تصريحات وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون هذا الأسبوع التي قال فيها إن دولته وحلفاءها “سيفكرون بالاعتراف بدولة فلسطينية كجزء من خطوة دبلوماسية تسفر عن تقدم لا مرد له نحو حل الدولتين” هي إعلان دبلوماسي مهم، ونأمل بأن يسند لفعل دبلوماسي. على حد قوله، فإن “الخطوة الأهم هي إعطاء الشعب الفلسطيني أفقاً سياسياً”، ولبريطانيا مسؤولية “البدء في البحث في كيفية ما تبدو عليه الدولة الفلسطينية: مم تتشكل وكيف تدار؟ وعندما يحصل هذا، فسنبدأ وحلفاءنا بالتفكير في الاعتراف بدولة فلسطينية، بما في ذلك التصويت في الأمم المتحدة. اعتراف كهذا سيكون أحد الأمور التي تساعد على جعل المسيرة حتمية”.
تعبر هذه الأقوال عن نهج مشابه لذاك الذي نشأ عن إعلان رئيس الولايات المتحدة جو بايدن بعد نحو أسبوعين من مذبحة 7 أكتوبر. فقد صرح قائلاً إن “إسرائيل والفلسطينيين لن يعودوا إلى الوضع الراهن الذي كان قبل 7 أكتوبر”، وأضاف بأنه في نهاية الأزمة، ثمة حاجة للسعي إلى حل الدولتين. والمعنى أن كل الأطراف، إسرائيليين، فلسطينيين، إقليميين آخرين، سيكونون مستعدين للتركيز على التحرك نحو السلام”.
تدفع إدارة بايدن منذئذ قدماً بخطة لإقامة دولة فلسطينية مجردة من السلاح في إطار تطبيع مع السعودية وخطة لإعمار قطاع غزة بقيادةالسعودية وأربع دول عربية. وقد تحدث بايدن مع رئيس الوزراء نتنياهو وضغط عليه ليوافق على إقامة دولة فلسطينية بعد الحرب. غير أن بايدن يعرف أن أمراً من كل هذا لن يحصل تحت زعيم فاشل، كذاب، عديم الرؤية، ربط مصيره السياسي بالكهانيين مؤيدي الترحيل. بخلاف الضجيج من جانب الحزب المحافظ في بريطانيا، وبموجبه، يدور الحديث عن إعطاء جائزة لحماس، واعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية، تدفع قدماً بحل الدولتين، لكنه النقيض التام لما تريده حماس. حماس لا تريد تسوية إقليمية ولا حل الدولتين، لأنها غير مستعدة للاعتراف بدولة فلسطين. كل خطوة يقوم بها العالم نحو حل الدولتين هي جائزة للمعتدلين وعقوبة للمتطرفين.
يبدو أن بريطانيا والولايات المتحدة تفهمان بأنه لا يمكن العودة إلى الوراء لجر رجل دبلوماسية للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. الطرفان بحاجة إلى دفعة دولية كي يتغلبا على اعتراضات التسوية. الرفض السياسي من جانب نتنياهو تفجر في وجهه في 7 أكتوبر؛ رغم هذا فإنه وحكومته المتطرفة لا يبديان بوادر صحوة سياسية. في ضوء هذا، فإن الاعتراف بدولة فلسطينية بغير المفاوضات هو ضرورة اللحظة.