الإمكانيات المادية والثروات الطبيعية تساهم في التمسك بإعلان الإقليم او الجمهورية المتحدة بعد الأزمات السياسية التي تمر بها الحكومة الشرعية اليمنية والأزمات والأحداث القائمة في البحر الأحمر والنوايا التي ما لبث الحوثيين ان بتمسكوا بها في استغلال الظروف للتقدم والنفوذ.
تبقى قيمة الحفاظ على الدولة اليمنية بشرعيتها وجيشها الوطني عبر التلاحم ونبذ الخلافات وإمكانية العودة لتحقيق أهداف الشعب اليمني في الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي الرصين.
وحدة الدراسات العربية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية