ورقة نقدية تزيد من شق الصفوف بين شرق ليبيا وغربها

ورقة نقدية تزيد من شق الصفوف بين شرق ليبيا وغربها

طرابلس – لا يزال الجدال يحتدم في ليبيا بسبب أزمة الورقة النقدية ذات الخمسين دينارا التي انطلق المصرف المركزي في سحبها من الأسواق، فيما نفت السفارة الروسية لدى ليبيا ما تردد من أنباء بشأن وجود مطبعة روسية بمزرعة في ضواحي مدينة بنغازي، لتزوير عملات ليبية فئة الـ50 دينارا.

ورأت السفارة هذه الأنباء أكاذيب تهدف إلى تغيير وجهة نظر وأفكار الشعب الليبي عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء ارتفاع سعر الدولار المفاجئ، واعتبرت أن من نشر هذه الشائعات يسعى إلى إثارة الفتنة وتعميق الصدّ بين الليبيين، على حد وصفها.

وجاء الموقف الروسي بعد محاولات بعض الأطراف الموالية لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة، الربط بين مشكلة ورقة الخمسين دينارا وإقدام سلطات المنطقة الشرقية في العام 2016 على طبع مبالغ مالية في موسكو لتجاوز الأزمة المالية التي كانت تمر بها نتيجة الانقسام الحكومي والسياسي.

وشهدت ليبيا خلال الأيام الماضية لغطا كبيرا، بعدما أظهرت مراسلات متداولة بين مصرف ليبيا المركزي وجهات تنفيذية وتشريعية نيته سحب عملة الخمسين دينارا من السوق، بعد رصد أوراق مزورة منها في الآونة الأخيرة.

وأرجع محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير أسباب الشروع في دراسة قرار سحب الورقة النقدية إلى ثلاثة أسباب، وهي تخوف المصرف من “ارتفاع معدلات التزوير فيها واستمرارها، واتساع نطاق تداولها وتعذُّر تمييزها من قبل المواطنين، واعتبار فئة الخمسين دينارا عملة اكتناز غير متداولة بين عامة الناس في المعاملات اليومية، وتستخدم في بعض الأنشطة غير المشروعة قانونا”.

هناك خوف من أن تتسبب ورقة الـ50 دينارا في مشاكل مالية، نظرا لأنها تذهب إلى خزائن المهربين والمحتكرين

وأكد المصرف أن الورقة في هذه الأوضاع “تحدث ضررا جسيما في الاقتصاد وتؤثر على سعر صرف الدينار الليبي”، مشيرا إلى وجود ثلاث فئات من الخمسين دينارا يجري تداولها في السوق، فئة صادرة عن المركزي في طرابلس، وفئة ثانية صادرة عن المركزي في بنغازي، وأخرى ثالثة مجهولة المصدر تخضع الآن لإجراءات تحقيق النائب العام.

وبحسب مراقبين، فإن هناك خوفا من أن تتسبب ورقة الـ50 دينارا في المزيد من المشاكل المالية، نظرا لأنها كثيرا ما تذهب إلى خزائن المهربين والمحتكرين ممن ينشطون من خارج دائرة الاقتصاد الرسمي، وذلك بسبب سهولة تخزينها.

ويشير المراقبون إلى أن أزمة الورقة النقدية المذكورة يمكن أن تؤدي إلى المزيد من شق الصف بين غرب وشرق ليبيا في ظل محاولات كل طرف تحميل المسؤولية للطرف المقابل.

واعتبر وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة الليبية المؤقتة السابقة حسن الصغير، أن سحب العملة الورقية من فئة 50 دينارا يأتي للتضييق على الحكومة الليبية.

وقال “إن محافظ المركزي الصديق الكبير يقر بأن أحد إصدارات فئة الخمسين دينارا صادر عنهم في طرابلس، وهو من أصدرها ويأتي الآن ليقول لليبيين بأن فئة الخمسين دينارا ليس لها لزوم، ويدعي أنها ورقة نقدية للمجرمين ومبيضي الأموال”.

وتساءل الصغير “إذا كان الحال كذلك فهل كان الكبير يدعم المجرمين ومبيضي الأموال عندما قرر إصدارها والآن قرر التوبة والتوقف عن الإجرام”، مردفا “برأيي السبب بسيط، والهدف من القرار هو تضييق الصرف على المشروعات تحت إشراف الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد”، مشددا على أن “هذه الفئة تحديدا أكثر تداولا لدى الحكومة الليبية، والهدف هو إضعاف الخمسين دينارا في معاملات التداول”، وفق تقديره.

الحكومة طمأنت جميع مواطنيها بأن جميع فئات العملة الليبية قابلة للتداول بشكل طبيعي سواء بين الأفراد أو المؤسسات المصرفية أو الجهات العامة

وكانت الحكومة المكلفة من مجلس النواب قالت إن رفض بعض المحال والمراكز التجارية قبول العملة الليبية فئة 50 دينارا من المواطنين أمر يجرمه القانون، ويؤثر على الاقتصاد الوطني.

وجاء ذلك بعد ما وصفته بحالة “اللغط والتخبط ” التي سادت بين الناس في ما يخص تداول الورقة النقدية المذكورة، وأرجعت تلك الحالة إلى “الكتاب الموجه من محافظ مصرف ليبيا المركزي إلى أعضاء اللجنة المالية بمجلس النواب، ويشير فيه إلى دراسة عملية سحب فئة الخمسين دينارا بمختلف إصداراتها من التداول”.

وأوضحت الحكومة أن “قرار إصدار فئات العملة وسحبها من التداول” يجري وفق تشريعات نافذة، وقانون المصارف من اختصاص محافظ المصرف المركزي ونائبه، “ولا بد أن يصدر بموافقتهما” ويسبق تنفيذه “تنبيه وفترة زمنية لا تقل عن ستة أشهر حتى تسحب العملة نهائيا من التداول، وهذا لم يحصل”.

وأضافت أن “المعلومات المتداولة بين المواطنين حاليا ليس لها أساس قانوني أو إجرائي وفقا للتشريعات النافذة، ورفض العملة المتداولة قانونا يعد جريمة يعاقب عليها بموجب قانون العقوبات الليبي، ويؤثر في الاقتصاد الوطني والتداول التجاري بين الناس، خاصة وأننا على أعتاب شهر رمضان”.

وطمأنت الحكومة جميع مواطنيها بأن جميع فئات العملة الليبية قابلة للتداول بشكل طبيعي سواء بين الأفراد أو المؤسسات المصرفية أو الجهات العامة.

ومن جانبها، شددت وزارة الداخلية في الحكومة الليبية على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال رفض المحلات والمراكز التجارية قبول العملة الليبية من فئة الـ50 دينارا من المواطنين.

وطالبت الوزارة جميع الأجهزة والإدارات ومديريات الأمن التابعة لوزارة الداخلية بضرورة اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة ضد أصحاب المحلات والمراكز التجارية والأسواق العامة الذين يرفضون قبولها.

العرب