لماذا يريد نتنياهو إفشال وقف إطلاق النار؟

لماذا يريد نتنياهو إفشال وقف إطلاق النار؟

بعد مفاوضات مكوكية من الدوحة إلى باريس فالقاهرة، قالت واشنطن إن الاتفاق صار جاهزا وأن الأمر يتعلّق بموافقة «حماس».
حركة المقاومة الفلسطينية ردّت على ذلك بالقول إن الإدارة الأمريكية لا تضغط على إسرائيل، وغادر وفدها، حسب تصريح لـ«القدس العربي» القاهرة، وهو ما يعني أنها قدّمت ردّها الأخير (رغم حديث وسائل إعلام عن استمرار المفاوضات).
ظهر خلال اللقاءات أن «حماس» طلبت وقف القتال لمدة 135 يوما على ثلاث مراحل من 45 يوما متعهدة بإطلاق سراح 100 من المحتجزين الأحياء ونحو 30 جثة، مقابل إطلاق إسرائيل جزءا من الثمانية آلاف أسير فلسطيني في سجونها وانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق المأهولة في المرحلة الأولى من الهدنة، ثم الانسحاب الكامل من القطاع بأكمله في المرحلة الثالثة.
رفض نتنياهو هذه المقترحات مهددا باجتياح باقي القطاع، كما رفض أي اتفاق لوقف النار يجبر القوات الإسرائيلية على الانسحاب من غزة قبل «النصر النهائي».
شاركت في مفاوضات القاهرة وفود عربية بهدف دفع المفاوضات نحو صفقة سلام إقليمية، وهو ما واجهه نتنياهو بإعلان رفض «أي ضغوط خارجية تمنع من شن الهجوم البري على رفح» فانحسرت المفاوضات، مجددا، نحو الشروط الدنيا لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والمحتجزين الإسرائيليين.
خلال فترة المفاوضات قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بخطوات يكفي كل واحد منهما لإفشال الصفقة.
تمثلت الخطوة الأولى بإعلان نتنياهو خطّته لما سماه بـ«اليوم التالي» والتي تتضمن نزع سلاح قطاع غزة بالكامل، والسيطرة على الحدود مع مصر، وتسليم إدارة القطاع لعناصر من العشائر، و«اجتثاث التطرف» في كافة المؤسسات، وإغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ورفض الدولة الفلسطينية.
الخطوة الثانية كانت اعتقال إسرائيل 13 من الأسرى الذين أطلقتهم في اتفاق وقف إطلاق النار السابق.
والخطوة الثالثة كانت إعلان تل أبيب، أمس الأربعاء، المصادقة على بناء 3500 وحدة استيطانية في الضفة الغربية.
ما تظهره هذه الوقائع، بداية، كذب حديث الإدارة الأمريكية عن أن القرار متعلّق بـ«حماس» فهو أمر يكشف عدم مصداقيته قيام نتنياهو بكل ما في وسعه لإفشال المفاوضات من الداخل والخارج.
تكشف هذه الشواهد، في الحقيقة، عن مجمل المسار السياسي لنتنياهو، والذي بنى مجده على معارضة السلام، والاتفاقات الدولية التي جرت على خلفيته، وفي صلب ذلك رفضه التام لنشوء دولة فلسطينية، وتأييده لخطط الاستيطان الإسرائيلي والتطهير العرقي للفلسطينيين.
يتجاهل نتنياهو، بكل صلافة وغطرسة مطالب حلفائه الأمريكيين والأوروبيين (والعرب) وسنده في ذلك أن اتفاقيات ابراهام قدمت له التطبيع العربي مجانا ومن دون أي تنازلات للفلسطينيين، فلماذا يقبل الآن، وبعد أن سنحت له الفرصة التاريخية لإطلاق جنوده ومستوطنيه على الفلسطينيين؟