دخلت أزمة اختيار رئيس البرلمان العراقي بعد إقالة محمد الحلبوسي (في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بقرار من المحكمة الاتحادية العليا)، شهرها الثالث، من دون تمكن الكتل النيابية والأحزاب السياسية من التوصل إلى أي تفاهمات بشأن اختيار مرشح توافقي للمنصب، بسبب استمرار الصراع حوله بين القوى السُنية التي جرى عرف المحاصصة الطائفي المعمول به في البلاد منذ الغزو الأميركي، أن يكون المنصب من نصيبها.
إخفاق متواصل في اختيار رئيس البرلمان العراقي
وأخفق البرلمان العراقي خلال الفترة الماضية، في أربع جلسات حدّدها مسبقاً باختيار رئيس له، حيث تواصل الكتل العربية السُنّية الثلاث، “تقدم” و”السيادة” و”العزم”، التمسك بمرشحيها، وهم كل من شعلان الكريم، سالم العيساوي، ومحمود المشهداني.
ويُدير التحالف الحاكم في العراق، “الإطار التنسيقي”، البرلمان في الوقت الحالي فعلياً، من خلال محسن المندلاوي، النائب الأول لرئيس البرلمان، عبر الوكالة، وهو سبب آخر يدفع خصوم التحالف لاعتبار أن تأخير حسم أزمة اختيار رئيس البرلمان الجديد، يصب في صالح قوى “الإطار التنسيقي”.
محمد العلوي: المنصب استحقاق انتخابي لكتلة “تقدم”، وننتظر رأي المحكمة العليا
العضو البارز في حزب “تقدم”، محمد العلوي، قال لـ”العربي الجديد”، إنه لغاية الآن، لا توجد أي تفاهمات على منصب رئيس البرلمان العراقي، لافتاً إلى أن الأيام الأخيرة الماضية لم تشهد أي حوارات بسبب الانشغال بملف تسمية الحكومات المحلية.
الإطار التنسيقي (تويتر)
تقارير عربية
العراق: تشكيل الحكومات المحلية يكشف حجم الخلافات داخل “التنسيقي”
وأكد العلوي أن حزبه ما زال مصرّاً على مرشحه، شعلان الكريم، وأن “هذا المنصب استحقاق انتخابي لنا، نظراً لما نملكه من أغلبية أعضاء مجلس النواب من المكون السُنّي، وعلى الجميع احترام ذلك”. ورأى أن “سلب تقدم استحقاقهم، قد تكون له تداعيات على مستقبل الاستحقاقات الانتخابية لجميع الكتل والأحزاب في المستقبل”، على حدّ قوله.
وأضاف العضو في “تقدم”، أن “القوى السياسية ما زالت تنتظر ما سيصدر من المحكمة الاتحادية العليا، بشأن آخر جلسة لانتخاب رئيس البرلمان وكذلك الشكوى المقدمة ضد مرشحنا للرئاسة، فربما قرار المحكمة سيكون مساعداً لحلّ هذه الأزمة والخروج من حالة الانسداد التي وصلت إليها الأطراف السياسية”.
وتسلمت المحكمة الاتحادية العليا، الشهر الماضي، دعوى ببطلان ترشيح شعلان الكريم لمنصب رئيس البرلمان العراقي، على خلفية انتشار شريط فيديو سابق له، اعتبر من قبل أطراف سياسية بأنه “تمجيد” للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهي تهمة في حال ثبوتها تعني رفع الحصانة عنه وإحالته للقضاء وفقاً للقانون المعمول به عراقياً والمعروف باسم “اجتثاث البعث”. وقدّم الدعوى يومها النائبان يوسف الكلابي وفالح الخزعلي، وتضمنت طلباً بإصدار أمر ولائي بإيقاف جلسة الانتخاب لحين حسم الدعوى.
ماهر جودة: الطرف السنّي منقسم بين من يريد الحلبوسي، ومن يريد القضاء على ما تبقى من مستقبل الأخير السياسي
وبعد ذلك قدّم النائب عن حزب “تقدم “هيبت الحلبوسي، دعوى قضائية بشأن “خروقات ومخالفات” حصلت خلال جلسة مجلس النواب، ومن المرتقب أن تصدر المحكمة قرارها بشأن هذه الشكاوى خلال الأيام المقبلة.
أزمة رئيس البرلمان العراقي قد تطول
النائب عن تحالف “الإطار التنسيقي” الحاكم في العراق، عارف الحمامي، تحدث لـ”العربي الجديد”، عن أن “الخلافات بشأن انتخاب رئيس جديد للبرلمان، لا علاقة لها بملف تشكيل الحكومات المحلية، لكن ما يعرقل حسم هذا الملف عدم وجود تفاهمات بين جميع القوى السياسية على مرشح لهذا المنصب”.
وبيّن الحمامي أن “المفاوضات توقفت خلال الفترة الماضية، بسبب الخلافات وتمسك كل جهة بموقفها، مع وجود شكوى لدى المحكمة الاتحادية حول أبرز المرشحين للمنصب، شعلان الكريم، ولا يمكن اتخاذ قرار سياسي في ظل عدم حسم المحكمة للشكوى”.
واعتبر الحمامي أن الأزمة “تتفاقم مع استمرار تأخر حسمها، بسبب استمرار الصراع بين الأطراف السياسية السُنّية وعدم اتفاقهم على مرشح واحد أو حتى مرشح تسوية، وهذا الأمر دفعنا إلى الوصول لمرحلة الانسداد مع توقف كل الحوارات في الوقت الحاضر، ونتوقع أن هذه الأزمة ستطول أكثر ولا حلول قريبة لها”.
من جهته، رأى المحلل السياسي ماهر جودة، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “هناك تعمدا سياسيا بتأخير حسم اختيار رئيس البرلمان العراقي الجديد، وهذا الأمر متخذ من قبل أطراف سياسية سُنّية وشيعية، ولهذا فإن الأزمة ستطول وتدخل مرحلة الانسداد، كما حصل سابقاً بعملية تشكيل الحكومة”.
وبيّن جودة أن “الطرف الشيعي يريد بقاء منصب رئيس البرلمان في يده لأطول فترة ممكنة، حتى يستطيع تمرير ما يريده من القوانين والقرارات النيابية من دون أي اعتراض، أما الطرف السُني فهو من لا يريد أي رئيس جديد غير الحلبوسي، خشية من قيام هذا الرئيس بالاستحواذ على ما بناه الحلبوسي من نفوذ سياسي وبرلماني، فيما طرف سُنّي آخر يريد العمل بشكل حقيقي على القضاء على ما تبقى من مستقبل سياسي للحلبوسي، ولهذا فإن الصراع محتدم جداً ويصعب حلّه”.
ولفت المحلّل السياسي إلى أن “دخول العامل الخارجي لحل هذه الأزمة إذا ما طالت كثيراً وتعمقت وأثرّت بشكل كبير على الاستقرار السياسي، ربما سيدفع الكتل والأحزاب نحو حل الأزمة من خلال طرح مرشح تسوية، بعيداً عن كل الأسماء المرشحة حالياً، والتي نعتقد بوجود صعوبة في تمرير أي منها”.
وقضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، في 14 نوفمبر الماضي، بإنهاء عضوية الحلبوسي من البرلمان، على خلفية دعوى قضائية كان رفعها أحد البرلمانيين واتهمه فيها بتزوير استقالته من البرلمان، بهدف ممارسة ضغوط عليه. ومنذ ذلك الوقت اندلعت خلافات ما بين القوى السياسية المختلفة بشأن اختيار بديل للحلبوسي.